العنف وأزمة السيطرة الأبوية
بقلم د.يسر الغريسي حجازي
15.11.2017
العنف وأزمة السيطرة الأبوية
إن تربية الأطفال تكمن في العناية بهم، واحاطتهم بالحنان والدفئ العئلي، ومنحهم شعور الامان الذي يحتاجون إليه. وقد أظهرت العديد من الدراسات التي أعدتها مراكز الطب النفسي, أن إساءة معاملة الأطفال تهدد حياتهم كلها، مما يسبب ضررا حقيقيا لصحتهم العقلية, وبقائهم, ونمائهه, وكرامتهم.
ان الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء أثناء طفولتهم, مهيأون لجميع أنواع العنف، ولا سيما خلال المراحل المختلفة من حياتهم. كما ان اسلوب العنف يرافقهم طوال حياتهم. ليس من الصعب اكتشاف الأطفال الذين يتعرضون للضرب، لأنهم ببساطة يبدون مزعزعون, ويظهرون علامات التمرد, والاستياء. كما ان الإساءة في معاملة الأطفال, تسبب لهم مشاعر انعدام الأمن واحترام الذات. وفي وقت لاحق، سيكون لديهم مرحلة مراهقة مضطربة وعنيفة.
كلما تعرض الطفل لسوء المعاملة الجسدية، كلما يعاني من عدوان نفساني شديد قد يؤدي إلى اضطرابات سلوكية, وإدراكية, وعاطفية شديدة. و تشمل إساءة معاملة الأطفال الضرب المبرح, والركل والوحشي, والضرب بالعصا, واللكم, والصفع, والحرق بالنار, واطعامهم القسري للفلفل الحار الذى هو شكل من أشكال التسمم، مما يعتبر هجوما على سلامة الطفل.
ويمكن ان تكون التهديدات التي يتعرض لها الطفل، مروعة لغاية ما تتسبب في عزله من الناس ، لتجعله يعيش كوابيس أثناء الليل. كما أن مشاكل التبول الاارادي شائع عند الأطفال، الذين يصابون باضطرابات نفسية بسبب العنف. اما الاطفال الفقراء، يتم تخويفهم لاستغلالهم, والتلاعب بهم مثل اجبارهم من اهلهم علي ترك المدرسة وتشغيلهم كبائعين متجولين.
وان لم يتم توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال، مثل وجبات الطعام, والملابس, والنظافة, والرعاية الطبية, والسرير الدافئ، ذلك يعتبر اهمال بالضيط مثل التخلي عن الاحتياجات العاطفية، كالثقة بالنفس، والشعور بالامان. كما ان الأطفال المعتدى عليهم, لديهم علاقات سيئة مع اصدقائهم ، ورفاقهم في الدراسة، وليسو منتظمون في الدوام المدرسي.
وبالإضافة إلى ذلك، إن الأطفال الذين شاهدوا العنف في الأسرة, أو في المجتمع, أو في المدارس, يعانون أيضا من مشاهد العنف، مما يسبب لهم اضطرابات نفسية, و لديهم شعور بالخوف من تكرر مشاهد العنف, وفقدان الثقة بالنفس, بل انها كذلك أيضا إساءة بالنسبة لهم. وتظهر إساءة معاملة الأطفال من خلال تغيير سلوكهم مع من حولهم, مثل الخجل المفرط، والشعور بالذنب، والابتعاد من الناس، و علامات الحزن , والقلق، والرهاب علي وجوههم.
كما ان الأطفال الذين يتم اسائتهم من آبائهم, هم أولئك الذين يهربون من المدرسة، ويجلبون المشاكل, والقتال مع كل من هم في محيطهم. انهم يتميزون بالعصيان، وارتكاب السرقات، وتعاطي المخدرات, أوغيرها من المسكرات.
هناك ضرورة في ان تلعب الحكومة الدور الأبوي الأول، في توفير بيئة مناسبة للأطفال من خلال توفير خدمات رعاية الصحة النفسية، وإدارة الرعاية الاجتماعية في المدارس، وبرامج لمساعدة الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء أو لتعاطي المخدرات، فضلا عن قسم خدمات شرطة الأطفال والأسرة. ويجب على جميع هذه المؤسسات أن تنسق معا, وأن توفر مجموعة دعم للأطفال المعتدى عليهم في داخل اسرهم, في المدارس, والنوادي الاجتماعية.
وفقا لسيسيل ديسفونتينس (2017)، هناك 40 مليون طفل في جميع أنحاء العالم هم ضحايا العنف، كما ان إساءة معاملة الأطفال موجودة في جميع الثقافات والأديان. فبالنسبة لكل 000 100 شخص دون سن 18 سنة، يعاني 334 شخصا من سوء المعاملة الجسدية، ويتعرض 187 منهم للإيذاء من جانب الأسرة، ويتعرض 101 منهم للإيذاء خارج المنزل. فالعنف له أثر ضار على الحالة النفسية لدي الأطفال وعلي نموهمم, ومستقبلهم, وخطر علي عملية التنمية الاجتماعية
وفي كثير من الأحيان، يقوموا الوالدين الذين تعرضوا للضرب خلال طفولتهم, بتكرار نفس الاسلوب المعنفة علي أطفالهم. ومع ذلك، إن معظم الأطفال الذين يتعرضون للضرب يتسربون من المدرسة، ولا يستطيعون العمل في المستقبل، اولا يستقرون في اسرهم، ويستمرون في الاكتئاب. وقد أظهرت الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (2016), أن العوامل المجتمعية والاجتماعية ترتبط ارتباطا مباشرا بمخاطر إساءة معاملة الأطفال، مثل عدم المساواة الاجتماعية، وارتفاع في معدل البطالة والفقر، والعيش في احياء سكنية غير صحية, وعدم الحصول على الأدوية الاساسية، وعمالة الأطفال من اجل المال. وبالإضافة إلى ذلك، ان المعايير الاجتماعية والثقافية المجحفة بحق الفقراء والفئات الضعيفة, تشجع إساءة معاملة الأطفال، فضلا عن السياسات الاجتماعية، والاقتصادية، والصحية، والتعليمية.
ان العنف ضد الأطفال له آثار هائلا على تكاليف الخدمات الصحية, والحماية الاجتماعية, والعدالة. فهو يقلل من الإنتاجية، و من قيمة السلع, ويساهم في انخفاض التنمية الاجتماعية.
15.11.2017
العنف وأزمة السيطرة الأبوية
إن تربية الأطفال تكمن في العناية بهم، واحاطتهم بالحنان والدفئ العئلي، ومنحهم شعور الامان الذي يحتاجون إليه. وقد أظهرت العديد من الدراسات التي أعدتها مراكز الطب النفسي, أن إساءة معاملة الأطفال تهدد حياتهم كلها، مما يسبب ضررا حقيقيا لصحتهم العقلية, وبقائهم, ونمائهه, وكرامتهم.
ان الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء أثناء طفولتهم, مهيأون لجميع أنواع العنف، ولا سيما خلال المراحل المختلفة من حياتهم. كما ان اسلوب العنف يرافقهم طوال حياتهم. ليس من الصعب اكتشاف الأطفال الذين يتعرضون للضرب، لأنهم ببساطة يبدون مزعزعون, ويظهرون علامات التمرد, والاستياء. كما ان الإساءة في معاملة الأطفال, تسبب لهم مشاعر انعدام الأمن واحترام الذات. وفي وقت لاحق، سيكون لديهم مرحلة مراهقة مضطربة وعنيفة.
كلما تعرض الطفل لسوء المعاملة الجسدية، كلما يعاني من عدوان نفساني شديد قد يؤدي إلى اضطرابات سلوكية, وإدراكية, وعاطفية شديدة. و تشمل إساءة معاملة الأطفال الضرب المبرح, والركل والوحشي, والضرب بالعصا, واللكم, والصفع, والحرق بالنار, واطعامهم القسري للفلفل الحار الذى هو شكل من أشكال التسمم، مما يعتبر هجوما على سلامة الطفل.
ويمكن ان تكون التهديدات التي يتعرض لها الطفل، مروعة لغاية ما تتسبب في عزله من الناس ، لتجعله يعيش كوابيس أثناء الليل. كما أن مشاكل التبول الاارادي شائع عند الأطفال، الذين يصابون باضطرابات نفسية بسبب العنف. اما الاطفال الفقراء، يتم تخويفهم لاستغلالهم, والتلاعب بهم مثل اجبارهم من اهلهم علي ترك المدرسة وتشغيلهم كبائعين متجولين.
وان لم يتم توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال، مثل وجبات الطعام, والملابس, والنظافة, والرعاية الطبية, والسرير الدافئ، ذلك يعتبر اهمال بالضيط مثل التخلي عن الاحتياجات العاطفية، كالثقة بالنفس، والشعور بالامان. كما ان الأطفال المعتدى عليهم, لديهم علاقات سيئة مع اصدقائهم ، ورفاقهم في الدراسة، وليسو منتظمون في الدوام المدرسي.
وبالإضافة إلى ذلك، إن الأطفال الذين شاهدوا العنف في الأسرة, أو في المجتمع, أو في المدارس, يعانون أيضا من مشاهد العنف، مما يسبب لهم اضطرابات نفسية, و لديهم شعور بالخوف من تكرر مشاهد العنف, وفقدان الثقة بالنفس, بل انها كذلك أيضا إساءة بالنسبة لهم. وتظهر إساءة معاملة الأطفال من خلال تغيير سلوكهم مع من حولهم, مثل الخجل المفرط، والشعور بالذنب، والابتعاد من الناس، و علامات الحزن , والقلق، والرهاب علي وجوههم.
كما ان الأطفال الذين يتم اسائتهم من آبائهم, هم أولئك الذين يهربون من المدرسة، ويجلبون المشاكل, والقتال مع كل من هم في محيطهم. انهم يتميزون بالعصيان، وارتكاب السرقات، وتعاطي المخدرات, أوغيرها من المسكرات.
هناك ضرورة في ان تلعب الحكومة الدور الأبوي الأول، في توفير بيئة مناسبة للأطفال من خلال توفير خدمات رعاية الصحة النفسية، وإدارة الرعاية الاجتماعية في المدارس، وبرامج لمساعدة الأطفال الذين يتعرضون للإيذاء أو لتعاطي المخدرات، فضلا عن قسم خدمات شرطة الأطفال والأسرة. ويجب على جميع هذه المؤسسات أن تنسق معا, وأن توفر مجموعة دعم للأطفال المعتدى عليهم في داخل اسرهم, في المدارس, والنوادي الاجتماعية.
وفقا لسيسيل ديسفونتينس (2017)، هناك 40 مليون طفل في جميع أنحاء العالم هم ضحايا العنف، كما ان إساءة معاملة الأطفال موجودة في جميع الثقافات والأديان. فبالنسبة لكل 000 100 شخص دون سن 18 سنة، يعاني 334 شخصا من سوء المعاملة الجسدية، ويتعرض 187 منهم للإيذاء من جانب الأسرة، ويتعرض 101 منهم للإيذاء خارج المنزل. فالعنف له أثر ضار على الحالة النفسية لدي الأطفال وعلي نموهمم, ومستقبلهم, وخطر علي عملية التنمية الاجتماعية
وفي كثير من الأحيان، يقوموا الوالدين الذين تعرضوا للضرب خلال طفولتهم, بتكرار نفس الاسلوب المعنفة علي أطفالهم. ومع ذلك، إن معظم الأطفال الذين يتعرضون للضرب يتسربون من المدرسة، ولا يستطيعون العمل في المستقبل، اولا يستقرون في اسرهم، ويستمرون في الاكتئاب. وقد أظهرت الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية (2016), أن العوامل المجتمعية والاجتماعية ترتبط ارتباطا مباشرا بمخاطر إساءة معاملة الأطفال، مثل عدم المساواة الاجتماعية، وارتفاع في معدل البطالة والفقر، والعيش في احياء سكنية غير صحية, وعدم الحصول على الأدوية الاساسية، وعمالة الأطفال من اجل المال. وبالإضافة إلى ذلك، ان المعايير الاجتماعية والثقافية المجحفة بحق الفقراء والفئات الضعيفة, تشجع إساءة معاملة الأطفال، فضلا عن السياسات الاجتماعية، والاقتصادية، والصحية، والتعليمية.
ان العنف ضد الأطفال له آثار هائلا على تكاليف الخدمات الصحية, والحماية الاجتماعية, والعدالة. فهو يقلل من الإنتاجية، و من قيمة السلع, ويساهم في انخفاض التنمية الاجتماعية.
التعليقات