الإستعمار يهدد الدولة

الإستعمار يهدد الدولة
نبض الحياة 

الإستعمار يهدد الدولة 

عمر حلمي الغول 

يبدو ونحن نتحدث عن الإستعمار الإسرائيلي، كأننا نتحدث عن موضوع ممل، لاسيما وان الشعب العربي الفلسطيني المتجذر في أرض دولته الفلسطينية المحتلة منذ الخامس من حزيران 1967 يعيش معالم جريمة الحرب على مدار الساعة، لإنه ينهش الأرض والمصالح الوطنية بشكل سرطاني، ويقتل بشكل تدريجي روح الحياة في الدولة والسلام على حد سواء، ويقطع الطريق على اية جهود دولية عموما وأميركية خصوصا لبعث الأمل في بلوغ الصفقة التاريخية الموعودة، التي لم ترَ النور حتى الآن، وهو ما يضاعف من الإنزلاق بشكل متسارع إلى متاهات إرهاب الدولة الإسرائيلية المنظم، وفتح الأبواب على مصاريعها نحو دوامة العنف والفوضى، وخيارات لا تحمد عقباها. غير ان جريمة الحرب الإستعمارية تتطلب متابعة حثيثة لفضح وتعرية الوجه القبيح والخطير للسياسات والمشاريع الإسرائيلية، ولتذكير العالم بمسؤولياته تجاه الدفع قدما بضرورة وقف التغول الإسرائيلي اولا، وإجلاء الإحتلال الإسرائيلي عن ارض الدولة الفلسطينية المحتلة كليا ثانيا، وتأمين إستقلالها وسيادتها على ارضها ثالثا، وحماية السلم الإقليمي والعالمي رابعا. 

 مجددا يعود نتنياهو لخيار حكومته الإستعمارية القديم لفصل القدس العاصمة الفلسطينية عن باقي الضفة وحدود الدولة عبر القرار بهدم مساكن وخيام المواطنين الفلسطينيين في المناطق البدوية المطلة على القدس المحتلة، واصفا هذة التجمعات بأنها "بؤر غير قانونية". جاء ذلك في نهاية جلسة عقدت مساء الخميس الماضي مع ممثلين عما يسمى "منتدى غلاف القدس" اليميني و"المجلس الإقليمي لمستوطني ماطية بنيامين. ويهدف الطرد الجماعي للتجمعات البدوية المحيطة بالقدس، التي تقع بين مستوطنتي "معالية أدوميم" و"منسية يريحو" بالقرب من شارع رقم "1" بإتجاه البحر الميت لتعزيز الإستيطان الإستعماري وتنفيذ المخطط المسمى "إي 1"، الذي يقضي على الربط والتواصل الكلي للقدس المحتلة عن أراضي الدولة الفلسطينية. 

وهو ما أكدته صحيفة "يديعوت أحرنوت"، التي قالت أن القرار جاء بإخلاء كافة سكان التجمعات البدوية، ونقلهم إلى مدينة أريحا وحي أبو ديس المقدسي لإفساح المجال لها لتعميق البناء الإستيطاني على أنقاض تلك التجمعات وربط مستعمرة "معالية أدوميم" بالقدس، وبالتالي فصلها عن كل إمتداد فلسطيني. وهذا المشروع كان جو بايدن، نائب الرئيس الأميركي السابق طالب بإيقافه عام 2014، فضلا عن الإنتقادات الدولية كونها تفصل بشكل كامل جنوب الضفة الفلسطينية عن شمالها، وتمنع تواصل أراضي دولة فلسطين المحتلة، ليس هذا فحسب، انما تحول دون إستقلالها وسيادتها على اراضيها. 

إذا تسليط الضوء على جريمة الحرب الإسرائيلية الجديدة، لا تندرج في إطار التذكير بمشاريع الإستيطان الإستعماري الجارية على قدم وساق في أراضي دولة فلسطين المحتلة، بل لإنها محطة نوعية في مشروع الإستعمار الإستراتيجي للدولة الإسرائيلية. الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي عموما والولايات المتحدة خصوصا إتخاذ ما يلزم من إجراءات وخطوات جدية ترقى لمستوى المسؤولية التاريخية تجاه عملية السلام. وعلى إدارة ترامب اولا وقبل اي طرف دولي الإعلان بشكل حازم وقاطع عن رفض قرار رئيس الحكومة الإسرائيلية الخطير، ومطالبتها بوقف كل أشكال البناء الإستعماري في أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، والتخلي عن سياستها الخاطئة المعلنة والقائلة "أن الإستيطان الإستعماري الإسرائيلي لا يعيق عملية السلام والتفاوض". لإن هذة السياسة تؤدي لنتائج وخيمة ومدمرة للتسوية السياسية. ولم يعد هناك متسع من الوقت لطرح ما يسمى الصفقة الأميركية للسلام، فإن كانت إدارة ترامب جادة فعلا في إنجاز التسوية التاريخية للصراع، عليها ان تبادر لطرحها دون مماطلة او تلكؤ، لإن الإسراف في الوقت يعني يسمح لحكومة الإئتلاف اليميني المتطرف الإسرائيلية بمواصلة وتكريس خيارها الإستعماري على حساب دولة فلسطين المحتلة والسلام في آن، فهل يحسم الرئيس ترامب أمره، ويطالب فريقه المكلف بالمف بالكف عن إضاعة الوقت؟ لاسيما وأن ملامح التسوية السياسية باتت منذ زمن بعيد واضحة ومحددة المعالم، ولا داعي لإهدار مزيد من الوقت. الكرة في الملعب الأميركي أولا وثانيا .... وعاشرا.

[email protected]

[email protected]        

التعليقات