إغلاق بعض "دورات المياه" بغزة.. هل سببه المواطن.. ومادور البلدية؟

إغلاق بعض "دورات المياه" بغزة.. هل سببه المواطن.. ومادور البلدية؟
صورة تعبيرية
خاص دنيا الوطن- اسلام الخالدي
في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة، ينتظر البائع محمد الكاشف (43 عاماً) عودة ابنه من المدرسة ويقف مكانه؛ كي يذهب لأحد المساجد ويقضى حاجته هناك، لأنه يعتبر قضاء الحاجة بالمرفق العام سلوكاً غير أخلاقي، ويهدد المظهر الجمالي ووالحضاري والبيئي للمكان، فهي ظاهرة سلبية جداً.

ويقول الكاشف لـ "دنيا الوطن": "ظاهرة قضاء الحاجة بالطرقات العامة، منتشرة قديماً، وبالذات هنا في ساحة الجندي، فوجود دورات مياه للنساء فقط هذا لا يعد كافياً، فهنا أغلب الباعة يذهبون للمساجد ومنهم من يقضي حاجته وراء تلك الغرفة المغلقة التابعة للبلدية، فالروائح المنبعثة من ذلك المكان تشعرك بالاشمئزاز".

فيما أكد البائع محمد يحيى، أنه كثيراً ما قضى حاجته في الطريق العام، وذلك بسبب عدم وجود دورة مياه خاصة بالرجال، فيقول: "حتى وإن وجدت تكون غير صحية وغير آمنة، إلى جانب أنه ينقصها الكثير من الخدمات، ومنها ما يكون مغلقاً بشكل مستمر".

شكاوى المواطنين

وهناك التقينا بأحد المارة الذي رفض التعريف عن نفسه فيقول: "من المؤسف أن ترى شخصاً بالغاً يقضي حاجته في مكان يعتبر للترفيه والتنفيس عن الذات، فقبل عدة أيام اصطحبت عائلتي حيث حديقة الجندي، فالروائح كريهة للغاية، وتجعلك غير راضٍ عما يحصل من قبل المواطنين، إلى جانب أنه سلوك غير سوي، ويجب أن تكون هناك مراعاة لجميع الفئات".

وينوه، إلى أنه منذ عدة سنوات، كانت هناك وحدات خاصة بالرجال، إلى جانب وحدات خاصة بالنساء بالجهة الشرقية من الساحة، إلى أنه تم إغلاقها لأسباب لايعلمها.

في حين، اشتكت المواطنة ريما أبو غزالة (32 عاماً)، من هذه الظاهرة، والتي تقول إنها منتشرة حتى بين البيوت، فتجد الفضلات منتشرة بالطريق أمامها والرائحة منبعثة منها، مما يعكر صفو مزاجها.

وترى بأن المواطن هو من يفتعل ذلك لتشويه المكان العام، فلا بد من مراعاة نظافة الطرقات، مؤكدة على أنها لم تقتنع ولن تقبل بأي مبرر لفعل ذلك.

وتشير أبو غزالة، إلى أنه على الجهات المعنية وضع وحدات خاصة بالرجال والنساء في الأماكن العامة، إلى جانب المحافظة عليها من قبل المواطن، وعلى من يخالف ذلك بالعقوبة بحقه، فالطريق العام مكان للجميع وليس قاصراً على أحد.

ظاهرة "التبول" في الطرقات العامة، من الظواهر المنتشرة والتي تعمل على تخريب الأماكن الترفيهية كالمتنزهات وغيرها، إلى جانب تشويه المنظر الحضاري والبيئي للمكان، في حين تقوم البلدية بتوعيه المواطنين، من أجل الحفاظ على الممتلكات العامة فهي تخدم الجميع وليست قاصرة على أحد، فهل المواطن هو السبب الرئيسي في إتلاف وتشويه صورة الأماكن العامة، بما فيها دورات المياه؟

إليكم التفاصيل بالتقرير التالي:

نظافة مستمرة في دورات مياه النساء

السيدة صباح الأشقر عاملة ببلدية غزة، دورها يكمن في متابعة دورات المياه النسائية في حديقة الجندي المجهول، تقول: "آتي كل يوم هنا لمدة 6 ساعات، أشرف على نظافة المكان ومتابعته، كونها تخص النساء فقط، وعلى الرغم من ذلك أخشى العبث بها، كما كان هو حاصل في دورات الرجال، لذلك يجب على الجميع المحافظة عليها، فهي ضمن نطاق المرافق العامة، والتي تخدم كل المواطنين".

بينما يشير طلال قاعود رئيس قسم الحدائق ببلدية غزة، إلى أنه تم إغلاق بعض دورات المياه التي تشرف عليها بلدية غزة، في أماكن متفرقة، ومنها يخص بالذكر حديقة الجندي المجهول، لأسباب أولها: المواطن الذي لم يكن يداً بيد مع البلدية للحفاظ على هذه الأماكن، مع العلم بأنها مرافق مجانية.

ويضيف: "تخوفاً من أخطاء قد تقع فيما بعد، والصيانة المستمرة دون جدوى، والتي كبدت البلدية مبالغ كبيرة خلال تزويدها بكل ما ينقصها، فتم إغلاقها مؤخراً"، مشيراً إلى ازدياد ظاهرة التبول في المتنزهات والطرقات العامة، وهذا السلوك غير حضاري.

يجب على المواطن المحافظة على الملك العام

 عبد الرحيم أبو القمبز مدير عام الصحة البيئية في بلدية غزة، يقول لـ "دنيا الوطن": "البلدية لديها عدد من دورات المياه العامة، منها في المتنزه الرئيسي بالساحة وسط مدينة غزة، وآخر في حديقة الحيوان، إلى جانب الموجودة في منطقة الجندي المجهول، والتي تضم عدة وحدات كل منها مخصصة للرجال والنساء، يشرف عليها موظفون وموظفات لمتابعة النظافة".

 ويتابع م. أبو القمبز: "البلدية تبذل قصارى جهدها في المحافظة على الممتلكات العامة وزيادة الخدمات، سواء أكانت الخدمات مقدمة لدورات المياه أو المرافق العامة والمتنزهات الرئيسية، إلى جانب الصيانة المستمرة، فمنها ما يتم صيانته لأكثر من مرتين في العام، ويتم تزويدها بالقطع التي يتم فقدانها بسبب تعرضها للسرقة والتخريب من قبل المواطنين".

ويضيف، بأن بلدية غزة المسؤولة عن الممتلكات، وأن هناك مقترحات جديدة لإضافة دوراات مياه عامة في مناطق أخرى، فالموجودة بالمتنزه الرئيسي تم صيانتها عبر مشروع ممول، إلى جانب تطوير الموجودة في حديقة الحيوان التابعة لبلدية غزة، من قبل دائرة تطوير المنشآت التي تعمل على ما يمكن صيانته بشكل دوري ومستمر، مشيراً إلى أن سوء الاستخدام يكبدهم مبالغ كبيرة، فهناك دورات تم إغلاقها بسبب ذلك.

ويشير إلى أن البلدية تواجه مشاكل جمة في الحفاظ على هذه الأماكن، كونها تتعرض للعبث والتخريب من قبل بعض المواطنين، الذين يسيؤون استخدامها، منوهاً إلى أن هذه الممتلكات عامة وليست مقتصرة على أحد، بل تخدم المواطن، لذلك لا بد من المحافظة عليها.

 ويوجه أبو القمبز نداء للمواطنين، بأن يحافظوا على المرافق العامة، سواء أكانت دورات المياه أو المتنزهات، وعلى كل مواطن أن يحمل في داخله الحس الوطني للحفاظ على الملك العام لأنه ملك الجميع.

دورات المياه العامة يجب أن تكون ضمن الأولويات

معتز محيسن المدير العام لمكتب صندوق تطوير وإقراض البلديات بغزة، يقول: "صندوق البلديات يقدم الدعم لتمويل مشاريع بنية تحتية للبلديات، على أن تكون تلك المشاريع ضمن مهام البلديات في قانون الهيئات المحلية الفلسطينية رقم 1 للعام 1997م، وضمن أولويات الخطة الاستراتيجية للبلدية المعدة بالمشاركة المجتمعية، وعليه فإن تحقق ذلك فالبلدية بإمكانها أن تقوم بتمويل تلك المشاريع".

 وفيما يتعلق بدورات المياه العامة يضيف: "هي تقدم ضمن مهام البلديات كجزء من خدمات الصرف الصحي حسب القانون، ولكن يبقى أن تكون ضمن أولويات الخطة الاستراتيجية التنموية الخاصة بالبلدية، والتي تعد بالمشاركة المجتمعية".

ويرى م. محيسن، أن المنافع العامة ضمن الأولويات التي يجب الاهتمام بها، على أن تتوفر الشروط الآتية من أجل تمويلها وتقليل احتمال فشلها أو آثارها السلبية، أولها: توعية جماهيرية بضرورة الحفاظ عليها وحسن استعمالها، وثانيها: التفكير في آليات لتغطية تكاليف تشغيل وصيانة تلك الأماكن، من خلال فرض رسوم لتغطية مصاريفها وتقنين استعمالها.

التعليقات