إسرائيل تعود إلى زمن هرتزل

إسرائيل تعود إلى زمن هرتزل
بقلم عبد الله عيسى
رئيس التحرير

يتحدث نتنياهو في كتابه الشهير "مكان تحت الشمس" عن بدايات الحرب الصهيونية في أوروبا، ولاسيما زعيم الحركة الصهيونية هرتزل، الذي بدأ في نهاية القرن 19 يجوب أوروبا، ويحاول إقناع اليهود في الدول الأوروبية بالسفر إلى أرض الميعاد (فلسطين) وإقامة دولتهم هناك دولة يهودية في فلسطين، وجوبه بالرفض الشديد من قبل الجاليات اليهودية في أوروبا، وتحدث نتنياهو بإسهاب عن الجاليات اليهودية في أوروبا، وكيف كانوا يعيشون في جيتونات مغلقة، أغلقوها على أنفسهم، فاضطر هرتزل في نهاية المطاف إلى مواجهة اليهود بالحقيقة المرة، وقال لهم حسب رواية نتنياهو: "ستواجهون أياماً سوداء في أوروبا، وعليكم أن تتفادوا الأمر بالسفر إلى فلسطين"، ولكن هذا التحذير لم يجد آذاناً صاغية من قبل الجاليات اليهودية في أوروبا، حتى وقعت الواقعة، وقام هتلر بمذابح كبيرة لليهود.

ودارت الأيام، وأقام اليهود دولتهم في فلسطيني عام 48، ومع هذا بقيت عقلية الجيتون تسيطر عليهم، ورغم جو العداء بين اليهود في إسرائيل مع الفلسطينيين والعرب إلا أن إسرائيل لم تحاول كسب ود الفلسطينيين والعرب، ولم تحاول إقامة التطبيع معهم بالشكل المطلوب، بل اعتمدت على منهجين: الأول محاصرة اليهود في جيتونات في إسرائيل، وحولت إسرائيل الى جيتون كبير، والمنهج الثاني هو البطش والقوة وطريق الدماء في محاولة لترويع الفلسطينيين في البداية؛ لطردهم من بيوتهم بارتكاب مذابح مثل دير ياسين وكفر قاسم وغيرها، والآن يطرح الفلسطينيون والعرب معهم مبادرات سلام كبيرة وعديدة، كي تقيم إسرائيل علاقات سلمية مع الفلسطينيين والعرب، وتصر إسرائيل على أن يعيشوا في جيتون كبير محاصرين بالعرب من كل جانب ولا يقيمون علاقات تذكر معهم في الوسط الذي يعيشون فيه، حيث يعيش الفلسطينيون والإسرائيليون على نفس الأرض ويتنفسون نفس الهواء.

إن عدم إقامة إسرائيل سلام مع الفلسطينيين والعرب لن يؤدي إلى أن يلقى اليهود في إسرائيل نفس المصير الذي لقيه اليهود في أوروبا على يد النازيين بزعامة هتلر، ولكن ستواجه إسرائيل على الدوام وضعاً صعباً، والحروب العربية الإسرائيلية لن تتوقف، واستمرار إسرائيل في النهج الذي تسير عليه لن يؤدي إلى تغيير في المواقف العربية، وكذلك الاتجاه إلى فرض سلام بالقوة؛ لأن الشعوب العربية لن تصبر طويلاً، وخاصة في موضوع القدس.

التعليقات