سليمان: وعد بلفور والنكبة هما ثمرة التحالف بين الصهيونية والإمبريالية

سليمان: وعد بلفور والنكبة هما ثمرة التحالف بين الصهيونية والإمبريالية
رام الله - دنيا الوطن
بدعوة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وفي الذكرى المئوية لوعد  بلفور وتحت شعار: "بالوحدة والمقاومة، نفرض الاعتذار ونحقق الانتصار" نظمت ورشة عمل بحثية في قاعة الشهيد القائد أبو عدنان قيس في مخيم مار الياس بحضور حشد من ممثلي الفصائل الفلسطينية والأحزاب اللبنانية وباحثين وأساتذة جامعات وأعضاء لجان شعبية وناشطين..

البداية كلمة ترحيب من مدير الورشة عضو اللجنة المركزية للجبهة الرفيق اركان بدر الذي اعتبر ان وعد بلفور كان الاشارة الاولى لبدء تحرك العصابات الصهيونية بالتواطؤ مع الانتداب البريطاني وبعض القوى الاستعمارية الاوروبية لاحتلال فلسطين، وهؤلاء جميعا يتحملون كامل المسؤولية عن جريمة العصر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني.

استهل نائب الامين العام للجبهة الديمقراطية الرفيق فهد سليمان مستعرضا الظروف التاريخية لوعد بلفور باعتباره نتيجة لتقاطع مصالح بريطانيا مع المشروع الصهيوني على أرضية الافتراض أن باستيطانه وإرتباطه العضوي بالغرب، إنما يخدم مواقعها الإستراتيجية في فلسطين، في زمن كان الإستعمار الإستيطاني، مشيرا الى بعض الأدوار المساعدة التي لعبت ادوارا هامة في نجاح بريطانيا والحركة الصهيونية في تحقيق اهداف وعد بلفور والذي تمثل لاحقا بإعلان قيام "دولة اسرائيل".

ثم تحدث سفير فلسطين في لبنان اشرف دبور فاعتبر ان المشروع الأساس قبل الانتداب البريطاني كان تقسيم الوطن العربي وجعل منطقتنا جاهلة ومتاخرة حضاريا وثقافيا.. مشيرا الى اننا لو كنا موحدين كفلسطينيين وعربا وعلى قدر من المسؤولية والوعي لما استطاعت قوة في العالم ان تفرض علينا مشاريعها.. لذلك علينا ان نستفيد من تجارب التاريخ لجهة تعزيز وحدتنا الوطنية، فعندما نمتلك الإرادة القوة نستطيع ان نفشل أي مشروع مهما كانت الجهة التي تقف وراءه.

احسان عطايا ممثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين قال: "يجب ان لا نكتفي بمطالبة الحكومة البريطانية فقط بالاعتذار بل يجب ان تكون دعوتنا مقترنة بالتكفير عن خطيئتها التي ارتكبتها باصدارها وعد بلفور وتعاونها مع الحركة الصهيونية والذي كان من نتيجته تهجير شعبنا.. المطلوب اليوم ممارسة كل اشكال النضال لتعرية الحكومة البريطانية وما ارتكبته من جريمة لا زلنا نعيشها حتى اليوم وذلك باستخدام كل ما نملك من اسلحة وفي مقدمتها الاسلحة الإعلامية..

وقال عضو المجلس الثوري لحركة فتح الحاج رفعت شناعة "وعد بلفور هو وعد سياسي واستعماري جاء بنتيجة مصالح مشتركة بين بريطانيا والحركة الصهيونية على حساب الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.. وان هذا الوعد اصبح جزءا من الشرعية الدولية وهنا أساس المشكلة التي اعتمدها صك الانتداب ومن ثم استهداف الشعب الفلسطيني الذي يتجدد بوجود السياسة الامريكية الحالية في دعمها للكيان الإسرائيلي.

الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر الزين اعتبر ان وعد بلفور يتناقض مع القانون الدولي ومع جميع المواثيق الدولية كونه لم يستفت أصحاب الأرض الأصليين وان فلسطين لم تكن يوما لبريطانيا حتى تمنحها لليهود ليقيموا عليهم دولتهم، ومهما حصل فان مرور مئة عام على هذا الوعد لا يغير من هذه الحقيقة بشيء.

عضو المكتب السياسي لجبهة النضال تامر عزيز اعتبر بأن الاستعمار مهد الطريق لوعد بلفور عبر تقسيم الوطن العربي وخلق كيانات مصطنعة.. داعيا الى وحدة حقيقية بين النضال الفلسطيني والعربي وإعادة ترتيب أوضاع منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لكل الشعب الفلسطيني.

النقابي اللبناني علي محي الدين اعتبر بأن توصيف مرحلة وعد بلفور لم تعد تكفي ما لم تقرن بخطط جدية للمواجهة والمطلوب من جميع القوى المعادية للمشاريع الاستعمارية وفي مقدمتها اليسار العربي والفلسطيني وضع معالجات جدية على قاعدة ان جميع القوى مهما اختلفت وتباينت الا ان جميعها تتفق على ان قضية فلسطين هي الأساس الذي يجب ان يتوحد الجميع خلفه ضمن مشروع سياسي واضح..

مسؤول حزب الشعب الفلسطيني أبو فراس أيوب اعتبر ان وعد بلفور هو جريمة كبرى بحق الشعب الفلسطيني. مشيرا الى ان الهدف كان ولا زال طمس الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني ومشددا على ان القيادة الفلسطينية في ذلك الوقت لم تكن على قدر المسؤوليات الوطنية ولم تع طبيعة المخاطر رغم وجود قوى تقدمية دعت الى توجيه النضال باتجاه بريطانيا باعتبارها راس حربة المشروع الصهيوني.

واعتبر الأستاذ في القانون الدولي في الجامعة اللبنانية حسن جوني قال: ان منح أراضي شعوب يخالف القانون الدولي العام كون فلسطين ليست ارضا فقط بل جزءا من السلطنة العثمانية وان خطورة الوعد كونه يتحدث عن اليهود كشعب بينما يتحدث عن الفلسطينيين كطوائف والاهم ان الذي اصدر الوعد هو الدولة الاستعمارية بريطانية وارسلته عبرتصريح وليس معاهدة مكتوبة الى ممثل المجلس اليهودي وهو ليس شخصا من اشخاص القانون الدولي العام..

واعتبر مفوض الثقافة في الحزب التقدمي الاشتراكي فوزي أبو ذياب ان وعد بلفور كان جريمة ليس بالنسبة للشعب الفلسطيني فقط بل لجميع شعوب المنطقة التي قسمت من قبل الاستعمار في اطار مشروع استعماري سهل على الحركة الصهيونية تحقيق مشروعها بإقامة دولة لليهود وفقا لما جاء به وعد بلفور.. ومواجهة تداعيات هذا الوعد هي مهمة جميع الاحرار..

الباحث والمناضل سليمان رياشي ركز على الفقرة التي تحدثت على ان انشاء وطن قومي لليهود يجب ان لا يؤثر على الأوضاع القانونية والسياسية لليهود في البلاد الأخرى، معتبرا ان هذه الفقرة تستحق المزيد من الدرس والنقاش على خلفية الوجود االتاريخي لليهود في أوروبا الغربية وباعتبار ان وعد بلفور لم يكن وعدا بريطانيا فقط بل ساهمت به كل الامبراطوريات الاستعمارية في ذلك الوقت..

الباحث محمود العلي اعتبر بأن وعد بلفور لا يحمل أي شرعية لا قانونية ولا سياسية وان اخطر ما في هذا الوعد هو تبديد الهوية الوطنية وهذا امر لا زالت تحمل رايته الإدارة الامريكية الحالية، مشددا على ان الحركة الصهيونية لا يمكن تقبل بدولة فلسطين في الضفة الغربية (يهوذا والسامرة) ما يعني سقوط ما يسمى بحل الدولتين.. الامر الذي يتطلب اعادة الاعتبار للمشروع الفلسطيني وللكفاح المسلح..

الباحث في مركز الزيتونة باسم القاسم اعتبر انه بعد مرور مئة عام على وعد بلفور هناك الكثير من النقاط المضيئة التي تستحق ان نركز عليها خاصة لجهة الراي العام الأوروبي وحملة المقاطعة لإسرائيل خاصة في ظل تراجع وتيرة الهجرة اليهودية وازدياد حدة التناقضات داخل المجتمع الإسرائيلي..

الباحث والإعلامي سهيل الناطور اعتبر ان وعد بلفور لم يتعاط معنا كشعب موحد بل مجموعات سكانية بما ينسجم مع الاساطير الصهيونية أي ان الهدف منذ البداية هو استهداف الفلسطينيين كأرض وشعب في آن، ولهذا وجب علينا اليوم كحركة وطنية فلسطينية تكريس جهودنا من اجل وحدتنا الوطنية كشعب واحد موحدة وله مشروع سياسي واحد وهيئة تمثيلية واحدة هي منظمة التحرير الفلسطينية..

وختم الرفيق فهد سليمان بمداخلة ختامية قال فيها: "التزم صك الإنتداب الذي جاء في إمتداد وعد بلفور أمام الحركة الصهيونية بالأركان الثلاثة التي تقوم عليها الدولة بمفهومها الحديث: الأرض (فلسطين)، الشعب (اليهودي)، الحكومة (ونواتها الوكالة اليهودية)، بينما حجب هذا الحق عن شعب فلسطين، من بوابة إنكار وجوده كشعب وبحقه في تقرير المصير. وهذا ما لم يكن جليا في وعي القيادة المتنفذة للحركة الوطنية التي تعاطت مع الصهيونية باعتبارها العدو الوحيد وفاتها أن الإحتلال البريطاني هو العدو الأول الذي أدخل الصهيونية إلى البلاد، ولم تدرك أن النكبة الكبرى بدأ العد العكسي لوقوعها مع اليوم الأول للإنتداب؛ وكانت ثمرة تحالف وطيد بين الصهيونية والإمبريالية البريطانية وتواطؤ الإمبرياليات الأخرى.

"كانت على رأس الحركة الوطنية قيادة تقليدية، ضعيفة.. لم تكن أصلاً بمستوى التحدي الإستراتيجي الذي يواجه شعبها، ولم تستوعب ميزان القوى الحقيقي. كما لم تقدِّر بشكل صحيح درجة إهتمام البلدان العربية والمسلمة بالقضية الفلسطينية، وما يمكن أن تقدمه من دعم وإسناد ولم تستوعب ايضا علاقات التبعية بين الحكام العرب والدول الاستعمارية خاصة بريطانيا وفرنسا. لذلك فمن اهم مظاهر فشل هذه القيادة عدم إيلائها الإهتمام مسألة بناء السلطة السياسية (الوطنية) لعدم إدراكها لأهميتها. وبالنتيجة، فإن المشكلة الجوهرية التي واجهت الفلسطينيين كانت فشلهم في إقامة بنى وطنية للإمساك أو للمشاركة بالسلطة السياسية الرسمية في دولة الإنتداب، أو إنشاء بنى بديلة، تقود البلد على طريق الإستقلال.

"حوّلت أنظمة الإنتداب المشرق العربي من كيانات إدارية توحدها سياسياً وسيادياً الإمبراطورية العثمانية، إلى دولة تحت الإحتلال بمسمى الإنتداب. وشقّت هذه الدول، بنضال شعوبها، طريقها نحو الإستقلال، وأزاحت الإنتداب عن كاهلها، لكنها ما زالت تخوض معركة الدفاع عن الدولة الوطنية. وهذا المسار بمحطاته الثلاث: إحتلال/ إنتداب، فاستقلال، ومن ثم بناء (أو إستكمال بناء) الدولة الوطنية، هو مسار مشترك ينطبق على عديد الدول العربية، وليس على دول مشرقنا العربي فحسب. ولا تغيّر التطورات التي نشهدها منذ العام 2011 شيئاً من حقيقة أن مهمة بناء، أو إعادة بناء الدولة الوطنية، هي المهمة المركزية المطروحة على جدول أعمال جميع القوى الحيّة في المجتمع، سوى أن هذه المهمة باتت متداخلة، أكثر من ذي قبل، بمهمة التحرر الوطني.

"تحوَّل وعد بلفور إلى ركن أساسي في العقيدة الصهيونية، وفي السياسة اليومية المشتقة في التعاطي مع الفلسطينيين والعرب وعموم شعوب المنطقة. وما تعرضت له الأراضي العربية بعد النكبة، يشير إلى أن إسرائيل تضع هذه الأراضي في مهداف سياستها العدوانية التوسعية الخ..؛ وهذا ما تؤكده وقائع الإحتلال في الضفة الفلسطينية، والقدس، والجولان، والشريط الجنوبي في لبنان، ما يعني أن فلسطين ليست وحدها في مرحلة تحرر وطني، بل أيضاً عدد من الدول العربية.

"وإذا ما أضفنا إلى العدوانية الإسرائيلية، العدوانية الأميركية المتجددة وسعيها لتوسيع دائرة حضورها العسكري في المنطقة في إطار سياسة تدخلية لم تعد تخفي مراميها.. نصل إلى نتيجة مفادها، أن الدفاع عن الدولة الوطنية التي تقوّضت، أو بالحد الأدنى إهتزت مرتكزاتها في السنوات الأخيرة، بات يقترن بشكل وثيق بالنضال الوطني التحرري، ما يستدعي بدوره التأكيد على ضرورة العمل المشترك بين مختلف المكونات السياسية في المنطقة، رسمية كانت أم شعبية. ولعل هذا من أهم ما يمكن الدعوة إليه في الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم".

التعليقات