حماس تعطي الضوء الأخضر لروسيا للتدخل في الشأن الفلسطيني

حماس تعطي الضوء الأخضر لروسيا للتدخل في الشأن الفلسطيني
صورة أرشيفية
رام الله - دنيا الوطن
قال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، موسى أبو مرزوق، إن علاقة حركته مع الدول والأطراف الفاعلة سواء الإقليمية أو الدولية تشهد انفتاحاً غير مسبوق، وتعاوناً على أكثر من مستوى وصعيد، لافتاً إلى أن حركته تتحفظ على الإعلان عن حجم وطبيعة هذا التعاوني لدواعي تقدير المصلحة.

وأضاف أبو مرزوق، وفق ما أورد موقع (المونيتور): "إن العلاقات التي تربطنا مع روسيا قديمة، ونحن جاهزون للعمل معها في أكثر من ملف، وروسيا تدرك أنّنا الفصيل الفلسطيني الأكثر شعبية وتنظيماً ونفوذاً في الشارع الفلسطيني، والفصيل الوحيد الذي يُجري انتخابات داخلية دورية لم تتوقف تحت أي ظرف، تشمل كل المواقع القيادية الشورية والتنفيذية كل 4 أعوام".

وتابع: "نريد من روسيا لعب دور سياسي أكبر في الصراع العربي- الإسرائيلي، في ظل انحياز الولايات المتحدة لرواية الاحتلال الإسرائيلي، مشيراً إلى أن روسيا هي جزء من الرباعيّة الدولية التي فرضت حصاراً على قطاع غزة، وأثبتت فشلها في فرض شروطها على الشعب الفلسطيني، وألحق الحصار أضراراً بالغة بحق الفلسطينيين، ويقع على عاتق روسيا لعب دور لتصحيح الأوضاع.

ووفق (المونتور)، فإن أهم أهداف زيارة حماس لروسيا الطلب منها التدخل مباشرة في المصالحة الفلسطينية ورفع الحصار عن غزة، وكذلك الطلب من روسيا دفع القضية الفلسطينية في المحافل الدولية للتوصل إلى حل جديد، وكانت نتائج الزيارة نجاح روسيا في الضغط على فتح وحماس.

ونقلت عن مصدر مسؤول داخل الحركة لم تسمه، إن حماس استغلت فرصة الدعوة لزيارتها من روسيا لاستباق أي خطوات أمريكية مقبلة متوقعة ضد الحركة، وهناك ممثل للحركة في روسيا".

يذكر، أن حركة حماس وصفت في بيان سابق لها، زيارتها الأخيرة لروسيا بالمثمرة، بقولها: "استعرض وفد الحركة خلال الاجتماع الذي استمر 3 ساعات تطورات المصالحة الفلسطينيّة ومستجدات لقاءات القاهرة، بما في ذلك قرار الحركة بحل اللجنة الإدارية ودعوة حكومة الوفاق للقدوم إلى قطاع غزة لممارسة مهامها والقيام بواجباتها فوراً، وموافقة الحركة على إجراء الانتخابات العامة."

ويقول الموقع، إن حماس هدفت من زيارتها وضع روسيا في صورة الأزمات التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، ومناقشة ملف المصالحة الفلسطينية، والضغط على الرباعية الدولية لرفع الحصار عن غزة، وتقديم مساعدات إنسانية لقطاع غزة تخفيفاً للمعاناة.

وأشار الموقع إلى أن المسؤول في حماس رفض اسم ممثل الحركة في روسيا، لكن موقع "كان" الإسرائيلي ذكر في 24-9-2017 أن "ممثل حماس في روسيا اسمه الدكتور علي أبو عصام، وأنه لم يكن ممثلاً رسمياً لحماس، بل منسقاً للاجتماعات بين حماس ومسؤولين في موسكو".

وأضاف الموقع: "هذه المرة الأولى التي تعلن حماس عن وجود ممثل رسمي لها في دولة غربية وهي روسيا، ونشر موقع "دنيا الوطن" الفلسطيني صورة أبو عصام ممثل حماس في روسيا في 25-9-2017".

ويشير الموقع، إلى أن إعطاء حماس الضوء الأخضر لروسيا للتدخّل في الملف الفلسطيني الداخلي جاء بعد تراجع الاهتمام العالمي بالأزمة الفلسطينية، في ظل الأزمات الجديدة الراهنة في المنطقة.

ونوهت إلى أن ذلك ما صرح به رئيس اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر بيتر ماورير الشهر الماضي، خلال زيارته لغزة قائلاً: إن النزاع الفلسطيني الإسرائيلي كان في قائمة الاهتمامات في السنوات الأخيرة، وتمت ترجمته بكرم من الهيئات الدوليّة والمجتمع الدولي، لا ينظر فقط إلى الفلسطينيّين والإسرائيليّين فهناك نزاعات خطيرة جديدة تولّد عنها المزيد من العنف والانتهاك للقانون الإنسانيّ، وهذا أدّى إلى تراجع الاهتمام العالميّ بالنزاع الفلسطينيّ– الإسرائيلي".

وبين الموقع، أن روسيا حافظت على علاقاتها الإيجابية مع حركة حماس منذ فوزها في الانتخابات التشريعية خلال عام 2006،

وزار وفد قيادي من الحركة برئاسة رئيس مكتبها السابق خالد مشعل روسيا في آذار/ مارس من عام 2006، والتقى خالد مشعل الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيدف في دمشق منتصف أيار/ مايو من عام 2010، إضافة إلى لقاء مشعل بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الدوحة مطلع آب/ أغسطس من عام 2015.

ونقل (المونتور)، عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية، هاني البسوس قوله: إن حماس تحاول توسيع مجال علاقاتها الدولية، في ظل التجاذبات الإقليمية، وقد فتحت روسيا أبوابها للحركة سعياً وراء دور جديد في الملف الفلسطيني.

وأوضح البسوس، أن حماس أعطت الضوء الأخضر لروسيا للتدخّل في الشأن الفلسطيني، وستلعب روسيا دوراً مهماً في إعادة علاقة حماس بالنظام السوري، والتي بدت أكثر انجذاباً للانفتاح الروسي عليها، في ظل انسداد الأفق بعلاقاتها الدولية".

ونوهت إلى أن انسداد الأفق أمام حماس كان واضحاً من ضعف التجاوب الغربي مع وثيقة حماس السياسية الجديدة التي طرحتها في الدوحة في مطلع مايو 2017، والإجراءات العقابية التي فرضها الرئيس الفلسطيني محمود عباس على غزة، والتي تضمنت خصومات وقطع رواتب آلاف الموظفين في غزة".

وعن قدرة روسيا على تحقيق المصالحة الفلسطينية، قال هاني البسوس: "إن روسيا معنية بالتدخّل في المنطقة، خصوصاً في الملف الفلسطيني، لكنها غير قادرة على التأثير في موضوع المصالحة بين فتح وحماس، وإن المؤثرين الأكثر قوّة هما الولايات المتحدة وإسرائيل، لأن النفوذ الأمريكي في الملف الفلسطيني ما زال حاضراً وبقوة".

وكتب المحلل السياسي الروسي إيغور سوبوتين في 20-9- 2017 مقالاً نشرته صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسيّة اليوميّة جاء فيه: "ديبلوماسيّة موسكو والقاهرة ساعدت على تقديم حماس تنازلات لفتح".

الباحث السابق في مركز التخطيط الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، يوسف حجازي، قال: "لا يمكن أن تجد روسيا حلولاً للأزمة الفلسطينية في الواقع، إلا من خلال الدول العربية كمصر والسعودية، لأن الأزمة الفلسطينية وصلت إلى مرحلة من التعقيد تحجم أي جهد روسي وتحصره في إطار تقريب وجهات النظر وطرح الأفكار ومناقشتها مع الأطراف، من دون أن يمتلك أي أوراق ضغط، إلا إذا وافقت الدول العربية على الأفكار الروسية الجديدة للأزمة الفلسطينية".

لا تستطيع روسيا أن تفرض حلاً ناجحاً في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ولا في الصراع الداخلي بين حماس وفتح إلا من خلال الدول العربية التي لها قدرة التأثير على الأطراف الفلسطينية الداخلية، وقدرة فرض الحلول من خلال الجامعة العربية.

واعتبر حجازي أن "إسرائيل ستجد صعوبة في معارضة روسيا إذا ما قررت التدخل في الملف الفلسطيني، فإسرائيل تحتاج إلى ضمانات روسية ضد ترسيخ إيران في سوريا، فتصمت إسرائيل أمام التحركات الروسية الجديدة باتجاه الفلسطينيين".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن في مؤتمر صحافيّ بمدينة القدس العام الماضي، جمعه مع نظيره الروسي ديمتري ميدفيدف، استعداد روسيا للعمل على استعادة الجنود الإسرائيليين المفقودين في قطاع غزة.

وقال حجازي: "إنّ حماس أرادت من روسيا إحباط المساعي الأمريكية لتثبيت اسمها على قائمة المنظّمات الإرهابيّة في العالم".

واعتبر حجازي "الحراك الروسي الأكثر تقدّماً في الساحة الدوليّة للتعاطي مع الأزمة الفلسطينيّة الداخلية، متمثلاً في الضغط على مصر لإنجاح المصالحة، ومتزامناً مع رفع الفيتو الأمريكي– الإسرائيلي عن المصالحة الفلسطينيّة".

وبعد تدخّل روسيا في الأزمتين السوريّة والخليجيّة، توقّع حجازي أن "يحمل ذلك دلالات مستقبليّة عن إمكانيّة طرح روسيا مبادرة جديدة تتضمّن حلاًّ سياسيّاً للصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وعرضها على الأمم المتّحدة".

زيارات "حماس" المتكررة لروسيا تعكس رغبة الطرفين في تبادل المصلحة من خلال هذا الحراك الدبلوماسيّ، فروسيا تسعى إلى تحالفات إقليميّة تخدم مصالحها وتحسّن صورتها في العالم الإسلامي من خلال حماس، وحماس تبحث عن مخرج حقيقيّ لأزمتها الداخلية والخارجية.

التعليقات