غزة:أجور متدنية وساعات عمل طويلة يواجهها ذوي الإعاقة فى القطاع الخاص

غزة:أجور متدنية وساعات عمل طويلة يواجهها ذوي الإعاقة فى القطاع الخاص
صورة تعبيرية
دنيا الوطن- نورهان المدهون
في ظل الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة، تزايدت التحديات والمشكلات التي يواجهها الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أصبح من الصعب على ذوي الإعاقة، الحصول على عمل بأجر شهري وساعات عمل تتناسب مع حالتهم، بسبب عدم التزام أرباب العمل بنسبة التشغيل 5% التي نصت عليها القوانين الوطنية.

في هذا التقرير نرصد بعضاً من تجارب عمل بعض من الأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، ونستعرض من خلال تجاربهم المشاكل التي يواجهونها من قبل أرباب العمل؟
أحمد" 35عاماً " ولد بإعاقة في يده اليمني، واستطاع أن ينهي دراسته الجامعية وينخرط في سوق العمل، كمصمم جرافيك في إحدى شركات الدعاية والإعلان.

استغلال وساعات عمل طويلة 

تتجاوز ساعات العمل اليومية لأحمد 12 ساعة عمل، يقضيها خلف شاشة جهاز الكمبيوتر في إعداد التصاميم للطباعة، براتب شهري ثابت قيمته 1000 شيكل، دون إحتساب لساعات وأيام العمل الإضافية.

يصر أحمد على البقاء فى عمله، رغم مايتعرض له من استغلال، لقلة فرص العمل، ولحاجته المادية المُلحة، كونه المعيل الوحيد لعائلته المكونة من 5 أفراد – على حد قوله -.

ذات المعاناة يواجهها تيسير "30 عاماً"، الذي يعاني من إعاقة حركية إثر تعرضه لحادث سير، ألزمه الجلوس على كرسي متحرك.

تيسير عامل صيانة لدي إحدي محال بيع وصيانة أجهزة الحاسوب، براتب شهري لايتعدي 800 شيكل.

يقول"  ليس لدي وقتاً محدداً لساعات العمل اليومية، فغالباً تبدأ في التاسعة صباحاً، مع فتح صاحب المحل أبوابه، وتنتهي مع إغلاقه فى ساعات متأخرة من المساء".

يحلم تيسير بالاستقلالية، وتأسيس مشروع خاص به، متمنياً تحسين نظرة المجتمع للأشخاص ذوي الإعاقة .

خوف من طرد تعسفي 
أما عن فادية "26 عاماً" تعاني من الصم ، كانت قد أتمت دراستها الثانوية، وانتقلت للتدريب المهني فى مجال فنون الطهي، علي أمل أن تجد وظيفة ثابتة.

بلغة الإشارة التي ترجمتها زميلتها، أوضحت فادية أنها اضطرت لتعلم فنون التجميل والمكياج، فى صالون تجميل لصديقة والدتها، أملاً في الإستقرار، بعد أن استغنى عنها صاحب العمل فور انتهاء عقدها، وعجزت عن إيجاد فرصة عمل في مجال تدريبها .

عبرت فادية عن استياءها من أصحاب العمل الذين يرفضون تشغيل أشخاص ذوي إعاقة، ولم تخفى خوفها من طرد تعسفي، حيث لا ضمانات ولا أمان وظيفي في القطاع الخاص.

فيما يعمل سعيد "22 عاماً"، في منجرة ويتعرض لأسوأ معاملة من توبيخ وإهانة، ومعايرة بإعاقته الحركية، ونعته "بالأعرج" من قبل صاحب العمل. 

اضطر سعيد لترك مقاعد الدراسة فى المرحلة الإعدادية هروباً من سوء معاملة أقرانه، وتدني مستواه الدراسي، باحثاً عن حرفه تمكنه من إعالة نفسه مادياً.

يفضل سعيد مواصلة العمل، خوفاً من الطرد وفقدان مصدر رزقه في ظل قلة فرص العمل المتاحة وعدم وجود بدائل – على حد قوله-.

فرص عمل بنسبة ضئيلة

الخبير الإقتصادي د. ماهر الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة، يشير إلى نسبة تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في المجالات الإقتصادية من تجارة وصناعة وزراعة لاتتجاوز 1%من القوي العاملة، منوهاً إلى عدم إلتزام أرباب العمل بتشغيلهم ضمن منشآتهم لإعتقادهم بأنهم أقل إنتاجية، إضافة لعدم موائمة المنشآت لذوي الإعاقة.

يؤكد د. الطباع على ضرورة توعية أرباب العمل بأهمية تشغيل ذوي الإعاقة، ودمجهم والإستفادة من طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية، وتحقيق العدالة والمساواه .

وعن دور غرفة تجارة وصناعة غزة، يبدى الطباع اهتمامهم بفئة الأشخاص ذوي الإعاقة والشراكة مع مؤسسات المجتمع المحلي لتوفير فرص عمل تهدف إلى تمكينهم إجتماعياً وإقتصادياً، ذاكراً مشروع حالي يتم تنفيذه يهدف إلي تشغيل النساء من ذوات الإعاقة، ودمجهن في سوق العمل .

في ذات السياق تحدث علام غباين رئيس لجنة تمويل المشاريع الصغيرة في هيئة تشجيع الاستثمار التابعة لوزارة الإقتصاد، موضحاً أن وزارته تعمل على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن برامج تهدف إلى تمكينهم إقتصادياً، وتقدم لهم قروضاً حسنة لتوفير فرص عمل تتناسب مع إمكانياتهم وقدراتهم وطبيعة إعاقتهم.

تسهيلات للدمج  
وأشار أن وزارته تعتبر الأشخاص ذوي الإعاقة ضمن فئة الشئون الإجتماعية، وتقدم لهم التسهيلات، مخففة عنهم جدول الأقساط، لافتاً إلي نسبة مشاركتهم بلغت 8.8% في إجمالي المشاريع التي اعتمدت في الفترة مابين 2008-2017.

فيما يؤكد أيمن أبو كريم نائب مدير عام التفتيش فى وزارة العمل،على إهتمامهم بفئة الأشخاص ذوي الإعاقة وإدراجهم على سلم الأولويات ضمن مشاريع الوزارة، وتنمية مهارتهم من خلال التدريب والتأهيل الذي يسهل إنخراطهم فى سوق العمل .

ونوه إلى توفير 170 فرصة عمل لأشخاص من ذوي الإعاقة، بما يتناسب مع إعاقتهم وتدريبهم.

صفاء عايش مساعد إداري فى الاتحاد العام للصناعة الفلسطينية تري أن تجربتهم الأخيرة بالشراكة مع مؤسسسة هاندي كاب انترناشونال ، في تشغيل 16شخص من ذوي الإعاقة كانت ناجحة.

 وتعتبر عايش قلة الوعي لدي أرباب العمل وعدم موائمة الأماكن لمختلف الإعاقات من عراقيل التشغيل.

الجانب الحقوقي
من جانبه الخبير الحقوقي خليل شاهين يشير إلى سوء واقع تشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة والأهلية، لافتاً إلي تهاون المجتمع في حقهم في العمل والتشغيل وفق المنظور الحقوقي.

وأشار إلى نسبة ذوي الإعاقة في القطاع العام لاتتجاوز 2.5 %، وتتدنى أكثر في القطاع الخاص، مرجعاً ذلك لغياب الرقابة من قبل الجهات المختصة، وعدم الالتزام بنسبة التشغيل 5% التي نصت عليها القوانين الوطنية في المؤسسات الحكومية والمنشآت العمالية الخاصة.

وشدد علي ضرورة تحفيز أرباب العمل في القطاع الخاص، لدمج ذوي الإعاقة في منشآتهم من خلال حوافز إدارية ومالية وإعفاءهم من الضرائب.

ويري الحقوقي شاهين أن انضمام دولة فلسطين عام2014 ، لإتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الدولية، يحتم تعديل النصوص والسياسات والإجراءات الحكومية، ويلزم الدولة بكافة الحقوق الواردة ومن ضمنها الحق في العمل والتشغيل.

هذا التقرير ضمن مبادرة "العمل حق وليس منة"  تنفيذ المنتدى الاجتماعي التنموي ضمن  مشروع "تعزيز المشاركة المدنية و الحوار الوطني من خلال الاعلام الفلسطيني المستقل" المنفذ من قبل الانترنيوز و الممول من قبل مبادرة الشراكة الامريكية الشرق أوسطية (ميبي).

إن محتوى هذا التقرير يعبر عن وجهة نظر صاحبه ولا يعكس وجهة نظر منفذ أو ممول المشروع.

التعليقات