مأساة الفن الفلسطيني

مأساة الفن الفلسطيني
بقلم عبد الله عيسى

رئيس التحرير


يظهر بشكل واضح وجلي، أن التراث الفني الفلسطيني يتصف بظاهرة الحزن باللحن والكلمات، وخاصة التراث الشعبي، في المائة سنة الماضية وحتى الآن؛ والتفسير الوحيد لهذه الظاهرة هو المآسي التي واجهت الشعب الفلسطيني خلال الاحتلال البريطاني لفلسطين، ثم وعد بلفور والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وما تعرض له الشعب الفلسطيني من مجازر وتهجير وقتل بسب الاحتلالات المتتالية.

وعلى سبيل المثال، قامت فرقة العاشقين الفلسطينية بتأدية أغانٍ شعبية فلسطينية بكلمات وألحان حزينة جداً مثل أغنية (من سجن عكا طلعت جنازة) وهي تروي قصة إعدام الإنجليز لثلاثة من أبطال الثورة الفلسطينية وهم: عطا الزير وفؤاد حجازي ومحمد جمجوم، الذين قررت سلطات الاحتلال الإنجليزي إعدامهم بسجن عكا، فتقدم الثلاثة وكان كل واحد يقول: (اعدموني أنا الأول)، وتناقلت كل فلسطين قصتهم البطولية، فبكى كل الشعب الفلسطيني على هؤلاء الشبان الثلاثة. 

وقام الفنان اللبناني القدير مارسيل خليفة بتخليد أغانٍ شعبية فلسطينية في غاية الروعة، ويستحق كل التقدير مثل (إني اخترتك يا وطني) للشاعر الفلسطيني الشهيد على فودة من سكان طولكرم سابقاً، واستشهد في حرب 88 ببيروت، وأغاني الشاعر محمود درويش والشاعر سميح القاسم مثل (وقفوني على الحدود).

أما أعجوبة الفن الفلسطيني الحزين، فكان الفنان الشعبي أبو عرب، الذي أحيا التراث الفلسطيني الحزين.

والآن تظهر قنوات فلسطينية شعبية لإحياء هذا التراث، وعلى رأسها (خلي هواك فلسطيني) وقناة (عودة) وحتى الفنان الشعبي قاسم النجار والبوريني ولا سيما أغنية (بهمش). 

وهنا أود الملاحظة، أن فلسطين لا تنفرد وحدها بالحزن في الأغاني، فهناك العراق الذي عانى من مآسٍ كثيرة منذ عهد الحجاج حتى الآن، وصولاً للاحتلال الأمريكي، فكانت أغاني مطربيه كأنها نواح حقيقي، وأما البلد الثالث فهي الأندلس، التي كانت موشحاته حزينة جداً، نظراً للمآسي التي تعرض لها العرب في الأندلس، وقد قام الموسيقار الفلسطيني سليم سحاب بتخليد الموشحات الأندلسية، فإن هذه المسماة بالأغاني تروي قصص شعوب مثل فلسطين والعراق والأندلس، وربما تكون الآن سوريا.

وكما يقول الفنان الفلسطيني سميح شقير: إن ذهب صوت الفنان بقيت أغانيه.

التعليقات