مؤسسة (ماس) تصدر تقريران حول تجمعي شرق طوباس وجورة عمرة

رام الله - دنيا الوطن
يصدر اليوم عن معهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني– ماس تقريرين منفصلين حول اقتصاد تجمع شرق طوباس وتجمع جورة عمرة تحت عنوان "تشخيص الموارد الاقتصادية المحلية". تستكمل هذه التقارير سلسلة تقارير تتناول توزيع الموارد الاقتصادية في عدد من التجمعات الفلسطينية، ضمن الجهود الفلسطينية على الصعيد الوطني لبلورة نماذج ناجحة للتنمية الاقتصادية المحلية تعتمد على تشخيص دقيق للأوضاع المحلية، حيث تناول التقرير الأول الذي صدر عن ماس الأسبوع الماضي اقتصاد القدس الشرقية، بالإضافة الى تقارير تشخيصية مماثلة حول خمس مدن في قطاع غزة أعدت من قبل مركز أبحاث جامعي هناك اعتمدت نفس المنهجية التي صممها الطاقم البحثي في "ماس".

تعتمد منهجية إعداد هذه التقارير على مفهوم التنمية الاقتصادية المحلية، أي التخطيط للتنمية وتحديد احتياجاتها من خلال إعداد خرائط الاقتصاد المحلي وبناء على ما يصدر من معلومات عن الفاعلين المحليين في كل تجمع او منطقة محلية. يأتي نشر هذه التقارير ضمن التحضيرات الجارية لإقامة "منتديات التنمية الاقتصادية المحلية" تحت إشراف وزارة الحكم المحلي وضمن منهجية قام ماس بتطويرها، في إطار مشروع التنمية الاقتصادية المحلية الذي ينفذه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بتمويل من النمسا، والنرويج، والسويد، من خلال برنامج دعم الصمود والتنمية (CRDP).

في هذا السياق كان قد صرح وزير الحكم المحلي د. حسين الاعرج  بمناسبة صدور هذه السلسلة "ان اعداد هذه التقارير التشخيصية يأتي ضمن مسعى الحكومة إلى تطوير خارطة للتنمية الاقتصادية لمنح وحدات الحكم المحلي دور أكبر في التخطيط والتنفيذ وتحديد أولويات المشاريع و الحاجات الأساسية المطلوبة للنهوض بالتجمعات السكانية. ومن هنا كلف معهد ماس القيام بتصميم منهجية بحثية خاصة بالتنمية الاقتصادية المحلية وإعداد خارطة لتجمعات (القدس الشرقية، شرق طوباس، جورة عمرة) كمرحلة أولى لتطوير خطط التنمية الاقتصادية المحلية."

يشمل  تقرير تجمعات شرق طوباس كل من؛ العقبة، تجمعات المالح، عين البيضا، كردلا، بردلا، وخربة اليرزة. تُصنف كل من تجمعات العقبة وخربة يرزة والمالح وكردلا بصورة كاملة ضمن منطقة (ج) التي تخضع بالكامل لسيطرة سلطات الاحتلال، إضافة إلى أن المناطق المحيطة بها مصنفة كمناطق تدريب عسكري للجيش الإسرائيلي مما يفرض قيوداً مضاعفة على التوسع وعلى الرعي وممارسة أي أنشطة فيها، باستثناء مساحة ضيقة ضمن حدود بردلا وعين البيضا.

أما جورة عمرة فهي عبارة عن تجمع عنقودي لعدد من القرى تشمل تجمعات؛ حجة، وكفر لاقف، وجينصافوط، والفندق، وباقة الحطب، واماتين، وفرعتا، وكفر قدوم، وجيت وتجمعات أخرى. يقع هذا التجمع وسط أربع محافظات وهي قلقيلية، ونابلس، وطولكرم، وسلفيت. تتوفر في هذه التجمعات بنية تحتية من كهرباء وماء وطرق رئيسية، لكنها بنية ضعيفة نسبياً وغير كافية وبحاجة إلى تطوير.

استعرضت هذه التقارير السياق والوضع السياسي لهذه المناطق، والوضع الاقتصادي، واحتياجات التنمية والمشاكل التي تواجهها في كل تجمع من خلال استعراض شامل للمعلومات التي تم جمعها فريق البحث في مقابلاته مع الفاعلين المحليين. وكان من أبرز المشاكل التي تواجه المواطنين في المنطقتين التغول الاستيطاني في أراضي المواطنين، الهدم المستمر لأي بناء، السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه الطبيعية وقلة كمية المياه المزودة للمناطق من خلال شركة "ميكروت" الإسرائيلية.

فرضت التحديات المرتبطة بالاحتلال والسيطرة على الأرض والمياه معيقات أمام النشاط الاقتصادي الرئيسي للمواطنين في هذه المناطق المتمثل بالزراعة بشقيها النباتي والحيواني. هذا بالإضافة إلى المشاكل الأخرى المرتبطة بالتسويق وغياب الدعم والحماية للمنتجات الزراعية، مع ارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج، مما نتج عنه ارتفاع نسب الفقر والبطالة.

من أبرز المشاكل التي تواجه المواطنين وركزت عليها التقارير مسألة ضعف البنية التحتية المرتبطة بشبكات المياه، الكهرباء، الصرف الصحي والنفايات. فقد شكلت مسألة غياب شبكات صرف صحي عامة عبئاً مؤرقاً للمواطنين حيث يتم التخلص من مياه الصرف الصحي بصورة غير صحية تضر بالتربة والبيئة المحيطة، إضافة إلى عدم توفر مكبات مخصصة للنفايات.

لا تلغي هذه المعيقات وجود ميزات كامنة يمكن استغلالها لتطوير هذه المناطق من خلال التركيز عليها. حيث تتميز التجمعات المبحوثة في منطقة شرق طوباس بوجود القوى العاملة التي تتمتع بمهارات متعددة على مستوى عال نسبياً في قطاعات الزراعة النباتية والثروة الحيوانية، حيث يمثل وجود الموارد البشرية التي يمكن التأسيس عليها عنصر تميز. كما تتمتع التجمعات بوجود أراضي زراعية تتجاوز مساحتها 10,000 دونم والتي يمكن التوسع في زراعتها في حالة توفر مصادر لمياه الري، وهذا الأمر ممكن وعملي إذا ما تم حفر أو تأهيل آبار قديمة. كما تتمتع المنطقة بموارد لتطوير تربية الثروة الحيوانية، لكن كل ذلك بحاجة لتأمين كميات كافية من المياه، والعمل الجماهيري والتضامني لمواجهة إجراءات الاحتلال.

كذلك، تعتمد مقومات التنمية في تجمعات جورة عمرة بصورة أساسية على مجموعة منشآت صناعية تعمل في صناعة الأثاث والموبيليا والخياطة والأعلاف، وعدد من مشاريع الثروة الحيوانية، إضافة إلى الموارد الطبيعية فيها مثل توفر أراضي زراعية تزيد على 46,401 دونم، وموارد طبيعية مثل الحجر الذي يصلح للبناء، إضافة إلى توسط التجمعات لعدد من المحافظات ووقوعها على الشارع الرئيسي الذي يربط بين هذه المحافظات الرئيسية. كل ذلك يمنحها عوامل كامنة لآفاق مستقبلية تنموية. وتمثل القوى البشرية عوامل متميزة في هذه التجمعات حيث أن وجود كفاءات فنية وتقنية في مختلف المجالات والتخصصات يمثل نواة صلبة لبناء مستقبلها الاقتصادي.

جاءت فكرة إعداد "خرائط التنمية الاقتصادية المحلية" كمساهمة من قبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP في الجهود المتعددة لدعم رؤية وزارة الحكم المحلي لتعزيز التنمية المحلية والإقليمية الاقتصادية، وتكفل معهد أبحاث السياسات الاقتصادية (ماس) بالمرحلة البحثية إيماناً من المعهد بفعالية هذا المنهج كونه نابع من الواقع ويلاءم حالة الإقصاء التي تعيشها هذه التجمعات المهمشة ويعزز من صمودها. حيث كلف فريق بحثي كامل بالعمل الميداني لما يزيد على شهرين حتى تمكن من جمع المعلومات الكافية من أجل إعداد التقارير المختلفة.

اوضح السيد رجا الخالدي، منسق البحوث في ماس والمشرف على إعداد سلسلة التقارير أنها "تنطوي على تصميم لخريطة اقتصادية لكل تجمع من التجمعات المدروسة، توضح أهم الموارد المتاحة، وأي ميزات إنتاجية أو تنافسية كامنة يمكن استغلالها من أجل تطوير هذه التجمعات بالأخص في ظل ما تعانيه نتيجة التوسع الاستيطاني والسياسات الاحتلالية المضيقة والمحددة لتطورها. بينما لا تقدم هذه التقارير خطط واستراتيجيات أو حلول للمشاكل التي تعترض سبيل التطور والنمو، إنما تكتفي بالتشخيص تاركة المجال أمام الفاعلين المحليين الذين يعايشون واقع هذه المناطق يوميا للخروج بالحلول التي يرونها أنسب لهذا الواقع في ظل الخريطة الاقتصادية المفصلة المقدمة لهم والأولويات العاجلة للعمل التنموي التي تحددها."