مختصون يدعون لنشر ثقافة مقاومة التطبيع وبيان خطورته لشعوب الدول المطبعة

مختصون يدعون لنشر ثقافة مقاومة التطبيع وبيان خطورته لشعوب الدول المطبعة
جانب من الفعالية
رام الله - دنيا الوطن
أكد نخبة من المختصين والباحثين والمفكرين في ندوة بحثية تحت عنوان "التطبيع.. استراتيجية احتلال" على رفض كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال، وضرورة التمسك بالثوابت الوطنية ودعم القضية الفلسطينية، واستعادة الأرض المغتصبة.

ودعا المشاركون في الندوة التي نظمتها حركة مقاومة التطبيع "NOR" بمدينة اسطنبول يوم أمس السبت، إلى تنسيق جهود مقاومة التطبيع في الوطن العربي، وتسهيل تبادل المعلومات حول أي اختراقات تطبيعية.

وأوصى المشاركون بضرورة إصدار دليل عمل شامل لكافة مجالات التطبيع وأشكاله وتعميمه على كافة الدول العربية والإسلامية، إلى جانب دعوة الاتحادات والنقابات العربية والإسلامية لإنشاء لجان لمقاومة التطبيع، ونشر ثقافة مقاومة التطبيع، إلى جانب بيان خطورته، بين شعوب الدول المطبعة.

كما أكد المشاركون من خلال البحوث وورقات العمل المقدمة في الندوة على ضرورة توحيد جهود القوى الأفريقية الراغبة في الحفاظ على أمن القارة من التطبيع والتغلغل الإسرائيلي، لضرب المنظومة اليهودية من الداخل والخارج، بالإضافة لتأسيس حوار استراتيجي جديد بين العرب والأفارقة لاحتواء النفوذ الإسرائيلي في إفريقيا، وإعادة تصحيح المفاهيم التي تعكس المخزون الثقافي والحضاري المتعلق بالعروبة والإسلام- والأفريقانية، في مواجهة عنصرية الاحتلال، ونشر ثقافة مقاومة التطبيع، إلى جانب بيان خطورته، بين شعوب الدول المطبعة "الخليج، وأفريقيا".

وافتتح الدكتور سعيد الدهشان رئيس المؤتمر الندوة البحثية بتوجيه رسالة شكر للمشاركين والحاضرين، وعرف بحركة مقاومة التطبيع "NOR"، متمنياً أن توفر الندوة بيئة حوار واستفادة من الخبرات ووجهات النظر، وتطوير الأوراق المطروحة؛ لتكون دليل عمل شامل يستفيد منه الجميع.

وشارك في جلسة النقاش الأولى كل من الدكتور عزام التميمي، والدكتور عبد الجبار سعيد، والدكتور أحمد المغربي، والدكتور إسماعيل أبو شميس، وأدار الجلسة الدكتور محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات، والذي أشار إلى أن مقاومة التطبيع عمل جوهري للحفاظ على جوهر الأمة وإنشاء بيئة مناسبة للجهاد والتحرير، موضحاً أن من علامات صلاح الأمة أن يكون لها جهاز مناعة قوي يستطيع تحديد العدو وكيفية التعامل معه.

وافتتحت الجلسة الأولى بورقة بحث الدكتور عزام التميمي، والتي حملت عنوان "أفكار في مقاومة التطبيع" تحدث خلالها عن طرق التصدي لمحاولات التطبيع وكيفية محاربتها، بالإضافة لدور بعض الكيانات العربية في المساهمة في التطبيع.

وقال التميمي: إنه في حال أردنا مقاومة التطبيع يجب أن تكون لدينا رؤية واضحة ومعرفة لما هي طبيعة الصراع وجذوره، بالإضافة إلى معرفة العلاقة بين الإسلام واليهودية، وتحديد من هو العدو الحقيقي وتضييق دائرة الخصوم.

من جهته، أكد الدكتور عبد الجبار سعيد في الورقة الثانية، والتي حملت عنوان "التأصيل الشرعي لمقاومة التطبيع" حرمة التطبيع مع الاحتلال بأي شكل من الأشكال، واستعرض عدداً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، إضافة لفتاوى العلماء في التطبيع وتحريمه.

واستعرض سعيد في ورقته البحثية التطبيع بين المصلحة والمفسدة، والذي عرض خلاله بعض المصالح التي يتزعم  الدعاة للتطبيع تحقيقها من خلال التطبيع، ورد عليها بعدد من النقاط التي يعرضها الرافضون للتطبيع، والمفاسد التي سيتسبب بها التطبيع.

من جانبه، استعرض الدكتور أحمد المغربي في الورقة البحثية الثالثة، والتي حملت عنوان "القواعد والبيئة القانونية لعمل مقاومة التطبيع"، أهداف التطبيع والتي وردت في معاهداتي كامب ديفيد ووادي عربة، والتي تضمنت الاعتراف الكامل وإنهاء المقاطعة الاقتصادية، والثقافية والدبلوماسية، وإنهاء الحواجز ذات الطابع المتميز المفروضة ضد حرية انتقال الأفراد والسلع.

وأوضح المغربي، أن القضية الفلسطينية تحمل كافة الأسس القانونية الصحيحة التي تعطي للجميع الحق بالمقاومة بكافة أشكالها، وهو ما يستدعي عولمة القضية الفلسطينية من خلال نشرها في كافة أرجاء العالم، وطلب الدعم والمساندة الدولية والعالمية لمواجهة هذا الاحتلال.

فيما أوضح الدكتور إسماعيل أبو شميس في الورقة البحثية الرابعة، والتي كانت بعنوان "الاستراتيجية الإسرائيلية في مواجهة حركات مقاومة التطبيع"، أن الأهداف الإسرائيلية من التطبيع تتبدل وتتغير على مختلف مراحل التاريخ، والتي كان أبرزها تثبيط الجهاز المناعي للأمة إلى جانب تقسيم المحيط العربي.

وبين أبو شميس: أن عملية التطبيع منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد دخلت مرحلة جديدة من التوسع، ولم تقتصر على الجانب السياسي بل طالت العديد من المجالات، وهو ما ساهم في تثبيت إسرائيل وتأهيل اقتصادها، وتحولها من موقع الدفاع إلى السلام والهدنة.
 
وفي نهاية الجلسة الأولى، أوضح الأستاذ عبد الحكيم حنيني الأسير المحرر في مداخلة له، أن رئيس حكومة الاحتلال لا يدع مؤتمراً أو مناسبة إلا ويعلن فيها عن وجود علاقات مع دول عربية، مبيناً أن هناك عوائق مهمة في طريق التطبيع من أبرزها السلوك العدواني المستمر للاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، إلى جانب التعامل الفوقي والنظرة الدونية للشعوب العربية، وأكبر دليل على ذلك ما يتم عرضه من تعامل إسرائيل مع الطائفة الدرزية.

مخاطر التطبيع وواقعه على القضية الفلسطينية

حملت الجلسة الثانية العديد من المحاور المهمة والتي تحدثت عن مخاطر التطبيع على الأمة العربية والإسلامية، ورصد واقعه على القضية الفلسطينية، حيث أدار الجلسة الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، الذي أكد أن الحديث عن التطبيع حدث كبير يجب أن يتم الوقوف على مفاصله وأحداثه للتمكن من محاربته ومجابهته.

من جهته، أطلق الكاتب والصحفي فهمي هويدي في الورقة الأولى من الجلسة الثانية، على التطبيع لقب "فتنة العصر الكبرى"، مشيراً إلى أن المصطلح أصبح يستخدم تسويغاً للاستسلام والترجمة الحقيقية له.

وقال هويدي: إن إسرائيل تبالغ في حجم التطبيع، كما لو أن المجتمع العربي يزحف زحفاً إلى إسرائيل وفي الحقيقة أن شريحة معينة من السلطات والأجهزة الأمنية هي التي تزحف، مشيراً إلى أن الشعوب والأمة العربية تقف خارج هذه الدائرة.

وبين هويدي: ان اتفاقيات السلام العربية مع الاحتلال أسهمت في تثبيت احتلال إسرائيل لفلسطين، وهو ما أدى لتغيب القضية الفلسطينية وزاد في حصارها، مما جعل  النظام العربي في الوقت الراهن عبئاً عليها.

وبين أبو سعدة، أن الاحتلال يحاول استغلال كافة الظروف والمتغيرات الإقليمية لصالحه حيث أعطي الأزمة الخليجية القطرية أهمية كبيرة من أجل تحقيق مطامعه.

وأوضح أبو سعدة أن الأنظمة الخليجية الرسمية والتي تسير علاقاتها مع الاحتلال وفق قاعدة "التطبيع السري" قد تتجه في الأيام القادمة إلى " التطبيع العلني" وربما لما هو أسوأ وتقيم علاقة "تحالف استراتيجي" تحت ذريعة محاربة المشروع الإيراني والإرهاب في الشرق الاوسط.

من جانبها، قالت الدكتورة أمل خليفة في الورقة الثالثة من الجلسة الثانية، أن السياسة الخارجية الإسرائيلية لن تترك الملف الأفريقي، وهي تعرف يقيناً قيمة ووزن الدول الأفريقية، فإن كانت قد فشلت في جولة فهي بالتأكيد ستعاود الكرة من جديد لتثبت أقدامها على الساحة الأفريقية التي تعمل فيها منذ عقود.

وأوضحت خليفة: أن الاختراق الإسرائيلي لدول أفريقيا أعتمد على عدد من المحاور، أهمها: تبني رواد حركات التحرر والقيادات البارزة المؤهلة لقيادة الدولة بعد حصولها على الاستقلال، وضمان استجابتهم بعد الاستقلال لبدء العلاقات مع الاحتلال.

من جهته قال البرفسور عبد الستار قاسم في كلمة مسجلة: إن التطبيع يعني القبول بالهزيمة قبولاً عن طيب خاطر ونية حسنة، وفتح الباب أمام العدو والقاتل ليقطف ثمار العدوان وكأنه البريء الودود، موضحاً انه حتى يكون التطبيع شاملاً ودائماً ومتصاعداً فلا بد من صنع العربي الجديد المتحلل من قيمه والمتخلي عن قناعاته، والسائر قيمياً حسب المصالح الإسرائيلية والغربية والمعادية لأمة العرب والمسلمين.

وأوضح قاسم أنه يجب على الجميع ملاحقة كل من يطبع وكل من يغير أسماء المدن الفلسطينية أو يتجاهلها أو يعمل على إلغائها، مشيراً إلى ان أنظمة وقيادات أدارت ظهورها للناس ومصالحهم ولتاريخ الأمة وكبريائها وفضلت أن تسير في  طريق يختلف بريقه عن البريق التاريخي للأمة، سيحاكمها التاريخ وترفضها الشعوب.

وفي ختام الجلسة أكد الباحث الأستاذ بشار شلبي في مداخلة له أن الاحتلال يحاول أن يستفيد من التجارب السابقة للاحتلال الصليبي، حيث أن الاحتلال الصليبي بقي غريباً ومحاطاً بالأسوار ولم يندمج مع المحيط، لذلك بحث الاحتلال عن طرق لإيجاد حل لهذه المشكلة عن طريق التطبيع والاندماج لضمان استمراره، مشيراً إلى أن الاحتلال حرف بفكرة التطبيع بمعني ان لا يتغير هو بل أن يتغير الآخر.

دور الإعلام في محاربة التطبيع

وطرحت الجلسة الثالثة التي أدارها الدكتور خيري عمر دور الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني في مقاومة التطبيع، إضافة لعرض تجربة المركز المغاربي في مقاومة التطبيع.

واستعرض الأستاذ حسام شاكر في الورقة البحثية الأولي من الجلسة الثالثة طرق وخيارات مقاومة التطبيع عن طريق الإعلام بالإضافة لأشكال التطبيع والخطاب الاعلامي التطبيعي وطرق وقفها.

ودعا شاكر لتطوير رؤية مقاومة التطبيع بما يراعي التحولات المائلة في الحالة التطبيعية وملابساتها، وتطوير خطاب مقاومة التطبيع في محاوره ومضامينه ومفرداته، بالإضافة الى التشبيك مع المؤسسات الدولية لمقاومة التطبيع ومقاطعة الكيان.

من جانبه أكد الأستاذ ناصر الفضالة على ضرورة استقطاب الإعلاميين والكتاب والمؤثرين في صياغة العقل في مجتمعنا، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في حشد توعيه المجتمع ضد التطبيع، بالإضافة الي استثمار رصيد فلسطين في الوعي العربي والاسلامي في محاربة الاحتلال وأعوانه.

وختم الفضالة كلمته بضرورة إعادة الحياة والفاعلية إلى مفهوم المقاطعة بكافة صورها بحيث تتحول إلى عمل سياسي وإعلامي، وحراكاً شعبيا فاعلاً على مستوي المجتمع، إلى جانب تفعيل دور البرلمانات والسلطة التشريعية المتاحة لتشكل ضغطاً مؤثراً يسهم بشكل ما في محاولات الشعوب لوقف تيار الانبطاح الرسمي العربي.

 وفي المقابل أكد الدكتور أحمد ويحمان في ورقة العمل الثالثة أن مواجهة "المشروع الصهيوني"، تبدأ من رصد مكامن الاختراق التي يتسلل من خلالها والتي تشكل التطبيع بكافة أشكاله، مشيراً إلى ان عدالة أي قضية لا تتطلب لكي تنتصر إلا الإيمان بها وبعدالتها أولاً، بعد ذلك فإن أي استحقاق لتعزيز الدفاع عنها يأتي بجد أقل مما يتصور.

وفي كلمة مسجلة للدكتور باسم نعيم خصها للندوة، أكد على أن العديد من القيادات والأنظمة العربية تتبني اليوم سياسة التطبيع والمهادنة مع دولة الاحتلال، وهو ما يؤثر سلباً على القضية الفلسطينية.

وتابع نعيم: المقاطعة أحد أهم أركان التحرر، ولنا مثال في كافة حركات التحرر في العالم، من خلالها نستطيع أن نضرب شرعية الاحتلال على المستوي الدولي، لذلك لا يجوز أن نهملها لما لها من تأثير على دولة الاحتلال.

وفي مداخلة للدكتور أكرم العدلوني قال: إن الاحتلال يستخدم العديد من الاستراتيجيات الخطرة والتي تعد أخطر من التطبيع ذاته ومن أبرزها الاحتلال بمعني سيطرته على الأرض من خلال الاستيطان والجدار، مشيراً الي انه يجب على الجميع فهم هذه الاستراتيجيات كي لا تتشتت الأفكار، وإيجاد استراتيجية مضادة لمقاومتها ومقاومة التطبيع في كافة أبعاده.

وبين العدلوني انه لا يمكن مواجهة أي مشروع الا بمشروع يعاكسه بالقوة والاتجاه ، ليستطيع من خلال هذه الاستراتيجية وقف كافة اشكال التطبيع بشكل كامل او الحد منها على أقل تقدير.

وفي ختام الندوة تحدث الأستاذ محمود عيسى الشجراوي رئيس اللجنة التحضيرية للندوة، عن أهمية محور الإعلام وضرورة تفعيله والاهتمام به لمجابهة محور التطبيع الذي يتخذ من وسائل الإعلام محوراً رئيسياً لتسويق افكاره، كما طالب الشجراوي بتحديث قوائم الشركات المطبعة مع الاحتلال لإدراجها إلى قوائم الشركات التي يجب مقاطعتها، مشيراً إلى أهمية المقاطعة الاقتصادية وتأثيرها على الشركات المطبعة والاحتلال في نفس الوقت. 

كما دعا الشجراوي للتواصل والتنسيق بين توحيد جهود المؤسسات والنشطاء العاملين في مجال محاربة التطبيع، وتنسيق الجهود بينها حتي يتم تركيز جهود الأمة العربية والإسلامية في محاربة مرض التطبيع الذي بدء في الانتشار بشكل كبير في الدول العربية.

يذكر، أن حركة مقاومة التطبيع تأسست في عام  2016 على هامش الملتقى الثامن للرواد في العالم الإسلامي، والذي عقد في اسطنبول، لمواجهة سياسة التطبيع بكافة مجالاته، بالإضافة للتصدّي للاختراق الاسرائيلي وفضح مشاريعه ومخططاته، ورغبة في إحياء وإيقاظ الشعور لدى الشعوب لتقوم بدورها في مواجهة ثقافة الهزيمة والاستسلام التي يسعى الكيان الغاصب لفرضها كأمر واقع لعزل خيار المقاومة.

التعليقات