خطاب الرئيس: تحذير.. تهديد.. يُكلّف الاحتلال بما لا يُطيق

خطاب الرئيس: تحذير.. تهديد.. يُكلّف الاحتلال بما لا يُطيق
الرئيس محمود عباس
خاص دنيا الوطن - صلاح سكيك
طل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بخطاب فاجأ فيه الكثيرين، حيث أن معظم المتابعين لم يتوقعوا خطابًا بهذه النبرة، لاسيما وأن الزعماء أمام الأمم المتحدة غالبًا ما تكون خطباتهم متوازنة نوعًا ما.

يكفينا أن نذكر ما ختم به الرئيس خطابه عندما قال: "إما الاستقلال وإما الحقوق الكاملة للجميع على أرض فلسطين التاريخية"، هذه الجملة تؤكد أن الرئيس كان قوياً في طرحه، ويرفض الحلول المجتزأة، أو تلك التي تريد تطبيقها حكومة نتنياهو وتهدم حل الدولتين.

الإعلام الإسرائيلي سلط الضوء على خطاب الرئيس أبو مازن، واعتبروه تحريضيًا، ويرفض الجلوس مع نتنياهو للبدء في مفاوضات غير مشروطة، فيما الآخرون اعتبروه خطابًا جادًا بعيدًا عن السلام.

لكن ماذا قال المحللون الفلسطينيون عن هذا الخطاب، وكيف يمكن البناء عليه، وهل بالفعل الرئيس ملّ من الطروحات الدولية، لذلك ارتفعت حدة خطاباته بالآونة الأخيرة؟

الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان، وصف الخطاب بالواقعي والوطني، وأنه استند لقرارات الشرعية الدولية والقانون الإنساني، وفي ذات الوقت فنّد الادعاءات والمزاعم الإسرائيلية، والإجراءات الإسرائيلية التي تحول دون إقامة دولة فلسطينية.

وأضاف أبو رمضان لـ "دنيا الوطن": الرئيس محمود عباس، أشار بصورة غير مباشرة، لبعض الشخصيات الأمريكية المنحازة لإسرائيل وتتوافق مع الرؤى الإسرائيلية، كسفير الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل ديفيد فريدمان، الذي قال في أحد تصريحاته "إن الاحتلال مزعوم"، بمعنى أنه ينفي صفة الاحتلال لأرض فلسطين عام 67.

وأوضح أن الخطاب شمل عدة تحذيرات لأكثر من طرف، لعل أهم تحذير كان بإمكانية سحب اعتراف منظمة التحرير بإسرائيل، لأنه لم يعط الشعب الفلسطيني أدنى حقوقهم، وأكد أن السلطة بدون سلطة والاحتلال بدون كُلفة، لاسيما رفضهم لاتفاقيات السلام والتعايش، مع تحميل الأمم المتحدة بعض المسؤولية لعدم قدرتها على حماية الشعب الفلسطيني، وعدم وجود ضغط كافٍ على الاحتلال لقبول حل الدولتين.

ولفت أبو رمضان إلى أن أبو مازن لم يقطع صلته بترامب، بل أظهر مساعي الأخير بخصوص صفقة القرن، التي تعتبر شعرة معاوية، رغم أن الرئيس يأس من السلام وأن الولايات المتحدة منحازة لإسرائيل، لذلك استخدم التحذير في أكثر من موضع بخطابه.

وأشار إلى أن الرئيس في نهاية حياته السياسية سيدعو المجلس الوطني الفلسطيني للانعقاد، ليقول لأعضائه أنه لا أفق للسلام وللدولة الفلسطينية المستقلة، في ظل وجود ترامب وحكومة اليمين الإسرائيلي، وأن الأساس وجود آلية عمل فلسطينية، مبنية على التحرر الوطني، باستراتيجية وطنية وحدوية، بحضانة المقاومة الشعبية، مع العمل الدبلوماسي القانوني.

وتابع: كذلك الرئيس سيثبت عضوية فلسطين بالأمم المتحدة عبر طلب العضوية الكاملة، والانضمام لمؤسسات دولية، والتقدم بملف إلى محكمة الجنايات الدولية للضغط على قادة الاحتلال الإسرائيلي.

وحول ختم الرئيس خطابه، بمقولة "إما الاستقلال وإما الحقوق الكاملة على أرض فلسطين التاريخية"، أكد أبو رمضان، هذا يُدلل على أن الفلسطينيين، قدموا الكثير من أجل السلام، وقبلوا بدولة على حدود 67، وقبلوا بـ 22% من أراضي فلسطين التاريخية، ورغم كل هذه التنازلات، إسرائيل تضرب كل ذلك بعض الحائط، إذن فلا بد أن يقوم الشعب الفلسطيني بكتابة حقوقه من جديد، بأن له أرض احتلت بالكامل، ويجب أن يُصاغ الصراع من جديد والتأكيد على أن فلسطين من النهر إلى البحر هي للفلسطينيين.

واتفق الكاتب والمحلل السياسي هاني العقاد، مع سابقه، في أن الخطاب كان استراتيجيًا وطنيًا شاملًا، فبحسبه الخطاب تعرض لكل شيء، وطرح العديد من الأسئلة وترك الباب مفتوحًا، فتساءل تارة أين الأمل، وتارة لمن نذهب، وتارة أخرى أين الدولة، وهذا يعبر على أن الاحتلال دمر أي أمل لقيام دولة فلسطينية.

وأضاف العقاد لـ "دنيا الوطن": أبو مازن ربط ما بين الاحتلال والإرهاب، فالارهاب ولِد من رحم الاحتلال الإسرائيلي، وكل مظاهر الإرهاب في المنطقة أتت لوجود إحتلال لا يقبل بحلول سياسية ويتوسع أكثر فأكثر.

وذكر، أن الرئيس قال بوضوح إنه لا جلوس مع الحكومة الإسرائيلية، إلا بشرطين هما وقف الاستيطان نهائيًا، وقبول مبدأ حل الدولتين، وما دون ذلك لا جلوس على الإطلاق، محذرًا المجتمع الدولي وإسرائيل من تحويل الصراع السياسي إلى ديني، وهذا أيضًا يضع الاحتلال تحت المسؤولية، لاسيما وأن قادة الاحتلال دائمو التركيز على الصراع الديني ما بين الإسلام واليهودية، وهذا يتضح من ممارساتهم بحق مدينة القدس والمقدسات الإسلامية، ولعل أحداث الأقصى الأخيرة أكبر شاهد على ذلك.

وأبرز ما لفت العقاد في خطاب الرئيس هو ذكره لفلسطين التاريخية لأول مرة، وهذه اللغة تفهمها إسرائيل، فطلبه بفلسطين من البحر إلى النهر يعكس مدى قوة حجة الرئيس أبو مازن وتطلعه لحلم الدولة، وما يدلل على ذلك حرصه على مدينة القدس وقطاع غزة، كما لم يستثنِ الشتات من خطابه، فدولة فلسطين ليست بالضفة.

التعليقات