معاناة من نوع آخر.. بيع الشقق السكنية المرتفعة بسبب أزمة الكهرباء

معاناة من نوع آخر.. بيع الشقق السكنية المرتفعة بسبب أزمة الكهرباء
صورة تعبيرية
خاص دنيا الوطن
يعاني المواطن في قطاع غزة من مشاكل لا تعد ولا تحصى سواء اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو نفسية، فهناك مشكلة الكهرباء التي أضحت هي حديث القوم مؤخراً فلا مجلس ولا لقاء إلا ويكون جله حديث عن تبعات هذه المشكلة، والتي كان آخرها ظاهرة بيع الشقق السكنية المرتفعة بسبب أزمة الكهرباء.

إذ أصبحت الحياة في هذه الشقق المرتفعة مريرة، خاصة وأن صعود السلالم ليس بالأمر السهل على الجميع سواء كبار السن أو الصغار أو حتى الشباب، حيث أن خدمة توفير المصعد أثناء انقطاع التيار الكهربائي ليست دائماً متوفرة بسبب غلاء السولار وغلاء أسعار المولدات الكهربائية.

كما أن توفير ما يسمى بالخدمات (مولد كهربائي لتشغيل المصعد والإضاءة للسلم) أمر مكلف إذ يتوجب على أصحاب هذه الشقق دفع مبلغ معين شهرياً، الأمر الذي بات يشكل عبئاً اقتصادياً مريراً خاصة بعد الخصومات التي طالت الموظفين مؤخراً.

المواطن يشتكي

يقول المواطن الخمسيني أسعد فوزي وقد وضع إعلاناً في مدخل البرج الذي يقطن فيه: "للبيع شقة مساحة 145 متراً شمالي جنوبي ترى البحر من جميع الاتجاهات مكونة من 3 غرف نوم وغرفة ضيوف وصالة معيشة وسفرة".

وفي تواصل "دنيا الوطن" معه عبر الجوال قال المواطن: "نعم منذ قرابة الثلاثة شهور وضعت هذا الإعلان من أجل بيع شقتي وذلك لأنها تقع في الطابق السابع وأصبحت لا أقوى على الصعود والنزول عند انقطاع الكهرباء، كما أن زوجتي تعاني من آلام في القدمين، وأصبحت تشتكي من هذا الوضع فلذلك أفكر في بيع شقتي".

"تواصلت مع أحد السماسرة وطلب مني استبدال هذه الشقة بشقة منخفضة على أن أتكبد بعض الخسارة فوافقت وقله له: بس خلصني والسبب أنني شخص مريض بالقلب والضغط وزوجتي تعاني من السكر"، وفقاً لحديثه.

ويقول آخر في إعلان كتبه عبر (الفيسبوك) لبيع شقته في الطابق العاشر: "شقة سوبر لوكس مكونة من 4 غرف، 2 صالون، مطبخ أمريكي، 2 حمام وبلكونة مساحتها 160 متراً في برج يقع غرب مدينة غزة باتجاه غربي شمالي حالتها ممتازة".

وفي حديثه لـ "دنيا الوطن" يقول صاحب هذا الإعلان (63 عاماً) والذي رفض ذكر اسمه: "قررت عرض شقتي للبيع لأنها مرتفعة ولا مصعد يعمل عندما يقطع التيار الكهربائي، حين اشتريتها كانت الكهرباء متوفرة أنا رجل كبير السن وفي ظل أزمة الكهرباء المتفاقمة أصبحت غير قادر على السكن فيها، خاصة وأن ساعات وصل التيار لا تتعدى الأربع ساعات يومياً".

فالحل برأيه هو بيع هذه الشقة لشراء شقة أقل ارتفاعاً أو استبدالها بشقة أخرى بشرط أن تكون منخفضة حتى وإن اضطر لتكبد خسارة مالية في سبيل ذلك.

 سمسار: مبيعات هذه الشقق من إجمالي الحركة العقارية 25%

أما السمسار (وسيط بيع) أحمد علي فيقول: "هناك إقبال كبير على بيع الشقق السكنية المرتفعة في غزة وهناك عرض أكبر على هذه الشقق، لكن للأسف الطلب عليها قليل جداً وذلك بسبب أزمة الكهرباء والتي تعتبر الطاقة الشمسية حلاً مؤقتاً لها فالمواطنون يفضلون الطوابق المنخفضة في العمارات والأبراج السكنية".

وفيما يتعلق بكون الطاقة الشمسية حلاً لهذه المشكلة يضيف علي: "حتى لو توفر في هذه الأبراج بديل كهربائي مثل الطاقة الشمسية فإن إصلاح هذه الشبكة مكلف، وبالتالي يفضل الزبون شراء الشقق المنخفضة هرباً من مشكلة الكهرباء وهرباً من دفع الخدمات التي تدفع لتشغيل المولد الكهربائي أو الطاقة الشمسية والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى 150 شيكلاً".

 "أما بالنسبة للعقارات وأسعارها في ظل هذه الأزمة فهناك انخفاض في أسعار الشقق بنسبة 30% وذلك لأن هناك زبائن يقومون ببيع شقق الأبراج التي لا يتوفر فيها خدمات حتى ولو كان البيع بخسارة بحثاً عن شقق أخرى تكون أقل ارتفاعاً أو تتوفر فيها منظومة الطاقة الشمسية"، على حد قوله.

ويختم حديثه بالقول: "تعتبر نسبة الإقبال على بيع واستبدال الشقق المرتفعة بأخرى منخفضة بسبب أزمة الكهرباء حوالي 25 % من إجمالي الحراك العقاري الموجود".

صاحب عمارة ومستثمر يوضح

أما صاحب العمارة وسام أبو سليمان فيقول: "جميع الأبراج التي بنيت في السنوات الأخيرة لديها خدمات متوفرة مثل الطاقة الشمسية أو مولدات تعمل بالسولار ولكن هذه الخدمات مكلفة وبالتالي يقل الطلب عليها بالإضافة إلى ضرورة دفع اشتراك شهري مقابل توفير الخدمات متل المصعد والإضاءة في ممرات العمارة وخلافه وكل هذا يجعل الطلب على هكذا شقق قليل جداً".

"أنا كمستثمر لدي عمارة مكونة من 9 طوابق أواجه مشكلة في بيع الطوابق الثلاثة المرتفعة، وذلك بسبب مشكلة الكهرباء رغم توفر مشروع الطاقة الشمسية في العمارة والتي كلفت ما يقارب 53 ألف شيكل".

ويضيف: "المشكلة في مشاريع الطاقة الشمسية أننا لا نستطيع التنبؤ بفترة خدمتها الزمنية كما وأن تصليحها مكلف جداً فالبطاريات في حالة تعطلها يجب استبدالها بأخرى جديدة وهذا كله يتحمله المواطن لذلك يميل المواطن للسكن في الطوابق المنخفضة، علماً بأنني بعت المخازن والسدة والطوابق الثلاثة الأولى عند البدء بوضع أساسات العمارة بسبب توفر الطاقة الشمسية التي تشغل المصعد الذي يعمل على مدار الساعة وماتور المياه وإضاءة للدرج".

"نبيع الشقق المرتفعة بسعر أقل من المنخفضة مع أن تكاليف البناء واحدة إلا أننا ورغم ذلك أيضاً، نجد صعوبة كبيرة جداً في بيعها بسبب أزمة الكهرباء"، على حد قوله.

كساد بيع الشقق العالية في سوق العقارات

من جهته، يقول محمود عطوة صاحب شركة: "يعاني قطاع العقارات في غزة من صعوبة بيع الشقق المرتفعة، وكذلك المواطن الذي يقطن الشقق المرتفعة يعاني من السكن فيها بسبب أزمة الكهرباء وكثير من الناس أصبحوا يقدمون على بيع واستبدال شققهم المرتفعة بأخرى منخفضة".

ويضيف: "علماً بأن الشقق المرتفعة في حالة وجود استقرار سياسي واقتصادي تكون أغلى من الشقق المنخفضة، وذلك لأن الشقة المرتفعة أفضل للسكن كونها بعيدة عن الضوضاء والإزعاج وأفضل بيئياً فالمشكلة التي تواجه البائع والمشترى هي نفس المشكلة وهي أزمة الكهرباء، لذلك نجد أن الطوابق المرتفعة ليس عليها إقبال".

صحياً

وحول الأضرار الصحية لصعود السلم في الطوابق العلوية، يقول الدكتور عبد ربه أبو حشيش استشاري جراحة العظام: "الضرر يعتمد على الوضع الصحي للساكن وسنه ولياقته البدنية ولكن إن كانت هناك حالة مرضية موجودة فإنها تسوء جراء الصعود والنزول المتكرر على السلالم في الطوابق المرتفعة".

ويضيف: "مثلاً لو كان الشخص يعاني أصلاً من ضعف في العظام والعضلات وخشونة في الركبة فإن الحالة تزداد سوءاً لأن الجهد المبذول يكون أكثر من قوة تحمل هذا الشخص المريض".

يذكر أن ساعات الوصل في جدول الكهرباء في قطاع غزة مؤخراً قد وصلت إلى أربع ساعات يومياً فقط.  

التعليقات