رؤية لدفع عجلة المصالحة

رؤية لدفع عجلة المصالحة
م. عماد عبد الحميد الفالوجي 

رئيس مركز آدم لحوار الحضارات

هناك حقائق يجب توضيحها قبل الخوض في فعل المصالحة وتفاصيلها لابد من التذكير بها بالرغم كونها بديهيات لا يناقش فيها إلا جاهل أو ساذج بحقائق الواقع والتاريخ 

أولا – قطاع غزة على مدار تاريخ القضية والثورة الفلسطينية كان مصدر قوة وحضور وخزان الثورة الذي أعطى لقضيته من دمه ولحمه ما يعلمه العدو قبل الصديق .

ثانيا - قطاع غزة لم يكن أبدا في يوم من الأيام عبئا على أي طرف وليس متسولا بل كان على مدار التاريخ عنوان للكرامة الفلسطينية 

ثالثا – أهل قطاع غزة لم يحملوا في مرحلة من مراحل تاريخهم إلا وثيقة السفر الفلسطينية أو الجواز الفلسطيني وليس لهم جنسية أخرى غير الجنسية الفلسطينية . 

رابعا – أن التبادل التجاري بين غزة والعالم الخارجي وإيراداته التي لا تنقطع هي مصدر أساس لخزينة السلطة ، باعتبار قطاع غزة أكبر سوق استهلاكي في المنطقة . 

خامسا – أن المساعدات والهبات الدولية لخزينة السلطة هي لكل مناطق السلطة الفلسطينية وليس لجزء محدد منها .. 

ما دفعني لهذه المقدمة التي لابد منها هو حال قطاع غزة اليوم سواء خلال مرحلة الانقسام أو ما بعده ، لازالت المعاناة هي سيدة الموقف وكأن قطاع غزة يعاقب على فعل لم يرتكبه وهو غير مسئول عنه او يعاقب تاريخ هذا القطاع الصامد . 

اليوم حديث عن المصالحة وعن عقبات مصطنعة توضع أمامها مع أننا نؤكد أنه يمكن تجاوزها بشكل أسرع بكثير مما هو عليه اليوم ، لا أحد يقدر حجم المعاناة والمأساة التي يعيشها أهالي قطاع غزة سواء من هم داخله أو من هم خارج القطاع وينتظرون لحظة عودتهم .. 

ومن هذا المنطلق فإن العقبات يمكن تجاوزها بالآتي : 

أولا / قضية الموظفين – تم الاتفاق على أن تقوم اللجنة الإدارية والقانونية المشكلة بدراسة ملفات الموظفين والبت فيها خلال فترة لا تتجاوز أربعة أشهر ، والأصل أن تنتهي من عملها قبل ذلك بكثير ، وحتى تنتهي من عملها لا يجوز أن تبقى الوزارات على حالها النكد والبائس وأصبح كل موظف – قديم وجديد – لا يعرف مصيره والعملية غير مفهومة وفوضى واضحة متكاملة المعالم .. 

لماذا لا يطلب من كل وزير تنظيم وترتيب عمل وزارته والقيام بعملية دمج مؤقت لكافة الموظفين حسب الهيكلية الموجودة وهذا لن يتطلب جهدا كبيرا ، أغلب الوزارات تستطيع فعل ذلك ولا يوجد أصلا موظفين زيادة بل سنكتشف أن بعض الوزارات بحاجة الى موظفين جدد .. وينتظم عمل الوزارات بدون أي إشكاليات خاصة وأن الموظفين الجدد – ما بعد الانقسام – لديهم قرار باحترام قرارات الوزراء الى حين الانتهاء من عمل اللجنة الإدارية المعنية . 

ثانيا / قضية الأمن – وهي قضية تم التوافق على مناقشتها بهدوء بين حركتي فتح وحماس ، من خلال الفصل بين سلاح الشرعية الذي يخص عمل الأجهزة الرسمية وبين سلاح المقاومة ، بعيدا عن وسائل الإعلام والمناكفات . 

لا خلاف على عمل سلاح الأجهزة الأمنية الرسمية جميعا ، لماذا هذه المماطلة ؟ ترتيب الجهاز القضائي والنيابي خطوة أساسية وهي الأصل ان تكون الخطوة الأولى في العمل لتكون مرجعية قانونية لأي إشكال قانوني ،، ثم ترتيب جهاز الشرطة وبقية الأجهزة وتوحيدها حسب ما تم التوافق عليه ،، الكل يجب أن يتوافق على تحييد الأجهزة الأمنية الرسمية عن المماحكات الحزبية وهي لا تقبل المحاصصة أو التقاسم ، رجل الأمن لا يتبع إلا لجهازه في خدمة شعبه . 

ثالثا / المعابر - إن استمرار إغلاق المعابر بعد تحقيق المصالحة يؤكد أن الخلل الحقيقي لم يكن في الانقسام ولكنه قرار سياسي لعقاب أهل غزة على جريمة لا يعلمونها ولم يرتكبوها ، خاصة وأن حماس سلمت المعابر كما تريد السلطة ولم يتبق أحد من عناصرها هناك ،، وسبق أن حذرنا من استلام السلطة للمعابر قبل الاتفاق على فتحها ، لا يجوز استلام السلطة للمعابر وتبقى مغلقة . 

رابعا / الكهرباء – لم تكن في قطاع غزة مشكلة الكهرباء قبل الانقسام ، وبرزت هذه المشكلة كأحد نتائج هذا الانقسام الأسود ،، واليوم نودع الانقسام ولا يجوز بقاء هذه المعضلة المصطنعة ،، يجب عودة الأمور كما كانت عليه قبل حدوث الانقسام وبأسرع وقت ممكن ، بدون شرح وتبريرات لا تقنع أحدا .

خامسا / الانتخابات – وهذه حق للشعب وليس منة من أحد ، والشعب يطالب بحقه ليختار بكل شفافية قيادته ، بعد أن جرب الحكم من القوتين الكبيرتين ، اسمحوا للشعب ان يصدر حكمه ، ولا أحد يقدم نفسه وكأنه وصي على الشعب .

هذه أهم القضايا الأساسية ليشعر المواطن أن هناك تغيير حقيقي قادم يستجيب لمطالبه وحقوقه ،، وأما الآليات والوسائل فهي بالدرجة الثانية مثل تشكيل حكومة وحدة وطنية أو استمرار هذه الحكومة أو تعديلها فهذا يرجع للتوافق الوطني .. شعبنا يستصرخ كل الضمائر أن تتحرك بسرعة أكبر لمعالجة حالة الإحباط واليأس الذي يعاني منه شعبنا ..

التعليقات