بعد استقالة الحريري.. اللبنانيون بين "صندوق الانتخابات" و"صناديق المتفجرات"

بعد استقالة الحريري.. اللبنانيون بين "صندوق الانتخابات" و"صناديق المتفجرات"
صورة توضيحية
خاص دنيا الوطن - أحمد جلال
أشعل إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، قراره بالاستقالة من منصبه فتيل التوتر في لبنان، وفتح باب التكهنات أمام إمكانية اللجوء إلى مواجهة مسلحة بين الأطراف اللبنانية المتنازعة منذ عدة عقود.

ففي الوقت الذي تنتظر فيه لبنان الانتخابات النيابية المقررة في أيار/ مايو 2018، قلبت استقالة الحريري كافة الأوراق عن الطاولة، وأظهرت احتمالات جديدة؛ ليكون اللبنانيون بين سندانة فراغ المناصب، ومطرقة الحرب الأهلية.

ويرى مختصون في الشأن العربي، أن استقالة الحريري فتحت الباب أمام كافة الاحتمالات الممكنة، والتي قد تكون في انتظار اللبنانيين في المرحلة المقبلة، لافتين إلى أن التصعيد في لبنان رهينة القرار الإقليمي المتنفذ داخلها، والقرار الدولي الداعم لعدد من الأطراف اللبنانية.

وفي هذا السياق، يقول الكاتب والمحلل السياسي العربي، حمادة فراعنة، إن الرؤية في لبنان لن تكون واضحةً في الوقت الراهن؛ نظراً لحجم الخلافات المشتعلة بين الأطراف اللبنانية والنفوذ الإقليمي والدولي فيها، منوهاً إلى أن تأجيل أي صدام أو البدء فيه لن يكون إلا وفق قرار دولي.

وأوضح فراعنة، أن ذلك يرجع إلى اعتماد أطراف الصراع في لبنان على الراعية الإقليمية والدولية، خاصة وأن كل طرف من أجل الدخول في صراعه مع الطرف الآخر، يحتاج إلى تلك الرعاية والقرار، ولن يكون ذلك وفق رغبة أي طرف لبناني؛ مستدركاً: "كما أن الحالة اللبنانية لا يمكن لها أن تهدأ في الوقت الراهن إلا وفق رغبة الأطراف الدولية بذلك".

وأضاف فراعنة: "أصبح من الصعوبة بعد استقالة الحريري الحكم على الأحداث واتجاهاتها، كما أن الاستقالة كانت بمثابة قنبلة انفجرت داخلة الساحة السياسية اللبنانية، لافتاً إلى أن حكومة الحريري ستواصل عملها بشكل مؤقت لحين اختيار شخصية جديدة للمنصب، مرجحاً ان يمارس الحريري مهامه خارج الأراضي اللبنانية.

ورجح فراعنة، أن يلجأ الرئيس اللبناني لاستدراك الموقف إلى تكليف سعد الحريري مجدداً بتشكيل الحكومة اللبنانية، الأمر الذي يعتبر المخرج الأساسي من الأزمة التي أفرزتها استقالة الحريري.

وحول الاتهامات التي وجهها رئيس الوزراء اللبناني المستقيل إلى إيران وحزب الله، قال فراعنة، إن تلك الاتهامات ليست بالجديدة؛ لكنها لا تعبر بشكل صريح عن واقع السياسة اللبنانية، وبالتالي فإن كل الاحتمالات في لبنان مفتوحة.

واستذكر المحلل السياسي، رفض سعد الحريري تعيين ميشيل عون في منصب الرئيس اللبناني، بيد أنه في النهاية أعلن موافقته على ذلك، فيما قرر الأخير تعيين الحريري رئيساً للوزراء، الأمر الذي اعتبر وقتها انقلاباً في السياسة اللبنانية.

وحول إمكانية اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، شدد فراعنة، على أن أي حرب بحاجة إلى ممول، والأطراف التي يمكن أن تمول الحروب في لبنان غير جاهزة ومنشغلة في حروبها بمناطق أخرى.

وأعلن سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني، أمس السبت، من الرياض استقالته من منصبه، مشيراً إلى تعرضه إلى محاولة اغتيال، وموجهاً اتهاماً إلى إيران وحزب الله بالسعي للإضرار بالساحة اللبنانية.

وفي ذات السياق، قالت أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، عبير ثابت، إن استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري لم تكن مفاجئة بقدر المفاجأة في صموده أمام الأطراف الأخرى على الساحة اللبنانية، خاصة في ظل عدم امتلاكه للكاريزما الشخصية الخاصة بوالده رفيق الحريري.

وأوضحت ثابت، أن لبنان اعتاد على الاستقالات والفراغ السياسي في المناصب، كما أن الاستقالة لم تكن نتيجة خلاف داخلي بالدرجة الأولى؛ وإنما نتيجة خلاف إقليمي بين المحور السني والشيعي، وخلاف دولي بين المحور الروسي والولايات المتحدة.

وأضافت ثابت، أن الأوضاع السياسية والأمنية في الساحة اللبنانية يحددها في الوقت المقبل الظروف الإقليمية والدولية والقوى العالمية، حيث إن القرار لن يكون للبنانيين في ذلك، وإنما لثلاث قوى دولية ورئيسية هي إيران وإسرائيل وتركيا، وللقوى الدولية كروسيا وأمريكا، مشددةً على أن كل الاحتمالات مفتوحة على الساحة اللبنانية في ظل الحديث عن ترتيب المنطقة بما يتوافق مع مصالح القوى الإقليمية والدولية.

وتابعت: "الأمر لا يتوقف على المصالح العربية والانتخابات وخيارات الشعوب، بل على ما يدور من حديث بين الروس والإيرانيين خاصة، والنفوذ الإيراني في المنطقة.

وأشارت إلى أن الخطوات القادمة في الساحة اللبنانية لن تكون بقرار عربي أو لبناني؛ وإنما بقرار دولي، في إطار أفكار ترتيب المنطقة العربية بشكل عام، والذي كان بدايته بسوريا مروراً بلبنان ثم العراق وصولاً إلى الملف الفلسطيني.

وتابعت: "المسيطر في لبنان حزب الله المتمثل بالمحور الشيعي على  الساحتين اللبنانية والسورية، والحريري منذ فترة طويلة متخوف من الإقامة في لبنان خوفاً من تعرضه لعملية اغتيال"، مشددةً كل الاحتمالات مفتوحة للأوضاع في لبنان.

واتهم حزب الله اللبناني، المملكة العربية السعودية بالوقوف وراء استقالة الحرير بقوله، إن السعودية تسعى إلى إغراق لبنان في "الفتنة"، مؤكداً على ضرورة حماية لبنان وحدودها.

بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي، عريب الرنتاوي، إن السؤال الذي يشغل باب اللبنانيين حول هل تحول بلدهم ألى منطقة "حروب بالوكالة" مفتوحة بين السعودية وإيران، وهل انتهى عصر تحييد لبنان من الصراعات الإقليمية؟"، لافتاً إلى أن أكثر ما يشغل بال اللبنانيين في الوقت الراهن هو إمكانية إجراء الانتخابات في أيار/ مايو من العام المقبل.

وأضاف الرنتاوي، في مقال له، أنه يمكن تفهم التصعيد السعودي ضد حزب الله اللبناني، والذي يأتي في سياق تصاعد حمى العداء بين القطبين السني والشيعي في المنطقة، خاصة أن حزب الله يمثل رأس حربة حروب محور إيران، لافتاً إلى أن تحركات إيران وحزب الله تعتبر أمراً مقلقاً للمملكة وحلفائها.

وأضاف الرنتاوي، أن المملكة تدرك أن الذهاب إلى "صناديق الرصاص"، من شأنه أن يكون مغامرة غير محسوبة، لاسيما في ضوء التفوق العسكري الهائل الذي يتمتع به الحزب على جميع خصومه المحليين مجتمعين، خصوصاً بعد أن ضاعف ترسانته العسكرية مرات ومرات، وبعد الخبرات غير المسبوقة، التي راكمها مقاتلوه وقياداته في سنين الحرب في سوريا.

وتابع: "لن يسقط خيار صناديق الذخيرة، خاصة أن هناك ثمة فرصة كامنة لتغيير المشهد اللبناني حين تدنو لحظة الاحتكام إلى "صناديق الاقتراع"، بعد سبعة أشهر إن لم يجدّ جديد على الساحة اللبنانية أو الإقليمية".

وشدد الرنتاوي، على أن المملكة تعمل على عزل حليف حزب الله في الوسط المسيحي: التيار الوطني الحر، وتشجع خصومه ومنافسيه على التوحد في مواجهته".

وأضاف: "هناك لاعبون آخرون، إقليميون ودوليون في لبنان، ليس لهم مصلحة في إحراق البلد، كما أن عيون السعودية تتجه صوب صناديق الانتخاب، وليس إلى صناديق الذخيرة".

وتابع: "في حالة صناديق الانتخابات ستجد شريحة واسعة من الداعمين والمباركين والمؤيدين، أما في الحالة الثانية، فستمضي وحدها على الأرجح، أقله في المدى المرئي والمنظور، وربما حتى إشعار آخر".

فيديو: خطاب استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري
 

التعليقات