الكرنتينا: علامة بارزة في الهوية التاريخية لمدينة الخليل

الكرنتينا: علامة بارزة في الهوية التاريخية لمدينة الخليل
الكرنتينا
خاص دنيا الوطن- رغد أبو شرار 
 في أقصى الجنوب الفلسطيني، تقاوم هذه الحجارة الضاربة في عدد السنين والحساب، محاولات سلطات الاحتلال الباحثة لها عن مقام أو بقايا فتات في الوجود والتملك على حساب أصحاب الأرض الأصليين، فيقف مبنى الكرنتينا في الخليل إلى جانب مواطني مدينة أعياها الاحتلال لكنه لم ينل من عزيمتها، في ردع سرطان الاستيطان.

الكرنتينا أو تحفظ خان، موقع معروف بهذا الاسم لدى أهل الخليل منذ القدم، الأولى كلمة انجليزية وتعني الحجر، والثانية تركية ولها ذات المعنى، وسرى اسمها على الحي المحيط بها، والمبنى عبارة عن سور حجري مرتفع يتخذ شكل المربع، بناه السلطان العثماني عبد المجيد بن محمود عام 1848.

وكان يفرض على الوافدين إلى مدينة الخليل التواجد في الكرنتينا عدة أيام، خوفاً من تفشي ما قد يحملونه من أمراض على سكان المدينة، ويطلق سراح المحجوز بعد مضي فترة الحجر، وفي حال وفاة المحجوز كان يدفن في المقبرة القريبة خارج الأسوار، وتضم الكرنتينا بداخلها عدداً من المباني والغرف.

وقال مدير مديرية صحة الخليل الدكتور نزيه عابد ل "دنيا الوطن": أن الكرنتينا استعملت في بداية الأمر لحجر المصابين بالأمراض المعدية، مثل أمراض الطاعون والسل والكوليرا، لإبعادهم عن الناس، بسبب الجهل في التعرف على الأمراض قديماً، وعمل الجيش التركي على حبس الفارين من الخدمة في صفوفه داخل أسوارها.

وأضاف "قام الانتداب البريطاني باستعمال مبنى الكرنتينا الذي يضم 18 غرفة كعيادات صحية، ومع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية تم إدخال العديد من الإضافات عليه، ليلبي حاجة سكان المنطقة الجنوبية في الخليل، وكانت في الماضي عيادة مركزية لأهالي محافظة الخليل.

وأشار الدكتور عابد إلى أن عيادة الكرنتنيا استقبلت خلال العام الماضي من خمسين الى ستين ألف  مواطن حيث أن مريض المنطقة لا يحتاج الخروج لمنطقة أخرى لتلقي أي علاج فهي شاملة لجميع الخدمات

ويتميز مبنى الكارنتينا بطبيعة بنائه الجذاب، المبني من الركب والجدران في حمل القباب التي تسقفه، ويزينه الحجر الوردي القديم من الداخل والخارج، مشكلاً سماكة للجدران، بدون أعمدة وحديد، ومبنية من الشيد المصنوع من التراب، ويتميز المبنى بدفء جدرانه في الشتاء وبرودته في الصيف.

واشار مدير عيادة الكرنتينا الدكتور محمود الدويك الى توفير عيادة الكرنتينا لعدة عيادات لخدمة المواطنين في البلدة القديمة ومحيطها، من أهمها عيادات الأطفال والحوامل والعظام والسكري والضغط وغيرها، ووجود أجهزة مخبرية حديثة ومتطورة للعناية والاهتمام بالمرضى.

وبين الدكتور الدويك أن الهدف من وجود العيادات في مبنى الكرنتينا هو للتخفيف عن كاهل المواطنين في الوصول إلى المستفى الحكومي في مدينة الخليل، خاصة وأن سلطات الاحتلال تحاصر المنطقة المحيطة بالبلدة القديمة بالجدران الإسمنتية والبوابات الحديدية والحواجز.

وداخل أسوار الكرنتينا يجد المرضى والمراجعون للعيادات الصحية من سكان المنطقة ما يسره ويمتع ناظريه من الورود المتنوعة الأشكال والألوان والروائح، والجلسات الهادئة على مقاعد حجرية وخشبية، خاصة وأن المنطقة محرومة بفعل إجراءات الاحتلال من وجود متنزه للمواطنين للتخفيف عنهم.

وأشار العامل في الكرنتينا سلامة أبو سنينة ل "دنيا الوطن" إلى محاولات الاحتلال المتكررة عرقلة وصول المواطنين للكرنتينا، خاصة في مواسم الأعياد اليهودية، من خلال إقامتها للحواجز والتنكيل بالمواطنين على الطرق المؤدية إلى الكرنتينا، بالإضافة لتعرضها إلى عشرات الاقتحامات ومحاولات التضييق على الطواقم الطبية.

وتابع سلامة "العناية والاهتمام بمختلف أنواع الورود والزهور والأشجار داخل أسوار الكرنتينا، والإبقاء على نظافة الممرات والغرف، كونها جزء أساسي من تاريخ وهوية التاريخ الأثرية والعمرانية، وللتدليل على عربية وفلسطينية المكان خاصة بعد حديث الاحتلال الأخير عن إقامة مجلس بلدي للمستوطنين في البلدة القديمة من الخليل.

وتعمل وزارة السياحة والآثار على الحفاظ على جميع المعالم التاريخية لحماية الهوية الفلسطينية ومعالم الخليل، وتم تطوير مسار سياحي يمر من الموقع لإبراز أهميته ووضعه على الخارطة السياحية، خاصة بعد إدراج منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي.



















التعليقات