اغتصبها لكي يصبح زوجها

اغتصبها لكي يصبح زوجها
معادلة          
 اغتصبها لكي يصبح زوجها                                                              
بقلم : حمدي فراج

   إغتصبها لكي يتزوجها ، اغتصبها لكي يصبح زوجها ، اغتصبها لكي تصبح زوجته ، اغتصبها لأنه يحبها ، اغتصبها لكي ينجب منها اولاده ، اغتصبها لكي يعيش معها في بيت واحد ، اغتصبها لكي يكوّن اسرة ، اغتصبها لكي يواصل اغتصابها في عش الزوجية الرهيب ، اقصد الجميل

   بعد نحو عشرين سنة ، ألغى البرلمان الاردني ما عرف بقانون الاغتصاب ، الذي يعفي المغتصب من عقوبة السجن اذا قبل الزواج من المرأة المغتصبة ، شرط ان يبقى زوجا لها لمدة خمس سنوات على الاقل ، أحيانا يقوم المغتصب بخطف ضحيته ، احيانا كثيرة تكون قاصرا ، واحيانا تحمل ، ولا تستطيع الاجهاض لأن القانون يحرّم ذلك . وبدلا من معاقبة هذا المغتصب ، والزج به في السجن لعشرين سنة ، كما في التشريعات المتقدمة ، تقوم الدولة بمكافأته ، وتزويجه من الضحية ، وهي بذلك ، شاءت هذه الدولة ، ام أبت ، تشجع الاغتصاب والمغتصبين ، تحت ذرائع تمويهية واهية ، ولهذا تقول الاحصائيات الرسمية ان الاردن شهد خلال العام المنصرم ما يزيد على 160 حالة اغتصاب مسجلة رسميا في دوائر الدولة المختصة ، ونعرف في قرارة ذاتنا ان هناك عشرات وربما مئات الحالات الاخرى التي لا يتم تسجيلها ، وتبقى طي الكتمان"خوفا من الفضيحة" .

   الامر لا يقتصر على الاردن ، لا في الاغتصاب ، ولا في قانونه المعيب ، فمعظم الدول العربية فيها مثل هذا التشريع ، لكن المشرعون العرب ، يتجاهلون الحمار ويمسكون البردعة ، كما يقول المثل . المرأة هي البردعة ، يتم اغتصابها وتزويجها من مغتصبها ، تحت شعار "غلب بستيرة ولا غلب بفضيحة" ، ولكن من هو الذي ارتكب الفضيحة ؟

   الويل لها اذا حملت جراء هذا الفعل الاغتصابي ، فهي من جهة لا تستطيع إجهاضه لأن ذلك حرام دينيا ومحرم قانونيا ، ولا تستطيع من جهة اخرى الاحتفاظ به ، لأنه لا اب له يحمل اسمه الا اذا تزوجت مغتصبها . فتضطر بعد ذلك النزول عند رغبة العائلة والقبيلة والدولة .

  بالتأكيد ان قرار إلغاء ما يعرف بقانون الاغتصاب في العالم العربي ، هو امر مهم في غاية الاهمية ، لكنه لا يكفي لكي تحصل المرأة العربية على الحد الادنى من حقوقها ، وما اعلنه الرئيس التونسي بشأن مساواتها بالذكر في موضوع الميراث ، وعدم اشتراط تغيير ديانة زوجها ، هي مقدمات جادة جديرة بالبحث والتشريع .

   تقول الكاتبة التركية أليف شافاق ، صاحبة الرواية الشهيرة "قواعد العشق الاربعين" في روايتها الجديدة "حليب اسود" انها قررت استبدال اسم ابيها الذي لم تعرفه طوال حياتها ، باسم امها ، التي لها الفضل عليها في تربيتها وتعليمها . شافاق التي تعني شفق الشمس ، هو اسم امها .

التعليقات