بعد مرور 20 عاماً.. خالد مشعل والاغتيال الصامت

بعد مرور 20 عاماً.. خالد مشعل والاغتيال الصامت
صورة أرشيفية - خالد مشعل بعد عملية الاغتيال
رام الله - دنيا الوطن
يصادف اليوم الاثنين، الذكرى العشرين لمحاولة الاغتيال الفاشلة التي نفذها الموساد الإسرائيلي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، في العاصمة الأردنية (عمان).

ففي الخامس والعشرين من عام 1997، باءت محاولة الموساد في اغتيال خالد مشعل بمادة سامة بالفشل؛ وذلك بعد اعتقال اثنين من منفذي عملية الاغتيال ومبادلتهم بالمصل، إلى جانب صفقة تبادل أسرى شملت مؤسس حركة حماس الشيخ أحمد ياسين.

وجاءت عملية الاغتيال بقرار رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه، بنيامين نتنياهو، والتي اعتبرها رداً على عمليتين استشهاديتين نفذتهما حركة حماس في مدينة القدس أوقعتا 16 قتيلاً اسرائيلياً، فيما أصيب 187، حيث طُلب من رئيس جهاز الموساد داني يتوم إعداد خطة لتنفيذ عملية الاغتيال.

ورصدت أجهزة الموساد الإسرائيلي، خالد مشعل والذي كان يسكن حينها في عمان ويتوجه يومياً إلى مكتب الحركة الكائن في  شارع وصفي التل وسط عمان؛ إلا أنه وبسبب اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل طُلب من الموساد أن إعداد عملية اغتيال هادئة ودون أحداث ضجة ولا تقود لاسرائيل، وحتى لو كشفت خيوط بسيطة يمكن لاسرائيل التنصل من العملية دون وجود أدلة مباشرة.

وفي التفاصيل، قال الإعلام العبري، إن ستة من عناصر وحدة التنفيذ بالموساد "كيدون" والتي هي جزء من وحدة تنفيذ عمليات الاغتيال "كيساريا" توجهوا للأردن، حيث تمكنوا خلال وقت قصير من جمع المعلومات عن خالد مشعل والمكتب الذي يمارس فيه عمله، والبيت الذي يسكنه في عمان، حركته اليومية وتنقلاته خاصة ايصال أبنائه يوميا إلى المدرسة.

وباشرت الوحدة، بحث العديد من الخيارات لتنفيذ عملية الاغتيال من ضمنها حادث سير، ولكن في نهاية الأمر استقر الجهاز على استخدام مادة السم في عملية الاغتيال، حيث جرى بحث طبيعة المادة في الوحدة التكنولوجية التابعة لجهاز الموساد، والتي شارك فيها خبراء البيولوجيا في معهد "نيتسيونا"، وجرى اختيار مادة "Levofentanyl" والتي تعتبر مادة سامة خطيرة ومتطورة، وكانت الخطة تتمثل بوضع وجبة كبيرة في جسد خالد مشعل دون أن يشعر، كونه سيعاني من الإعياء طوال اليوم ومن ثم يبدأ يدخل الغيبوبة وصولاً إلى الوفاة.

تم تدريب عناصر الوحدة على كيفية زرع السم في جسد خالد مشعل، وعادت العناصر إلى الأردن بعد أن اسندت إليها مهمة الاغتيال وزرع السم إلى عنصرين من الوحدة المختارة "كيدون"، ودخلا الأردن بجوازي سفر كنديين مزورين، ورافقهم في هذه العملية عناصر أخرى للدعم والاسناد وكذلك طبيبة من جهاز الموساد، والتي كانت تحمل معهما مادة السم والترياق المضاد حال وصل السم إلى أحد عناصر الموساد أثناء التنفيذ.

ووفق الإعلام العبري، فقد تعطلت العملية أكثر من مرة نتيجة لحدوث خلل في حركة خالد مشعل، إلا أنه وبعد مرور 5 أيام تم تحديد يوم 25 أيلول كأخر يوم لتنفيذ العملية، حيث حضر خالد مشعل للمبنى الذي يتواجد فيه مكتبه، حيث كان أفراد الموساد منتشرين في مواقعهم وتم الاتفاق بينهم على إشارة محددة ولم يستخدموا الأجهزة.

ولدى وصول السيارة التي كان يستقلها خالد مشعل ولم يكن فيها غير السائق وابنته، نزل منها خالد مشعل وتوجه نحو مدخل العمارة، هنا تحرك عنصرا الموساد بناء على تعليمات بالاشارة وسارا نحو خالد مشعل من الخلف، ولدى اقترابهم منه نزلت ابنته من السيارة وبدأت تصرخ وتنادي والدها "يابا"، وتبعها السائق الذي رأي شخصين يسيران نحو خالد مشعل بشكل يثير الشبه، فقام هو الاخر بالصراخ على خالد مشعل وبدأ ينادي عليه "خالد"، عند ذلك حاول خالد مشعل الدوران ليرى لما ينادون عليه، عندها كان عنصرا الموساد قد وصلاه لتنفيذ الخطة بوضع السم من قبل أحدهم مستخدما أبرة خفيفة جداً تستخدم للاطفال، على أن يضعها في يده اليمنى عندما يميل عليه العنصر الثاني، وعندما يلتفت خالد مشعل للخلف يجد سائحين أجنبيين ولن يشعر بأن السم دخل جسده، ولكن هذا التدخل من ابنته والسائق غيرت السيناريو في اللحظات القاتلة، وأصاب السم الأذن اليمنى لخالد مشعل وهربا من المكان إلى سيارة الهروب التي كانت تنتظرهم.

وكان لوصول أحد مرافقي خالد مشعل والمدعو محمد أبو سيف، تأثيراً على سير العملية، حيث قام بملاحقة عنصري الموساد وسجل رقم السيارة، واستمر في الملاحقة إلى أن نزل عنصري الموساد منها وهاجم أحدهم وهو يصرخ بأنهم اعتدوا على خالد مشعل.

وفي هذه الأثناء، وصل سعد الخطاب، أحد أفراد الأمن الفلسطيني السابقين، بمحض الصدفة حيث شاهد أحد عناصر الموساد يحمل حجراً كبيراً ويحاول ضرب أبو سيف، فهاجمه وأبعده عن أبو سيف، في حين تجمع العديد من المارة الذي ارادوا مهاجمتهم بعد، حيث سلموا أنفسهم لأبو خطاب وقادهم إلى مركز الشرطة الأردنية، وطلب من الشرطة اتخاذ الحذر الشديد كونهم من الموساد الذي قد يصل لتخليصهم.

وفي هذه الأثناء، جرى نقل خالد مشعل إلى المستشفى الإسلامي، بعد أن بدأ يعاني من الإعياء وضيق النفس، فيما أعطى ملك الأردن حينها الحسين بن طلال تعليماته لنقله الى المستشفى الملكي والذي يعالج فيه مع أفراد عائلته، حيث تم الاتصال على طبيب الملك سامي ربابا ليتولى العلاج.

بدأ الطبيب الأردني ربابا، بمعاينة  مشعل والذي بدأ يدخل في الغيبوبة، حيث قام الطبيب في كل مرة يدخل في غيبوبة يوقظه ويحافظ عليه صاحياً حتى يبقى يتنفس.

ويؤكد الطبيب الاردني بأنه مع الطاقم الطبي الاردني بعد المعاينة أدركوا أنه تلقى مادة سامة خاصة انهم فهموا ان الحديث يدور عن عملية اغتيال.

ووفق الطبيب الأردني، فإنه لم يستخدم مادة الترياق التي قدمتها اسرائيل لانقاذ حياة خالد مشعل؛ بل استخدم مادة "Naloxone" وحقنها لخالد مشعل، حيث تم اعطائه هذه المادة لاكثر من مرة والتي ساهمت بعدم دخوله الغيبوبة، ومن ثم خروج السم من جسده دون حقنه بالترياق الذي رفض الطبيب الأردني استخدامه.

ووفق الإعلام العبري، فإنه بعد الفشل الذي حصل طلب من عناصر الموساد المشاركين في العملية التوجه الى السفارة الاسرائيلية في عمان على الفور، وقد فكرت الطبيبة التي كانت تتواجد في أحد فنادق عمان برفقه عنصر آخر من الموساد، باتلاف الترياق خاصة بأن أحدا من عناصر الموساد لم يصب، وخوفا من ضبط هذه المادة معها واعتقالها من قبل السلطات الاردنية، فقامت بالاتصال مع قائدها في الموساد الاسرائيلي وذكرت له بأنها تريد اتلاف الترياق.

جاء جواب الضابط المسؤول مفاجئاً، حيث طلب منها أن تبقيه معها وتنزل الى ساحة الفندق، وستجد ضابط من الاستخبارات العسكرية الاردنية في انتظارها وتذهب معه للمستشفى، كي تقوم بحقن خالد مشعل بالترياق، وعندما سمعت ما ذكره لها قائدها لم تصدق الكلام وطلبت منه اعادته مرة ثانية للتأكد مما سمعته.

نفذت الطبيبة، ما طلب منها ونزلت ووجدت الضابط في انتظارها، وتوجهت معه الى المستشفى وقدمت الترياق للطاقم الطبي الذي رفض ان تقوم هي بحقن خالد مشعل.

على إثر العملية، عقد ملك الأردن صفقة تبادل مع إسرائيل حيث جرى الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس، مقابل تسليم الأردن لعنصري الموساد المحتجزين لديها، وفق الطوق الأمني الذي فرضته السلطات الأردنية على السفارة الإسرائيلية بعمان.

أرشيفي: وثائقي اغتيال خالد مشعل
 

 

التعليقات