من يريد إشعال الحرب في الشرق الأوسط ؟

من يريد إشعال الحرب في الشرق الأوسط ؟
ارشيفية
رأي : أنشيل بيففر - صحيفة هأرتس 

ترجمة دنيا الوطن- هالة أبو سليم  

عملية تفجير النفق على طول الحدود ما بين إسرائيل وغزة، ثم الاستقالة المفاجئة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، التي ستلقي لبنان في بحر مضطرب، و سلسلة الاعتقالات في السعودية إضافة  إلى المعركة ضد تنظيم الدولة في سوريا ولبنان تُلقي بظلال حرب قادمة ما بين إيران وحلفائها وبين إسرائيل، ويدور الحديث على أنه يوجد تصميم إسرائيلي- سعودي على سحق التواجد الإيراني، لكن السيناريو المحتمل هو الخروج من المأزق بأقل الخسائر الممكنة، فكلا الطرفين "السعودي والإسرائيلي" يريد أن يقوم  الآخر بالمهمة في الوقت الراهن. 

فأطراف الصراع هم: إيران، مصر، السعودية، حزب الله، وبالطبع إسرائيل:
إيران: ستة أعوام ونصف قيادة الثورة الإسلامية في طهران استمرت بكثافة في دعم و مساندة نظام الأسد في سوريا هذا الدعم والمساندة اتخذت أشكالاً عديدة سواء الدعم العسكري من إيران متمثلاً في قوات القدس، الآلاف من عناصر حزب الله، كل هذا الدعم لم يكن كافياً لانتصار بشار الأسد حتى وصول الروس في سبتمبر من العام 2015، بما أن بقاء بشار الأسد أصبح مضموناً فبدأت إيران بجني الثمار من  خلال التعدين وحقها في إقامة قاعدة جوية وميناء عسكري على طول الساحل السوري.  
من جانبها إسرائيل تسعى بكل قوتها من خلال الضغط الدبلوماسي والتهديد باستخدام السلاح لمنع إيران من إقامة معقل لها في الأراضي السورية (هذا الإصرار الإيراني على الدعم العسكري لبشار الأسد نتج عنه صراع وتناحر داخل الحكومة الإيرانية، كون البعض يفضل أن يكون الدعم لتعزيز الاقتصاد الإيراني). 

طهران ليس لها مصلحة في الوقت الحالي بشن حرب ما بين حلفائها و إسرائيل في لبنان، الحرب التي سينتج عنها خسائر تُهدد مصالح إيران التي استثمرت فيها طهران الكثير من الأموال، عوضاً عن ذلك، تسعى طهران إلى أن تستدرج إسرائيل لشن حرب على قطاع غزة، وفد حركة حماس موجود حالياً في طهران، وهذه المرة الثانية في غضون أسابيع، واهتزاز العلاقة ما بين حركة حماس وإيران أثناء الحرب السورية وتحديدًا بسبب بشار الأسد، والآن الحرب انتهت، تسعى إيران لإعادة توثيق العلاقات مع حركة حماس عوضاً عن الجهاد الإسلامي، بالإضافة إلى محاولاتها لإشعال  نار الحرب في غزة لصرف الانتباه عما يحدث في سوريا. 

قطاع غزة، رغم توسلات إيران فغزة لديها ما يكفي من مشاكلها، حماس راضية باستعادة علاقاتها مع طهران، لكن في الوقت نفسه تنصب اهتمامات الحركة على القاهرة واتفاق المصالحة الذي تم توقيعه ما بين حركة فتح وحماس الشهر الماضي، مصر تريد من حركة حماس عدم إيواء مقاتلين تنظيم الدولة في غزة و ضمان الأمن والاستقرار في شبه جزيرة سيناء إذا كان هناك أي شك داخل إسرائيل أن اتفاق المصالحة الذي تم توقيعه في الشهر الفائت محكوم عليه بالفشل، فإن عدم  رد حماس والجهاد الانتقامي على أثر عملية تفجير النفق الذي أدى إلى مقتل 14 عنصراً من الجهاد وحماس هو دليل واضح على إصرار حماس المضي بموضوع المصالحة 

حركة حماس: الحركة التي تحكم قطاع غزة، نتيجة الإغلاق المستمر للقطاع نتج عنه مشكلات اقتصادية نتيجة هذا الإغلاق، مما دفع يحيى السنوار لاتخاذ قرار المصالحة كونه يعيش في قطاع غزة ويشاهد معاناة السكان بينما العاروري الموجود في طهران ليس لديه مسؤوليات تجاه قطاع غزة، حماس لم تتوقف عن بناء الأنفاق وتطوير ترسانتها الصاروخية لكن اتخذت هذه الخطوة للتخفيف عن السكان، وخاصة بعد إجراءات السلطة الوطنية بحق الموظفين وجولة أخرى من المواجهة مع إسرائيل، ستفشل الاتفاق والسنوار لن يسمح بحدوث ذلك وهذا لا ترحب به طهران.  

مصر: ليس من وقت قريب، تُعد مصر أكثر دولة عربية تحارب التمدد الإيراني في المنطقة العربية لكن كل اهتمام القاهرة ينصب باتجاه محاربة تنظيم الدولة في سيناء كونهم بعد انتهاء معاقلهم في  العراق وتوجه عدد كبير منهم إلى طرابلس من الممكن أنهم يحاولون تكثيف جهودهم في سيناء، ومن ثم استمرار عملياتهم العسكرية ضد الجيش المصري وبالتالي نشوب حرب في قطاع غزة مثلاً سيصرف الأنظار عنهم. 

السعودية: الأخبار السائدة هذه الأيام أن استقالة الحريري بضغط من الرياض أو أنه هرب إلى هناك، لذا لن يكون متورطاً عند حدوث هجوم عسكري إسرائيلي على لبنان، على حليف إيران القوى "حزب الله " السعودية من مصلحتها توجيه ضربه عسكرية ضد حزب الله كون حزب الله أيضاً متهماً بمحاوله اغتيال للحريري بطريقة أو بأخرى حزب الله هدف قوي، النظام في الرياض ليس بمقدوره شن حرب مباشرة ضد طهران، منذ سنتين تخوض السعودية حرباً غير مباشرة مع الحوثيين حلفاء طهران في اليمن، ولم تتكلل بالنجاح، قام الحوثيون مساء يوم الجمعة بضرب مطار الرياض بصاروخ، من غير المحتمل إن تقوم السعودية بإشعال الحرب في منطقة الخليج مراعاة للظروف الاقتصادية والداخلية التي يمر بها الخليج وبالإضافة إلى انشغال المملكة بترتيب البيت السعودي.

حزب الله: عقب قتال دام لأكثر من ست سنوات في سوريا وبرعاية إيرانية، اكتسب حزب الله خبرة عسكرية قوية سواء باستخدام الأسلحة المتطورة وحدث تطور ملحوظ في عمل وحداته العسكرية، لكنه فقد أكثر من 800 عنصر وآلاف الجرحى في لبنان وتحديداً حزب الله يشعرون ألآن بأنهم ليسوا حركة مقاومة لبنانية بل أصحبوا رهينة في أيدى إيران وينفذون طموحات طهران العسكرية، وماتزال وحداتهم العسكرية تقاتل في سوريا، فحزب الله في وضع لا يسمح له بشن حرب جديدة ضد إسرائيل، بالرغم من تهديدات حسن نصر الله ضد إسرائيل فهو يدرك أن رجاله ليسوا على استعداد لخوض حرب جديدة، وتدمير للبنية التحتية اللبنانية، وخصوصاً أنه يذكر جيداً ما حدث في حرب 2006، إذاً حزب الله في موقف ضعيف، فهل ستستفيد إسرائيل من ذلك؟ 

إسرائيل: حتى الآن إسرائيل معنية باستمرار الهدوء على طول الحدود مع غزة وجهودها مستمرة بالكشف عن الأنفاق الدفاعية الفلسطينية، بالإضافة إلى رغبة إسرائيل بعدم عرقلة الجهود المصرية لكن الأمور تختلف في منطقة الحدود الشمالية الوضع مع حزب الله معقد جداً، إسرائيل تواصل ضرب أهداف لحزب الله في سوريا وتضرب شحنات أسلحة مهربة من سوريا إلى لبنان، لم يقم نظام بشار الأسد أو حزب الله بالرد على القصف الإسرائيلي لأهدافهما المشتركة في سوريا، بالرغم من ذلك تتعالى أصوات البعض وهم أقلية داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بضرورة القيام بضربة استباقية ضد حزب الله، لكن الدروس من حرب 2006 مازالت حاضرة في العقل الإسرائيلي، نتنياهو يود أن يقوم طرف آخر بمهمة ضرب طهران أو حلفائها-  أمريكا مثلاً -عوضاً عن زج الجيش الإسرائيلي في هذه المهمة لكن طالما لا يوجد ردع من حكومة ترامب للحرب الكلامية التي يشنها نتنياهو ضد طهران الوضع سيبقى على ما هو عليه، وكما صرح جون كيري هذا الأسبوع من لندن (أن زعماء مصر والسعودية وإسرائيل، أبلغوا إدارة باراك أوباما بضرورة وقف التمدد الإيراني في منطقة الشرق الأوسط لكن لا أحد منهم يريد القيام بهذه المهمة). 
 

التعليقات