الاتصال المعياري والوظيفي

 بقلم د.ي. الغريسي حجازي

21.09.2017

إن التواصل الاجتماعي يمثل رؤية الصلة لكل مرحلة زمنية، بين النماذج الاجتماعية، وثقافية من حيث أنظمة الاتصالات والتقنية. ومن خلالها، يمكننا أن نقارن قضايا الاتصال بالنماذج الاجتماعية، والسياسية، والثقافية المهيمنة. 

لدي الاتصال خمس ظواهر، من ضمنها التواصل بين الأشخاص، والاتصالات بوساطة تقنيات تقليدية أو جديدة؛ والاتصالات السياسية؛ والتواصل بين الثقافات. وأيضا نماذج تنظيم المجتمع، مرتبطة بقيم ،ورموز وتمثيل. وذلك ما يسمح للأفراد والمجتمعات بتمثيل أنفسهم، والعيش سوي، والعمل على بناء أمم مهيئة للتطوير. دعنا نبحث   

 كيف يعمل العقل البشري في الحشود و طريقة الاتصال في تحديد وضع نظام التربية المدنية, والاجتماعية ,والسياسية, والمهنية. بل هو في الواقع مجموعة من التفاعلات في جميع المجالات، ونقل المعلومات في جميع الوسائل والتقنيات التي تعطي رسالة جيدة للجمهور. أولا وقبل كل شيء، بين النباتات والرجال, والحيوانات, والعلوم والتكنولوجيا. وتركز عمليات التواصل على نقل المعرفة, والعلوم المعرفية للإنسان.

ان علم النفس الاجتماعي  مزدوج، ثلاثي, و جماعي،

لأنه يتعلق بالتغييرات العاطفية وغير الواعية لأفراد المجتمع، وينقل المعلومات بين الأعضاء, هو جزء من درجات الاتصال المختلفة.

تقوم الاتصالات بين الأشخاص ,على التفاعل بين المرسل والمتلقي في علاقة مباشرة مع ردود الفعل التنظيمي لذات الانسان. ان الاتصالات شاملة عندما تتضمن جميع إمكانيات التدخل البيئي 

ومن ناحية أخرى، فإن الاتصال بين مجموعة من الناس مع اخري، يحدد رسالة تهدف إلى معرفة معتقداتهم وقناعاتهم. فالإعلانات، على سبيل المثال، تستهدف مجتمع المستهلكين وشخصية الجهات التي تنقل الاعلانات. ومع ذلك، فإن اتصال مجموعة من الناس يرتبط بنشاط المجموعة، مع اضافة النوعية بين المعلومات وخصوصية المنتج ليتم بيعه . انها ثقافة جماعية حديثة, جنبا إلى جنب مع المجتمع المستهلك. وتستند معظم التفاعلات بين الأفراد ا على العمليات الاقتصادية التي يعتبر استهلاكها ظاهرة اجتماعية. وتعبر هذه العمليات عن التحديث، والعولمة الجغرافية, والثقافية.  

وفقا لمدرسة بالو ألتو، ان التواصل أمر حيوي للبشر الذي لا يستطيع الاستمرار في العيش دون الاتصال، وذلك يشمل الحركات والعبارات التي يستخدمها الانسان للتعبير عن رأيه. والتواصل هو أيضا شكل من أشكال التلاعب, للتأثير على الآخرين أو البيئة، وعموما نتواصل مع الآخرين لنقل رسالة، مثل التعبير عن الرأي أو إقناع الآخرين.

ومن ناحية أخرى، فإن الاتصال بين مجموعة من الناس مع اخري، يحدد رسالة تهدف إلى معرفة معتقداتهم وقناعاتهم. فالإعلانات، على سبيل المثال، تستهدف مجتمع المستهلكين وشخصية الجهات التي تنقل الاعلانات. ومع ذلك، فإن اتصال مجموعة من الناس يرتبط بنشاط المجموعة، مع اضافة النوعية بين المعلومات وخصوصية المنتج ليتم بيعه . انها ثقافة جماعية حديثة, جنبا إلى جنب مع المجتمع المستهلك. وتستند معظم التفاعلات بين الأفراد ا على العمليات الاقتصادية التي يعتبر استهلاكها ظاهرة اجتماعية. وتعبر هذه العمليات عن التحديث، والعولمة الجغرافية, والثقافية.

ان المجتمع بشموليته يرمز إلى الإنتاج, والاستهلاك, والتوزيع. كما ان الاستهلاك بكميات كبيرة يتحكم في القوة الشرائية , وكذلك في ارتفاعها أو هبوطها. ويجب ألا ننسى تأثير وسائط الإعلام الجماهيري اليوم، الذي أعطى في الردود الفعل الجماعية, قيم اخلاقية مشتركة. ومع ذلك، حدد هنري ليفبفر مصطلح المجتمع المستهلك باختصاره المجتمع الصناعي للاستهلاك موجه، وذلك خلال الحرب العالمية الثانية عندما ظهرت الصناعة في الغرب. ان اهمية التواصل في السياسة,  وتحدد أهمية التواصل في السياسة موضوع التواصل، كما أكد البروفيسور فيليب ريوتورت (2013)، في علم الاجتماع من التواصل السياسي، ويمكن أن يؤدي الارتباك الدلالي إلى ابهار أو نفور المفكرين.

وفي مجال السياسة، يلاحظ  ان الاتصال أساسا بالدعاية الانتخابية، من خلال الخطاب السياسي الذي يركز على إقناع الجماهير بالهيمنة على ارواحهم. انه اتصال سياسي متوتر بين مختلف السياسيين تبرز الحالات العاطفية والسباق إلى السلطة. وهناك شكل آخر من أشكال الاستحضار للتنويم المغناطيسي، والتضليل، والتلاعب بالجماهير المجمدة أمام محاوريها

كما ان المرشحون  يشعرون وكانهم كيان قوي جدا أمام الحشود لا يقهر, ولا يحتاجون الي المبررات  في الحقيقة, ولم يطلب منهم القيام باي شيء، غير ان يوافقوا علي الخطاب السياسي الذي يلقيه الحاكم , وقلقه الوحيد هو السيطرة على الجمهور.  

ثم تتلاشى الشخصية الفردية, لتفسح المجال لكتلة موحدة من الناس تختلف عن بعضها البعض من الناحية الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية . على سبيل المثال، كم مرة رأينا بالفعل  بعض الاشخاص مثل المهرجين  يهتفون بقوة للرئيس ـ نحن جميعا معك 

ومباشرة بعد التصفيق والصفارات النابعة من الحشود, تندلع وسائل الإعلام من كل مكان، وتقفز على المنصة لالتقاط صور للبطل السوبر. هذا السيناريو هو نفس الإعلان عن منتج غسيل جديد. الجميع يقفز على شرائه، و نفس هذا الحشد يهمل في نهاية المطاف المنتج الجديد, ليعود إلى المنتج القديم, الذي تم اختباره ,والموافقة على جودته, وسعره. نحن ببساطة حشود كتلية موجهة للاستهلاك. في داخل الوحدة البشرية، يتم اعتماد نفس المواقف والمعتقدات. وأيضا في الانقسام، لأننا نتحدث عن نفس الصراع، وتداعياته على المجتمع. انه قانون الوحدة الذهنية للحشود 

ويتجاوز الحشد النفسي ظواهر العدوى العقلية، إلى أن تصبح التصورات جماعية

 انها ظاهرة اجتماعية ويلاحظ  أن الأفراد في الحشد يتصرفون من خلال التحفيزالجماعي، مما يساهم في تخفيض قدراتهم العقلية، ويفقدون سلسلة أفكارهم. إنهم يعيشون الفرح العام في موافقة التلاعب والخطيرة، لأنه، كما يوصف جوستاف لو بون (1895)، "عقول الحشود متحركة وترفض بشدة وجود عقبة بين رغباتهم وهدف الوصول اليها, وهي مثل الطفل المتقلب "(غوستاف لي بون، وعلم النفس حول الحشود، 1895)

كما يشير كتاب فانس باكارد، ان علم التلاعب متطور بشكل جيد منذ عام 1957، والافراد في حاجة لتصديق هويتهم من قبل الآخرين من حولهم. هذه الاستثمارات تضمن موثوقية وضعنا الاجتماعي، والصورة لدينا هي أيضا مصدقة من قبل الأفراد الآخرين. يتم النظر إلى الهوية الفردية من خلال صورة مثالية, فضلا عن صورة حكومة تعاني من سوء ادارة يمكن أن تشكل ضارة لإنتاج منتجاتها

ومع ذلك، قد تكون هذه الحشود تحت تأثير العواطف الجياشة، لأنها تشكل الحشد النفسي، في حين ان تجمع الناس الآخرين في حشد من المارة على سبيل المثال, لا يشكل حشد متجمع لنفس الغرض.

في التحليل النفسي لفرويد (1921)، يظهر الفرد تعلق للعديد من الحشود، وكلها تساهم في بناء مثاله المثالي للأنا. وهذا ما يفسر التجمعات الإثنية الثقافية، حسب الطبقة الاجتماعية، والاعتقاد والانتماء. هذه هي الحشود الممزقة, التي تفقد كل إمكانيات المنطق. و فرويد يقول هنا أن الفرد يتخلى عن المثالية من خلال اعتماد المثل الجماهيري للحشد

وبالتالي, فإن الاتصالات تشمل احتكار السلطة والسيادة، وعملية نفوذ، وتفسير المؤامرة التي تهدد استقلالية الحكومات العالمية

والاتصال هو في الواقع أداة حيوية من حيث القوة، يمكن أن يكون نفوذا سياسيا واجتماعيا, واقتصاديا, وثقافيا. وتحدد إمكانيات الاتصال رأس مال ثقافي مربح ,إذا كانت المشاركة جيدة، في حين أن الميراث الثقافي معرض للخطر في حالة الاحتكار, والهيمنة.

هل نقوم كل يوم بالسماع  إلى الراديو, ومشاهدة الاخبار والافلام علي شاشات التلفزيون,أو الي  قراءة الصحف علي السوسيال ميديا؟ هل نحن نتقاسم قيم وتمثيلات الطبقات الاجتماعية المتوسطة؟ نعم بدون شك. ربما أن تلك القيم تؤثر علينا في هذه النقطة, التي تنظر إلى العلاقة الشاملة للمعرفة, والطفولة، و تقييم المعيار الذي يميز مهنتنا. للاطلاع على ذلك، سيلزم إجراء تحقيق دقيق و تسليط الضوء على تلك التمثيلات التي لا تلتزم بأي شيء، والتي يتم التعبير عنها خارج أي سياق، مع أي قضايا أخرى من حيث الحداثة والانفتاح في نظر المحاور. هل نعلم مثلا ما هي أشكال التواصل التي ينفذها المعلمين, والمهندسين, والاطباء, ومزودين الخدمة الاجتماعية؟

ان الحفاظ علي  إيديولوجية التواصل ، يساهم في البقاء على قيد الحياة والتطويرالاجتماعي والانساني. ويقول الاستاذ الجامعي و العالم الاجتماعي بارينود, ان  الاتصال في صفوف التعليم لا يمكن أن يكون تعبيرا عن المثالية، ولكن وسيلة لتحقيق المناهج الدراسية (بيرينود 1993)، وطريقة لممارسة مهنة المعلم لتعلم الطالب. فهي ممارسة معقدة، متشابكة في تناقضات أو معضلات غليضة.