طولكرم: "الخلوة الأدبية" بكفر رمان.. موروث تاريخي ملهم للمبدعين والمثقفين

طولكرم: "الخلوة الأدبية" بكفر رمان.. موروث تاريخي ملهم للمبدعين والمثقفين
الخلوة الأدبية
خاص دنيا الوطن ـ همسه التايه
لم يشأ الأستاذ عبد الرحمن عثمان الصحافي الفلسطيني المقيم في ألمانيا، أن يفقد منزل عائلته وعدداً من المنازل "المهجورة" ذات الموروث التاريخي، والتي تحمل بين جدرانها تفاصيل معمارية قديمة، تفوح بعبق الماضي ورائحة التاريخ المعتق، والمجبول بذكريات الأجداد والأيام الجميلة في قريته كفر رمان شرقي مدينة طولكرم، ليعمل جاهداً على تأهيلها ذاتياً، مطلقاً عليها اسم"خلوة الرمان" بهدف استضافة كافة المبدعين والمثقفين وأصحاب المبادرات من أنحاء الوطن كافة، لمنحهم مزيداً من الإلهام والتألق في مشاريعهم الإبداعية والثقافية والأدبية.

ولم تكن فكرة الاستثمار الثقافي في خلوة الرمان وليد اللحظة، لكنه نتاج مواقف دفعت الصحافي المغترب عثمان لتبني الفكرة بشكل مجاني وبمبادرة شخصية، لجذب كافة الفئات الفاعلة لـ "الخلوة"، لإنجاز مشاريعهم الثقافية والفنية في أكثر الأماكن جمالية وهدوءاً، ناهيك عن حرصه على إحياء قريته المهمشة والحفاظ على الإرث المعماري هنالك.

يقول الصحافي عثمان المغترب لأكثر من 37 عاماً، لمراسلتنا في طولكرم: "إن مشروع خلوة الرمان من المشاريع الثقافية، والذي يتم من خلاله تقديم خدمة الإقامة المجانية، لتشجيع المبدعين بشكل عام على الإقامة الفنية في ربوع الطبيعة وبين ثنايا المنازل التاريخية والمعمارية".

وحول فكرة المشروع وبداياته، أكد على أن الفكرة جاءت بعدما حدثه أحد الفنانين الفلسطينيين، والذي حاز على جوائز مهمة وأقام معارض عالمية، بقيامه باستئجار كراج للسيارات في مدينة رام الله، حتى يستطيع الخلوة فيه والتفرغ للرسم والإبداع، في وقت التقى فيه وفي غربته بعدد من الفنانين والمبدعين والكتاب والمترجمين الذين يؤمون بيوتاً لأيام عدة ودون تكاليف من أجل التفرغ للإبداع، وهي ليست ملكا للدولة.

لأجل ذلك أراد الصحافي عثمان، أن يقدم شيئاً مختلفاً ونادراً يخدم من خلاله الوطن بشكل عام وأهالي بلدته بشكل خاص، خاصة وأنه لا يوجد أي ملتقى أو متنفس في بلدته، أو أي نشاط ثقافي، كغيرها من القرى والتجمعات السكانية المهمشة.

وأشار الصحافي عثمان إلى أن الهدف من إقامة الخلوة في مسقط رأسه كفر رمان هو إحياء القرية المهمشة وتعزيز تواجد المثقفين والإعلاميين والمجتمع المحلي في هذه المنازل التاريخية، وتنفيذ الأنشطة الثقافية والإبداعية المختلفة لأهالي البلدة بشكل عام وللأطفال بشكل خاص، بالإضافة إلى الحفاظ على المنازل القديمة والتي تعطي مزيداً من الإيحاء والإبداء لكافة المهتمين.

وقال: "أنا من قرية لا تزال بيوتها القديمة منتصبة بتاريخها الأصيل، وحفاظاً على هذه المنازل قررت تأهيل منزل عائلتي وشراء سبعة منازل أخرى من أجل تقديمها لأهل البلدة والمبدعين، ولكل من يحتاج للتفرغ والإبداع".

وكان الصحافي الفلسطيني المغترب والمتابع بشغف لتفاصيل الأحداث في الوطن، يأمل أن يسمع وبشكل مفاجئ قيام وزارة الثقافة الفلسطينية بعمل مكتبة في إحدى القرى المهمشة من أجل تشجيع القراءة، وتحفيز المثقفين على زيارتها والتفاعل معها لكن أياً من ذلك لم يحدث.

وأشار إلى حالة السعادة والفرح التي خيمت على أهالي البلدة، خاصة وأن اسم بلدتهم المهمشة، أصبح مادة دسمة في الإعلام المحلي والفضائيات المختلفة، مبيناً أن مفاتيح الخلوة الأدبية في أيدٍ أمينة في البلدة، تعمل على جذب المثقفين والمبدعين، وأن أبواب الخلوة الأدبية لن تقفل، حتى وإن كان مغترباً عن أرض الوطن.

وعن خصوصية بلدته الوادعة، قال:" يقطن بكفر رمان 1000 نسمة، بينهم نسبة عالية جداً من الأكاديميين والمثقفين، ناهيك عن أن القرية تتميز بالطبيعة الجميلة والملهمة، والهضاب الهادئة وفيها تنوع حيوي مميز ونادر".

ومن أجل التفاعل والتواصل المستمر مع خلوة الرمان أنشأ الصحافي المغترب صفحة على (الفيسبوك)، مرحباً بأي مبدع تواق للانعزال في الخلوة بهدف إنجاز مشروعه الثقافي.

ويأمل الصحافي عثمان صاحب فكرة الخلوة الأدبية، أن يكون هذا المكان الملهم مساحة لنقل التجارب الفكرية والأدبية، من خلال زيارة الكتاب والروائيين والشعراء له، بحيث يكون مشروع الخلوة التفاعلي بمثابة الداعم لكافة المواهب والإبداعات في المجالات كافة.

 من جهتها، أكدت الحكواتية فداء عطايا، على أن الخلوة الأدبية الموجودة هي المكان المناسب للفنانين والمبدعين، خاصة وأنها تقع في قرية صغيرة ووادعة وهادئة، وتتنوع فيها مختلف الشرائح.

وقالت عطايا، التي نفذت عدداً من الأنشطة الثقافية والإبداعية: "التجربة الثقافية والفنية في الخلوة غنية بكل تفاصيلها كونها ناتجة عن التفاعل مع الآخرين، لإنتاج الفنون الإبداعية والأنشطة المختلفة، منطلقاً من قرية تفتقر للأنشطة الثقافية، رغم وجود الكثير من الشباب والأطفال المبدعين.


التعليقات