تلوث البحر.. قتل أحلام الباعة المتجولين في العيش

تلوث البحر.. قتل أحلام الباعة المتجولين في العيش
صورة تعبيرية
خاص دنيا الوطن- عمر اللوح
براد بوظة حلويات ألعاب أطفال.. بهذه العبارات ينادي الآلاف من الباعة المتجولين على شاطئ البحر مع بدء الاصطفاف، والذي يعتبر بالنسبة لهم موردًا اقتصاديًا كبيرًا، يسهم في توفير لقمة العيش لهم بدلًا من الجلوس في منازلهم؛ ولكن تلك العبارات تكاد تختفي تماماً في هذا الموسم بعد انقطاع المصطافين عن القدوم للبحر نتيجة تدفق مياه الصرف الصحي إلى الشاطئ دون معالجتها، مما مثل الموسم بوابة جحيم للباعة المتجولين. 

يا للأسف

ويقول بائع الذرة عمر عبيد: لقد اعتدت في كل عام أن أتوجه إلى شاطئ البحر لبيع الذرة مع أبنائي فيتدفق الآلاف من العائلات للشراء مني ليتذوقوا الذرة المسلوقة والمشوية وهم يقضون على شاطئ البحر أجمل أوقاتهم، ويلقون داخله أعباءهم وهمومهم اليومية، وخاصة في ظل الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض عليهم منذ سنوات طوال، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي وارتفاع درجات الحرارة.

ويضيف لــ" دنيا الوطن" مما يتيح الفرصة لي وللأبناء بالعمل بجد واجتهاد فنحصد من خلال هذا الموسم السنوي ما يقارب مصروف العام؛ ولكن يا للأسف والحسرة تدفقت مياه الصرف الصحي دون تنقيتها إلى شواطئ البحر، مما منع قدوم المصطافين  إلى البحر فقل رزقي عما كان من قبل.

أصعب أنوع الموت

أما معاذ الخطيب وهو خريج جامعي لم يستطع الحصول على وظيفة، فاتخذ من البحر مصدر رزق له فيقول لــ"دنيا الوطن": بعد تخرجي من الجامعة وعدم حصولي على وظيفة لجأت إلى شاطئ البحر للعمل كبائع متجول لإعانة أسرتي ومساعدتها في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها".

ويتابع أفترش خيمة صغيرة متواضعة لبيع البسكويت والحلويات والمبردات على شاطئ البحر مع شقيقي الصغير، ولكن أتت الريح بما لا تشتهي السفن، فالبحر أصبح ملوثاً بمياه الصرف الصحي، وأصبح الإقبال على الشراء شبه ميت حتى أنني أنتظر بلهفة قدوم أحد المصطافين يمر ويشتري واكتفى بالقول:" العيش في غزة يعني الموت البطيء وهو أصعب أنواع الموت".

أصبحت بلا عمل

فيما أوضح  خالد الوحيدي، أنه يعمل في إحدى الاستراحات على شاطئ البحر منذ سبع سنوات، ويتقاضى راتباً جيداً لنظر لكثرة الإقبال على الاستراحة من المصطافين في وقت السباحة، ويزداد الإقبال في الفترة المسائية إلى ساعات متأخرة من الليل؛ ولكن بعد تلوث البحر انقطع المصطافون بشكل كبير.

ويكمل مما دفع صاحب الاستراحة إلى التخلي عن بعض العمال وكنت من بينهم فشعرت بالحسرة والأسى، خاصة أنني أعتبر فصل الصيف موسمًا ممتازًا من خلال عملي بالاستراحة وأجني راتباً وبقية العام أعمل في أي عمل أكتفي منه بمصروفي اليومي، ويواصل ولكن ماذا عساني أن أفعل في ظل واقع مرير لا مفر من الهروب منه.  

يزيد الجرائم

وفي ذات السياق، أوضح المختص في المجال الاقتصادي طارق عابد، أن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يمر بها قطاع غزة أثرت على كافة القطاعات، ومنها تدفق مياه الصرف الصحي إلى البحر دون تنقيتها، مما أدى إلى انقطاع المصطفين عن القدوم إلى البحر، ويتابع فأثر ذلك على الباعة المتجولين على شاطئ البحر.

ويضيف تأثرت هذا الفئة الذي هم بالأصل من الطبقة الفقيرة والذين ينتظرون موسم الصيف من العام إلى العام أدى إلى انقطاع عملهم مما زاد من حالة الفقر والحرمان لديهم، ويكمل وهذا الأمر يؤثر سلباً على المجتمع برمته، فعلى سبيل المثال يزيد من معدل الجرائم لأنهم يصبحون بلا عمل فيضطرون إلى السرقة أو حدوث مشاكل بالبيت، وقال المطلوب أن تقوم الدولة بتوفير فرص عمل لهم وإذا لم تستطع فعليها إيجاد البديل.

التعليقات