لا تقطعوا شعرة معاوية

لا تقطعوا شعرة معاوية
شفيق التلولي

يوم أن لبى الشيخ أحمد ياسين دعوة المجلس المركزي الفلسطيني المنعقد في غزة عام 1999 لمناقشة استحقاقات انتهاء المرحلة الانتقالية في 4 ايار، حسب نصوص اتفاقي اوسلو والقاهرة. وتحديد قواعد المفاوضات اللاحقة، واتخاذ القرار النهائي بشأن اعلان قيام الدولة الفلسطينية وبسط السيادة على الاراضي التي احتلت عام 1967.

كان يعبر عن ايمانه بوحدانية القرار الوطني الفلسطيني في الوقت الذي لم تكن حركته حماس التي تشارك بوفدها كأعضاء مراقبين في هذا المجلس ضمن منظمومة مؤسسات السلطة الفلسطينية "المجلس التشريعي، الحكومة" كما هو حاصل الآن إثر خوضها انتخابات المجلس التشريعي للسلطة الوطنية الفلسطينية عام 2006 والتي فازت بأغلبية مقاعده بعدما أجريت للمرة الثانية منذ قيام السلطة وفقاً لاتفاق أوسلو الموقع بين اسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، الاتفاق الذي لا تعترف به حماس ولا هي موجودة أيضاً ضمن صفوف المنظمة الموقعة على هذا الاتفاق.

أذكُر يومها بأنني التقيت والصديق فهمي الزعارير بالأخ مروان البرغوثي في فندق بيتش بغزة، وذلك بعد الجلسة الافتتاحية لأعمال المجلس؛ أخبرنا بأن الرئيس ياسر عرفات كان مسروراً جداً لحضور حماس وشيخها أحمد ياسين مستعرضاً أهمية الوحدة الوطنية التي تتجسد من خلال هذا الحرص على المشاركة في الحضور حتى ولو لم تشارك كعضو أصيل في اتخاذ القرار الوطني المناسب خلال هذا المجلس.

أما اليوم ونحن على أبواب المجلس الوطني الفلسطيني المزمع عقده في ظل حالة من التشظي والانقسام والشد والجذب؛ فلا غضاضة أن يبادر الشيخ اسماعيل هنية والذي كان قد حضر المجلس المركزي الآنف الذكر؛ سيما وأنه أصبح رئيسا للمكتب السياسي لحركة حماس ليمضي قدماً باتجاه تصليب عود المجلس الوطني والحفاظ على نصابه وقوامه التاريخي كمظلة دستورية جامعة للشعب الفلسطيني وعلى رأسه ممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير الفلسطينية الوطن المعنوي لكل الفلسطينيين؛ هذا يتطلب انخراط حماس الفوري في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية ونزع كل مسببات ومبررات الانقسام.

من جهة أخرى فإنه لا ضير من دعوة حماس لحضور المجلس الوطني المزمع عقده حتى ولو بصفة مراقب على أن تلبي تلك الدعوة تيمناً بما انتهجه الشيخ أحمد ياسين إبان المجلس المركزي عام 1999 والذي أشرنا له سابقاً؛ بالتالي تسهم في جسر الهوة وتفتح باباً جديداً لعودة الثقة بينها وبين السلطة الفلسطينية ككيان سيادي وطني وشرعي يجمع شمل جناحي الوطن؛ الأمر ليس بسيطاً لكنه يحتاج إلى حسن نوايا تبدأ من مبادرة طيبة تؤسس للثقة المرجوة وتنتهي بالوحدة الوطنية التي حرص عليها الشيخ ياسين وأثنى عليها الرئيس عرفات يوم المجلس المركزي المشهود.

في جميع الأحوال سينعقد المجلس الوطني وسيمارس صلاحياته الدستورية ويتخذ ما يلزم من قرارات وطنية ومصيرية لا تقف عند حدود انتخاب اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية فحسب لكن من غير المتوقع أن يُنهي المجلس الانقسام وسيكون الخاسر الأكبر هو الشعب وقضيته الوطنية خاصة في قطاع غزة الذي ستزداد معاناة أهله، وربما يخرج من المنظومة الوطنية كلياً بعد قطع شعرة معاوية؛ لذلك يجب التقاط هذه اللحظة التاريخية الفاصلة بالدرس الذي سُقناه مطلع المقال، والعبرة بالنتيجة.

التعليقات