حذار من ولكن !!

حذار من ولكن !!
 أ. إبراهيم أبو النجا
19.09.2017
ليست المرة الأولى التي يستقبل فيها أبناء شعبنا الأخبار التي بعثت على الأمل ، وكانت البلسم على صدور وقلوب الجميع وقبل أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه من الانسداد على الأصعدة كافة .. حيث تابعت بكل اهتمام مجريات الحوار الأول الذي ضم فصائل العمل الوطني والإسلامي في آذار – مارس 2009 في مبنى المخابرات المصرية في مصر الشقيقة .. وللتاريخ فقد سهل أشقاؤنا المصريون مقومات إنجاح الحوار حول الملفات الخمس المتمثلة في : م . ت . ف – الحكومة – الأمن – الانتخابات – المصالحة المجتمعية .
وفي يوم 29 آذار – مارس 2009 خرج الكل متفائلاً ومعلناً عن التوصل لاتفاق شامل حول الملفات كافة .. وكم كانت فرحة شعبنا عظيمة .
فماذا حدث ؟ عند دخولنا في التفاصيل .. وبدأت كلمة ولكن وأصبحت ملازمة ولصيقة بكلمة نعم ..
وتعطل كل شيء وأعيدت المحاولة من جديد وبرعاية كريمة من أشقائنا المصريين .. وفي الرابع من آيار 2011 وباستضافة كريمة من مصر الكبيرة التأم الفلسطينيون على اختلاف تلاوينهم السياسية وبرئاسة قياداتهم المقررة كافة وأعلن عن الاتفاق الشامل في اليوم ذاته .. وبدأت بعض القيادات تسوق من المبررات بمعالجة كلمة ولكن التي تغطى بها البعض معلنينها بأنها رغم أنها كلمة إلا أنها النقطة المركزية التي ما إن يجاب عليها وتراعى أهميتها ويفهم المراد منها فإن الأمور سيكتب لها النجاح .
لم يفهم ما معنى ولكن .. أهي من الضرورة ونابعة من الحرص وهي يمكن أن تكون كذلك .. أم أنها للتهرب والتملص ، وهي كذلك وتعنى ذلك ... إذن بقيت كلمة ولكن بلا فهم حقيقي وماذا وراءها ؟ ..
الحكومة التي شكلت باتفاق لم يكتب لها النجاح .. ولم يتسن لها الاضطلاع بمهامها ، لأن كلمة ولكن أطلت من جديد تعطل ما تم الاتفاق عليه لأنها عنت التفاصيل التي دائماً ما يستخدم الكتاب : إن الشيطان يكمن في التفاصيل " .. ومرت السنوات العجاف ونزلت بساحتنا حروب مدمرة أتت على كل إنجاز للسلطة ..
لم تبق مؤسسات كانت تشكل رمزاً لاستقلالنا وعلى رأسها مطار فلسطين الذي شعرنا بأهميته بعد الحصار الذي طال كل شيء في حياتنا .. وأصبحنا كمن يتنفس بين الشقوق .
وأصبح التلاوم سيد الموقف وأصبح الإعلام الضار بنا وعلى الأصعدة كافة السلاح الأخطر في حياتنا أمام شعبنا والعالم ..
العالم أصبح مرتاحاً لأننا أرحناه بسياستنا التي جعلته يقول بل استعان بمقولتنا " أجت منك يا جامع " وكلما حاولنا استنهاضه واستنفاره إلى جانب قضيتنا .. كان رده جاهزاً : ماذا فعلتم بأنفسكم ؟ أتطلبون منا أن نكون فلسطينيين أكثر منكم ؟
أما شعبنا المكلوم فأصبح أمام كوارث لا حصر لها :
حصار - انعدام الكهرباء – أمراض فتاكة – بلا مأوى – شهداء بالجملة – جرحى بلا علاج – جوع – فقدان أمل - عمليات انتحار أفراداً وبالجملة ... بطالة مروعة .
وكأني ببعض الأطراف العربية وغيرها تريد أن تعيدنا إلى ما قبل البدايات .
خلافات – غياب البرامج – سماح بأطراف بالتدخل في شؤوننا – تبعية – مؤتمرات في عواصم في غياب ممثلنا الشرعي – قفز على إنجازاتنا – تقويض لما حققناه في المؤسسات الدولية عبر حركة السيد الرئيس محمود عباس واعتبر بلا معنى ولا مردود حتى أن علم فلسطين الذي رفرف على أعلى سارية في أكبر مؤسسة عالمية واعتبرت العلم عبارة عن خرقة قماش !!! فماذا ننتظر من العالم إذن .. إذا كانت هذه هي الرؤية الفلسطينية لأهم إنجاز شكل جزءاً من عمل سياسي تراكمي .. انتهى بمؤتمر باريس للسلام أي لإحقاق حقوقنا ؟.
المحاولات غير البريئة لم تتوقف وكأن الفلسطينيين بلا أب وبلا قيادة وكثرت الجهات التي تصنع من أنفسها أباً للفلسطينيين ولكن اصطدمت أحلامهم بالموقف الفلسطيني الذي أعلنه السيد الرئيس محمود عباس من عقد مجلس وطني وهنا سقط في أيديهم .
لم يبق أمام المحاولات والمحاولين إلا أن ينزلوا من فوق الشجرة التي أوهموا أنفسهم أن صعودها يعني صعود القمة .. وهنا بدت الإشارات واضحة أن الأزمة ليست بالسهولة بحيث أن إطلالة البعض بماله يمكن أن ينهي المشروع الوطني .. ومن جديد التحم شعبنا خلف قيادته الشرعية .. ولم يبق أمام الدول والجهات كافة إلا العودة إلى الشرعية التي تعمدت بدم الشهداء القادة ...
بدأت الأمور تعود إلى نصابها الحقيقي من خلال فهم أشقائنا المصريين للسياسات الاقليمية و الدولية والتي ستنعكس سلباً على الحالة العربية التي تعنى مصر بعدم العبث فيها ولا مجال لأي برنامج أو تحالف أو نفوذ لأطراف تبرز بمخالبها لتنهش وحدة وجغرافية الأمة التي دفعت مصر بأجنادها عبر التاريخ ما حال دون حرمانها من وضع قدم لها .
باستضافة كريمة وبدعوة حريصة حدث لقاء القاهرة أخيراً ... الذي صدر شيئاً مطمئناً ومشجعاً .. ولـأنه من الشقيقة الكبرى التي وعت أهمية إنهاء حالة الانقسام الفلسطيني حتى لا يصبح ساحة صراع .
اتفاق مشجع .. وضع القواعد الصحيحة لانطلاقة مصالحة نهائية وانهاء انقسام بغيض .. وبضمانة ورعاية ومتابعة يقظة من أشقائنا المصريين .. الذين سيتابعون وعن قرب وبأهمية متناهية للاتفاق من جوانبه كافة .
بقي شيء مهم : أن الأطراف عليها أن لا تلجأ إلى نعم ولكن .
وعليها أن تنفذ كل ما من شأنه أن لا يعيدنا إلى المربع الأول وعلى شعبنا أن يكون حذراً ومتابعاً وأن لا يكرر ما قال سابقاً .
اتفقوا ولم يتفقوا ... أو اتفقوا على أن لا يتفقوا .. وهي سلبية وعلينا أن لا نسمعها أو نسمح بسماعها فالشعب يجب أن يكون مسلحاً بموقف واحد .. ومسلحاً بشجاعته المعهودة .. وعلى فصائلنا أن تتوقف عن شعارات : الثنائية الضارة – المحاصصة – طرفا الصراع – الاتفاق على إدارة الانقسام وليس إنهاء الانقسام .

التحية كل التحية للسيد الرئيس / محمود عباس " أبو مازن " رئيس الشرعية
الشكر لأشقائنا المصريين
نعم للاتفاق
نعم للدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف
المجد للشهداء
الحرية للأسرى
الشفاء للجرحى

التعليقات