العالم العربي والأمن الرقمي

العالم العربي والأمن الرقمي
د. يسر الرئيسي حجازي
8.11.2017

ظهر شكل جديد من أشكال الجريمة في الشبكات الاجتماعية، و التي وضعت لصوصية خطيرة ومهددة لمستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي  في داخل المجتمع بشكل عام. بالإضافة إلى القرصنة والجرائم من خلال أجهزة الحاسوب. وفقا الخبير افيرا، يتم اختراق شبكات التواصل الاجتماعي بسهولة، بسبب إن مستخدمي الإنترنت عرضة للتشهير وسوء المعاملة، مثل علي سبيل المثال نقل رسائل غيرلائقة من قبل تطبيقات تستولي علي اسماء المستخدمين, وتقوم بارسال فيديوهات بذيئة لأصدقائهم كما لو أنها تأتي منهم . كما انها تخترق البيانات الشخصية للعديد من مستخدمي الإنترنت, وتقوم بإرسال الفيروسات إلى جميع الأصدقاء على حساباتهم. ويمكنك أيضا مشاهدة قرصنة حسابك، ومنعك من  تسجيل الدخول ايضا. في ذلك الوقت يقوموا القراصنة بالاتصال علي جميع اصدقاءك علي صفحتك لارسال فيديوهات بذيئة, ورسائل محرجة. لذلك ينصح لمستخدمي الشبكات التواصل الاجتماعي بعدم اضافة الغرباء على الحسابات الشخصية، أوتجنب فتح  روابط مشكوك فيها، و رسائل بريدك الإلكتروني الغير معروفة. 

ان الجرائم الالكترونية تتفاقم من حيث الطرق ، والاشكال الجديدة في القرصنة. منذ خمسة اعوام ، تطورت وسائل الاعلام الاجتماعية كثيرا، وعدد كبير من المدونين, والباحثين, وعلماء النفس, ومستخدمين اخرين لديهم مواقع على شبكة الانترنت. كما ان التكنولوجيات المعلوماتية وسياساتها المتجددة لحماية عملية الاتصالات، تدفع الكثيرين الي حماية نظم المعلومات، واتخاذ إجراءات لضمان السرية. 
ومع ذلك، يمكن أن تكلف القرصنة ثروة للشركات وعملائها، لذلك اصبح الضروري شراء نظام برمجيات أمنة لحماية المواقع التجارية، والحرفاء. كما شكا العديد من الناس من سرقة ارصدتهم المالية خلال الدفع ببطاقة الائتمان الخاصة بهم، بعد قيامهم بمشتريات علي مواقع التسويق. الخطر ليس فقط في خصم المبلغ بدون تحقيق الشراء, بل أيضا بامكانية قرصنة جهاز الحاسوب وما يحتوي من معلومات خاصة وهامة لصاحبه. 
 ان الدول التي لديها اليوم سياسة أمن للاتصالات في مجال تكنولوجيا المعلومات، من بينها ألمانيا بنسبة (29٪)، و الاتحاد الأوروبي (بين28 و 32٪) (جريدة لو باريسيان، 2017) .
ان مخاطر إساءة الاستخدام الالكتروني تكمن في، اتلاف أو تعديل للبيانات، مثل الكشف عن البيانات السرية بعد مهاجمة الحسابات, اوتشويهها للتاثير علي الراي العام. كما ان سياسات تكنولوجيا المعلومات, تقوم بتأمين سلامة البيانات وحسابات المستخدمين. 
وأكثر الحوادث شيوعا تكمن في تعطيل شبكة الكمبيوتر وتدمير بيانات الشركات، نتيجة لهجمات الفيروسات التي أدخلت على البرمجيات. وتستخدم غالبية الشركات برامج مكافحة الفيروسات, لحماية شبكة الكمبيوتر أو برامج التحكم عن بعد. 


وفي العالم العربي، يتم مراقبة الشبكات الاجتماعية بشكل مكثف، بما في ذلك شبكات المدونين, والصحفيين, والناشطين السياسيين. علي سبيل المثال، حالة الناشط كريم عامرفي مصر، والملوحي في سوريا, و عبد اليمان في البحرين, و الذين سجنوا بعدما نشروا مقالاتهم على شبكة الانترنت (إتوديس / ميدياس سوسياوكس 2017). 
كما ان وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي تلعب دورا هاما, بسبب ان اكثرية مستخدمين الانترنت هم من فئة شباب الدول العربية. هكذا، أصبح الإنترنت عاملا حاسما في التنظيم الاجتماعي. ببساطة، ان  هذه الشبكات تعاني من ضعف الحماية، وتضر معظم الوقت بمستخدمي الإنترنت. وعلى الجانب الاجتماعي، هناك مشاكل أكثر حدة تظهر مدى  سوء استخدام شبابنا الإنترنت. 
على سبيل المثال، هناك الاف من الشباب أو البالغين الذين يقضون كل وقتهم على شبكات التواصل الاجتماعي. انهم ببساطة، يهملون حياتهم الحقيقية ويفضلون خوض حياة افتراضية مع المجهول, مثل الحصول علي مغامرات دراماتيكية غالبا، بسبب انهم لا يعرفون مع من يتعاملون في الحقيقة. وقد خدع العديد من الناس من قبل ما يسمى رجال الأعمال، في حين انهم سمحوا لبعض اللصوص التدخل في حياتهم و ملكياتهم الخاصة، ومنح معلومات خاصة بجدول أعمالهم مما سهل عمليات السطو علي بعض المنازل. بالإضافة الي عملية التعارف بين الشباب والشابات لغرض الزواج، أدت البعض منها الي مشاكل، وخداع، من قبل شباب متسولين، وباحثين عن المال.
كما إن استخدام الهاشتاغ مثل "مقصودة" بمرافقة الشتائم موجهة لاشخاص معهم نزاعات، ظاهرة غير حضارية وتساهم في نشر الفتن، وتضخيم الامور، و نشر البذاءة أو الخبث علي صفحات التواصل الاجتماعي. ذلك يدل علي سوء استخدام التكنلوجية, وعدم القدرة علي ملاحقة الذين يسيؤوا استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.

 ناهيك عن الإعلانات المسيئة والتي تستخدم ضد بعض الشخصيات, والتشويه، والتهديدات ,لا تزال اليوم موجودة وبكثرة في داخل المجتمعات العربية. 
وبطبيعة الحال، إن المجتمعات العربية عادة ما تكون متحفظة ومتشددة بالعادات والمحرمات، فكيف لنا ان نخبئ  رؤوسنا في التراب مثل النعامة؟ ونتصرف كما لم يكون هناك مشاكل امام التغير البيئ ،والاحتماعي, وظاهرة التجاهل لما يحدث من مشاكل علي مواقع التواصل. هناك ايضا خطورة الهجمات على الشابات والنساء, لانهم الضحايا في غالب الاحيان, والسبب ان مجتمعنا العربي وأنظمته السياسية، والاجتماعية، تمارس الهيمنة والتهديد علي الفئة الضعيفة. ويتم ملاحقة البنات، وابتزازهم من قبل شباب يريدون التلاعب بهم وممارسة ذكوريتهم، والحصول علي المال مقابل سكوتهم. 
يمكن أن يؤثر ذلك على سلامة المجتمع، وفقدان الثقة بين الناس. ناهيك علي استخدام الفوتوشوب وتركيب صور غير لائقة  للانتقام, او بموجب الغيرة والمنافسة. كل انواع التشهير والاطاحة بالناس هو استغلال غير اخلاقي , واجرام ممنهج يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على الناس, مثل حالات العنف والطلاق, او تشويه في صورة الناس وتلقيبهم بوصمة العار. يمكن أن تكون وسائل الإعلام الاجتماعية أداة مؤذية في مجتمعات قبلية تسيئ معاملة النساء، ويمكن لمحتواها أن تثير تطور في الممارسات الضارة بالمجتمع. لماذا لم نقوم بمصارحة بعضنا البعض لمواجهة هذه المعضلات وحلها بسلاسة؟ بدل ما نتستر وراء عنكبوت الكذب، والتفكير بجدية في طرق إيجاد الحلول المناسبة بدل تجاهل ما يدور في مجتمعاتنا؟ لا يمكننا تجاهل التقدم التكنولوجي، وعدم توعية شبابنا ايناث و ذكورعلي حد سوي. ان عملية التوعية والإرشاد حول كيفية التعامل مع إشكاليات التواصل الاجتماعي، هو امر في غاية الأهمية لتلقين تربية صحيحة، ومبادئ  أخلاقية قائمة علي الاحترام المتبادل، والحوار الحضاري، وثقافة الذكاء الاجتماعي والوئام الاسري، والمجتمعي.

كما ان الحكومات البوليصية تستخدم تكنولوجيا الاتصالات لاغراض استخبارتية, وظهرت رقابة واسعة على حرية التعبير علي شبكات التواصل الاجتماعي، والمدونات.
لأننا لا نزال تنتمي إلى انظمة والمجتمعات ذات هيمنة رهيبة, تغرق مجتمعاتنا في المحرمات, و الخوف من التعبير, ذلك إن لم يتم حظر الانترنت في البيوت. لا تزال شبكات الانترنت بمثابة تهديد لراحة المجتمع العربي، بسبب قمع الحريات وممارسة الأبوية الاجتماعية. 
 

التعليقات