انتهى عصر الأفراح

انتهى عصر الأفراح
جهاد مشاقي

قبل المقال أروى هذه القصة : يحكى أن أحد الملوك من ذوي العدل كان يبالغ كثيرا إذا مر بالفرح ، وإذا غضب وإذا حزن وفي كل هذه الحالات يفقد بالمطلق السيطرة على نفسه ،، فأراد أن يتخلص من هذه العادات السيئة ،، وكان قد جاءه خاتم من الذهب الخالص هدية ،،فذهب إلى أحد الصاغة المشهورين وطلب منه أن ينقش عبارة على الخاتم تساعده على السيطرة على نفسه ،، فنقش الصائغ عبارة (( هذا الوقت سيمر )) 

وصار الملك عندما تعتريه حالة فرح يقرأ العبارة فيكبت جماح نفسه وهكذا مع الحزن والغضب

وقالوا :كل شيء زاد عن حده ، انقلب ضده اونقص 

واكثر شيء يأخذ بالتناقص بمجتمعنا هو وقت الفرح ، رغم حجم العرس ، فعصر الفرح انتهى او كاد ، وعصر الاعراس ساد او كاد 

والفرح هو تلك الحالات النفسية الايجابية التي يمر بها الانسان اما لتلقيه اخبار سارة او مروره بمناسبات ومحطات في حياته لا يمكن الا ان تغمر السعاده مشاعره ومحيطه فالولادة والنجاح والخطبة والزواج والوظيفة والمال والشفاء من الداء والمنصب كلها اشياء طبيعية للفرح الطبيعي الذي يشمل السعادة والسرور ، وهذه مؤثرات ومحطات مركزية في حياة الفرد ، وقد يجلب الفرد الناجح لنفسه الفرح والسرور ايضا في غير هذه المحطات بجعل حياته سهلة بسيطة دون تعقيدات وجلب السعادة والفرح للاخرين 

اما عندما تحول محطات الفرح الى اعراس بطقوس مخالفة للقناعات وموائمة لبعض اوهام العادات المرسومة بدائرة سيقال عني وسيتحدث الناس ، فهذه عبارة عن فقاعات من الهواء في حقنة الدواء تطردها ممرضة متدربة قبل الحقن بثواني ، 

فوقت الفرح سيطول بعض الوقت ، ولكن وقت العرس الذي سيتحدث به الناس سينتهي قبل الوقت ، لان الحد زاد عن سعر المزاد ، وستنهال الشتمائم والمذمات من الحاضرين قبل الغائبين لسوء النتائج والاعتداء على الممتلكات والخصوصيات .

فمن الذي امتلك الحق باغلاق الشارع ليمر العرس منه دون سبب 

ومن الذي امتلك الحق ان يقوم بتلوث البيئة عن عمد عبر ضجيج الزامور وفقاعات التيربو 

ومن امتلك الحق بازعاج مدينة او قرية باكملها 

ومن امتلك الحق بمصادرة راحة الناس بالبيوت ليتحدث الناس عن حجم الفاردة وموديل اللسيارات بها ونوع الزينة وعدد التابعين من الاولين والاخرين الذين لا يعرفون اين يذهبون سوى انهم فقط مقلدون حتى لا يقال عنهم انهم متخلفون ولاثبات ولائهم والتزامهم بالوهم فانهم للغمازات مشغلون وبالزامور يصدحون 

واكثر من ذلك ان اصحاب الاعراس بلا افراح ، ماينتهي العرس او ما يسمونه زورا حفلة والحفلة منهم براء ، الا وتجد البعض منهم على ابواب مكاتب الشؤون او على عتبات لجان الزكاة ينتظرون دور سلة المعونة بدراهم معدودة ، وهو قد انفق في النعي بدار عرس بلحظة الارضاء او بلحظة النفاق الاجتماعي اكثر ما سيأخذه بستين او سبعين من الاعوام .

قالوا : الوقت كالسيف اذا لم تقطعه قطعك . 

ووقت الوطن يضيع على اعراس بلا افراح بنفاق اجتماعي بلا معتقد ولكنه متبع اكثر من رسالة الانبياء ، ويضيع ايضا ما كتبه الصائغ على خاتم الملك ان هذا الوقت سيمضي 

وكل شيء تحت ظل هذا الوهم الاجتماعي المغلف بارضاء غير مبرر ينهي كل لحظات الفرح والسعادة وينهك اقتصاد بلد تعج بالفقر والبطالة ومحدودية الموارد ومحاطة بالجدران ومسيجة بالاستيطان والاقتحامات والحواجز ولا حواجز لفوضى المجتمع 

والامر من ذلك ان طقوس الاعراس هي نفسها طقوس الاحزان واحيانا بعد مشاعر الحج.

مقالي سيضايق الكثيرين وقد يضايق المحاكم الشرعية اكثر لانه اذا اخذ صدى سيجد قضاتها وقتا للفراغ من قلة الزبائن .

جعل الله حياتكم سعادة وافراح وجنبكم الاحزان و .....

التعليقات