لماذا يضطر مسلمو هذه الدولة لإقامة "مساجد مؤقتة"؟

لماذا يضطر مسلمو هذه الدولة لإقامة "مساجد مؤقتة"؟
صورة توضيحية
رام الله - دنيا الوطن
مع انبعاث صوت الأذان من الباب المفتوح لمنزل مطل على مسجد مهدم في شمال بلغراد عاصمة صربيا، تجمع أكثر من 30 مسلماً لأداء الصلاة.

وقال هيلميا، وهو مسلم يبلغ من العمر 47 عامًا ينتمي لأقلية الروما في صربيا: "كان منزلاً لإحدى الأسر يمكننا الصلاة فيه، لكن المبنى غير قانوني، هذا مهين".

ولا يعكس المنزل وأنقاض المسجد المجاور سوى جانب واحد فقط من الجهود المضنية التي يبذلها المسلمون في عاصمة صربيا للتجمع لأداء الصلاة في مدينة يغلب المسيحيون الأرثوذكس على سكانها.

ويبلغ عدد المسلمين في بلغراد حوالي 20 ألف مسلم، ويوجد في بلغراد مسجد واحد بُني العام 1575 عندما كانت المدينة جزءًا من الإمبراطورية العثمانية وعلاقة المدينة بالإسلام متوترة.

وغادر كثير من المسلمين خلال فترة انهيار يوغوسلافيا عندما أيّدت صربيا بني عرقها في البوسنة خلال مجزرة لمسلمي ذلك البلد، وشنّت حربًا لمكافحة التمرد في إقليم كوسوفو الواقع جنوبها ضد الألبان الذين يغلب عليهم المسلمون.

وظهرت مسألة نقص المساجد في بلغراد بجلاء هذا العام عندما هدمت السلطات في أيار/مايو الماضي مسجدًا مؤقتًا في حي زمن بولي عشية شهر رمضان.

وخرج المسلمون في المنطقة في بادئ الأمر للاحتجاج ومنع هدم المسجد، لكن الجرافات عادت برفقة الشرطة بعد حلول الظلام.

وبات كل ما تبقى منه كومة من الخرسانة المهدمة، وحديد التسليح الملتوي، ويؤدي المسلمون الآن الصلوات في المنزل المجاور، أو في منازل أخرى في المدينة.

وتقول الجالية المسلمة في صربيا: "إن سلطات بلغراد تجاهلت مرارًا طلبات لها بإقامة مساجد جديدة"، مشيرةً إلى أن نقص المساجد يثير تساؤلات بشأن التزام صربيا بحقوق الأقليات وهو مقياس مهم لمدى استعدادها لعضوية الاتحاد الأوروبي.

ولاحظ الاتحاد الأوروبي، الذي تتفاوض صربيا للانضمام إليه، هذه المسألة وحذّر في تقرير لعام 2016 بشأن التقدم الذي تحرزه بلغراد بخصوص شروط الانضمام إليه.

وقال: "حقوق الأشخاص الذين ينتمون لأقليات في إقامة وتسجيل مؤسسات دينية، وبناء واستخدام أماكن للعبادة، يتعيّن ضمانها بشكل كامل على أرض الواقع".

وتنفي أمانة التخطيط العمراني في بلدية بلغراد منع إنشاء مساجد جديدة قائلة إنها لم تتلقَ أي طلب من الجالية المسلمة في صربيا لإقامة مبانٍ.

وقال محمد يوسف سباهيتش مفتي بلغراد ورئيس المجلس الأعلى للجالية الإسلامية في صربيا: "سعينا على مدار عقود إلى الحصول على تراخيص لعدد من الأماكن؛ لكننا لم نصل مطلقًا حتى إلى مرحلة تقديم الأوراق اللازمة، كل طلب يُلقى في الأدراج".

وقالت وزارة العدل الصربية، إنه لا علم لها بوجود أي مشكلة، وقالت مايلتا رادوفيتش رئيسة إدارة التعاون مع الجاليات الدينية في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "صربيا تفي بجميع معايير الاتحاد الأوروبي بشأن ضمان الحقوق والحريات الدينية وفقًا لأحكام الدستور".

ويقدّر عدد المسلمين في صربيا إجمالاً بنحو 230 ألفًا يمثلون حوالي 3.1 في المئة من سكان البلاد، ويتمركزون بشكل أساس في منطقة السنجق جنوب غرب البلاد على الحدود مع البوسنة، وكوسوفو، والجبل الأسود.

وأضرم مخربون النار في مسجد بلغراد العام 2004، وأحرقوا مسجدًا آخر في مدينة نيش جنوب صربيا، ردًا على موجة هجمات شنها الألبان على الأقلية الصربية في كوسوفو، وجرى ترميم وإصلاح المسجدين.

وقال أمين زين الله مفتى المسجد المهدم في حي زمن بولي: "إن المسلمين لن يتراجعوا، ويجب أن نمارس شعائرنا رغم العوائق، وعلينا أن نُحسن جوار الجميع بغض النظر عن معتقداتهم وجنسياتهم".

التعليقات