جلسات السيكودراما تحقق حالات نجاح لأطفال عانوا من اضطرابات نفسية

جلسات السيكودراما تحقق حالات نجاح لأطفال عانوا من اضطرابات نفسية
رام الله - دنيا الوطن
توقفت الطفلة هداية (12عاماً)  تماماً عن البكاء وقلت لديها حدة القلق التي سببتها ظروف أسرتها العائلية الصعبة، بعد أن استفادت من جلسات "السيكودراما" التي نظمها فريق العمل في عيادة د. حيدر عبد الشافي في جباليا التابعة لجمعية الاغاثة الطبية الفلسطينية.

قال فريق العمل: "بالتشجيع المستمر وبالتركيز على نقاط القوة لدى الطفلة "هداية" التي كانت تعاني من فقدان شقيقها الأوحد ومرض جلدي خطير أصاب والدتها، حققت "هداية" تغييراً إيجابياً، وتحولت لطفلة نشيطة وأصبح لديها رغبة كبيرة بالمشاركة في الألعاب والأنشطة التي نقوم بتنفيذها، فضلاً عن زيادة رغبتها بالاستمرار في الدراسة والتفوق لكي تصبح طبيبة لمعاجلة والدتها"..

جاء ذلك ضمن قصص النجاح التي حققتها جلسات "السيكودراما" التي نظمتها عيادتان تابعتان للإغاثة الطبية في جبالبا وقرية أم النصر،  لأطفال عانوا من اضطرابات نفسية، وظروف اقتصادية واجتماعية سيئة..

ففي عيادة د. حيدر عبد الشافي غرب مخيم جباليا عقد فريق العيادة المختص نحو (10جلسات) استمرت لنحو شهر ونصف ، شارك فيها نحو ثمانية أطفال من الفئة العمرية ما بين ( 9 إلى 12عاماً )

من بين  هؤلاء، الطفلة رهف (12 عاماً)، التي كانت تعاني من حالة اكتئاب رغم أن ظروفها العائلية جيدة,  وبدت منعزلة تماما عن المجموعة ولا ترغب بالمشاركة بأي نشاط، نتيجة القسوة في التعامل الأسري لديها.

واعتبر فريق العمل أن سبب ما عانته الطفلة "رهف" هو حالة الإهمال التي تعرضت لها من قبل أفراد أسرتها، وعدم مراعاة احتياجاتها وطلباتها.

لكنها حققت بعد التشجيع المستمر ومنحها أدوار مناسبة خلال جلسات "السيكودراما" تغيير إيجابي على حالتها وبدأت تشعر بطفولتها بشكل صحيح من خلال ممارسات اللعب والمشاركة.

وتعتبر حالة الطفل عبد الله (12عاماً) مختلفة نوعاً ما،  فشخصيته بدت قوية ولديه اعتزاز زائد بنفسه، لكنه كان يبكي عند بداية ممارسته للأنشطة والتمارين، إذا لم يحقق هدفا ًأو لم يكن هو الفائز بها.

ومن خلال الجلسات تم إقناعه بضرورة تقبله للفشل والخسارة في بعض الأحيان، وأن ذلك لا ينقص من قدراته وتميزه، وهو ما قد تحقق بنجاح وبدا الطفل "عبد الله" يتقبل مثل هذه الأمور بصدر رحب.

قال فريق العمل في عيادة جباليا، تعقيباً على القصص السابقة بأن الأساليب المستخدمة في هذه الجلسات تنوعت ما بين اللعب الأدوار(التمثيل), الرسوم, الرموز, الدراما الاجتماعية, القياس, وتمارين الإحماء التي تضمنت العاب مختلفة.

وأضاف الفريق، هدفت جلسات "السيكودراما"،  إلى مساعدة الأطفال على التعبير عن مشاعرهم والحديث عن مشكلاتهم، والمساعدة في التغلب عليها، ذلك بالإضافة للترفيه الذي يشعرهم بالسعادة.

ومن خلال تفاعل أطفال المجموعة مع بعضهم البعض من خلال التمثيل وغيره من الأنشطة، وأصبحوا أكثر وعياً بمفاهيم جديدة كالمشاركة في الأدوار الاجتماعية، التعاون، الاحترام، الحرية والطلاقة في التعبير.

عيادة أم النصر

وفي قرية أم النصر (القرية البدوية) وهي منطقة فقيرة ومهمشة تقع أقصى شمال القطاع عقد فريق العمل التابع لعيادة الإغاثة الطبية عشر جلسات شارك فيها عشرة أطفال من الفئة العمرية (11 إلى 12عاماً) خلال فترة استمرت شهر ونصف.

يذكر أن قرية أم النصر هي قرية لها خصوصية اجتماعية مختلفة حيث يمنع اختلاط الجنسين، لكنهم يتمتعون بمهارات وعادات فريدة نوعاً ما.

قال فريق العمل، إن بداية عقد الجلسات مع هؤلاء الأطفال أخذت طبيعة خاصة حيث عانوا من سلوك عنيف وتأثيرات اجتماعية وعادات وتقاليد مختلفة تمثلت في الرفض التام للاختلاط بين الجنسين وحتى مجرد الجلوس سوية خلال جلسات العمل، لكن ذلك تغير مع استمرار الجلسات والتدريبات.

وأضاف الفريق:"لاحظنا تغييرات إيجابية علي المجموعة, وقد عبر الأطفال عنها حتى قبل انتهاء الجلسات, مؤكدين أنهم يشعرون بتغير إلى الأفضل و أصبح الوضع العائلي والسلوك العام لديهم أفضل.

قصص النجاح

بدت الطفلة "دينا" (12عاماً) متأثرة بالعائلة الممتدة التي تنتمي إليها، فهي واحدة من بين (24 أخ وأخت) لأب متزوج من ثلاث نساء.

كانت تعاني من ضعف في شخصيتها وعدم رغبة في المشاركة والحديث عن العائلة، كما تعاني من العزلة ، لكن بعد إشراكها في جلسات "السيكودراما"  أصبحت راغبة في التحدث عن الأشياء التي تزعجها محاولة التخلص منها، وصار لديها قدرة ورغبة على الاعتراف بالخطأ ، وأصبحت تتمتع بثقة في النفس وليدها أصدقاء من المجموعة.

قال الفريق نقلاً عن الطفلة "دينا" أنها توقفت عن ممارسة السلوك الخاطئ والعنيف خصوصاً مع أخوتها الذين يصغرونها، وعبرت عن شعورها بالسعادة والارتياح من المشاركة في الجلسات.

وعلى نحو غير معتاد فالطفلة "سمية" (12عاماً) التي كانت تتمتع بصفات قيادية اكتسبتها بعد استشهاد والدها، استغلتها باستخدام أسلوب عنيف عند التعامل مع أقرانها خلال الجلسات.

وهو ما استوجب التركيز على التعامل معها على نحو خاص، فليس معنى التمتع بصفات القائد هو محاولة السيطرة على المجموعة بل استغلال هذه المهارات والصفات في تحقيق  نجاح وتعامل إيجابي مع المجموعة.

لقد أدركت "سمية" ذلك بعد أن تم منحها بعض الأدوار البسيطة للقيام بها خلال فعاليات الجلسات, وتم إقناعها بأن جميع الأدوار أساسية، وهو ما تم تحقيقه معها بتغيير على سلوكها العنيف نوعاً ما واستبداله بسلوك ملائم.

 أما بالنسبة لباقي الأطفال الذكور فان معظمهم كان يعاني من حركة زائدة, ولقد واجه فريق العمل معاناة في السيطرة علي هذا السلوك فكانوا غير قادرين على الانسجام في الفقرات التمثيلية، وبعد المضي في تنفيذ الجلسات أصبح لديهم استجابة وبدوا أهدأ قليلاً .