تقرير لمركز معا: النفايات تخنق الباذان والمواطنون يتظاهرون

رام الله - دنيا الوطن
ناقش تقرير أخير لمركز العمل التنموي/ معا واقع تفاقم حرائق مكب "الصيرفي" في قرية الباذان شمال شرق نابلس، والذي قوبل  مؤخرا باحتجاج شعبي، حيث طالب سكان المنطقة بإغلاق المكب، ووضع حدٍ لعمليات الحرق فيه التي تشمل النفايات وأطر السيارات.

وتعقيباً على ذلك، أقر محافظ نابلس اللواء أكرم البكري لمعد التقرير "عبد الباسط خلف" بمشكلة إستراتيجية في وجود المكب، الذي يحتاج إلى خطة لإزالته. مؤكداً أن الأمر السريع الواجب معالجته هو عمليات الحرق التي تجري في الباذان.

وأضاف البكري: "اتفقنا مع بلدية نابلس تفعيل الحراسات في المنطقة، ومنع حدوث أي عملية حرق، كما توصلنا مع مجلس محلي الباذان، أنه وفي حال وجدت أي ملاحظات فيجب التواصل مع الشرطة والبلدية، لأجل وضع حد لهذا التدهور الخطير المتعلق بعمليات الحرق".

بلدية نابلس: الحرق مقصود ونسعى لحل

بدوره، قال مدير بلدية نابلس عمر الدبعي أنه وبعد استلام المجلس الحالي لمهامه، فقد أخذ خطوات عملية لحل مشكلة المكب، الذي كان يتكدس بالنفايات، وذلك من خلال تفريغ الموقع بشكل يومي أو بما يتناسب مع حجم النفايات".

وأضاف: "أفرغنا المكب، ولكن بعد 4-5 أيام تفاجأنا بوجود حالات إحراق مقصودة للنفايات في الموقع، وتفاقمت الأمور مع القرى المجاورة بسبب الدخان المنبعث جراء الحرق المتعمد".

وأشار الدبعي إلى أنه في الوقت الحالي لا توجد بدائل متوفرة للمكب، والمتسبب بالأزمة الراهنة هي كميات أكبر من النفايات المخطط لها في الموقع، جراء وجود مشكلة فنية لدى المتعهد أخّرت الترحيل، وبالتالي انبعثت الروائح، وما صعد الأزمة الراهنة وفق الدبعي هو حرق النفايات المتعمد في مكب الدفن.

ولفت إلى وجود اعتراضات في السابق على وجود محطة فصل وتكرير النفايات، والأصل أن لا تبقى النفايات فيها لفترات طويلة، ولكن لأسباب فنية أخّرت في نقلها إلى مكب زهرة الفنجان تراكمت النفايات، ولكنه ذكر وجود مجموعة أفكار لحل الأزمة من جذورها، كفرز النفايات، وإنشاء محطة حديثة لحرقها بطريقة لا تؤثر على البيئة، وإنتاج الطاقة.

وأشارت بيانات بلدية نابلس أن المدينة وبعض القرى المجاورة تنتج ما يقارب 250 طنًا من النفايات يوميا، وتزاد الكمية خلال المواسم والأعياد، فيما يستغل مهربون نقطة الترحيل، ويلقون نفايات ومخلفات بناء وغيرها.

مجلس الباذان: لم يعد متاحًا لنا الجلوس في منازلنا

وقال رئيس مجلس الباذان عماد صلاحات إن أزمة المكب أزلية، ومرتبطة بوجود محطة الصيرفي ومجاري نابلس، لكن المشكلة بدأت تتفاقم خلال الأسبوعين الأخيرين، وقد تفاجأ المجلس بعمليات حرق مستمرة للنفايات الصلبة، ومن ضمنها مواد بلاستيكية وإطارات مطاطية، لدرجة أن الدخان كان يغطي الباذان كلها، وبدأت حالات اختناق وأزمات، ولم يعد متاحًا للمواطنين الجلوس في منازلهم.

ووفق صلاحات فإن أكثر من 30 حالة سرطان تم اكتشافها مؤخرا في قريته، عدا عن حالات الربو والأمراض الجلدية بسبب البعوض ومياه المجاري الملوثة.

وتم الاتفاق وفق صلاحات على ثلاثة بنود رئيسة: الأول، وقف عمليات الحرق بشكل كامل، وأن تحاسب الشرطة الفاعلين أيًا كانوا. والثاني، توقف العمل في المكب العشوائي والاكتفاء بنقطة التجميع، والثالث، أن تتم معالجة نقطة الترحيل بشكل جيد، وأن لا يُسمح لعصارة النفايات بالوصول إلى الشارع، وأن يتم وضع حد لتراكم النفايات على الشارع.

ولكن قال صلاحات: "لا أعتقد أن بلدية نابلس ستلتزم بالاتفاق، والحل أن يُزال المكب، ونحن لسنا مسؤولون عن أي أحد يحرق الإطارات، فذلك من مهام البلدية، ولولا وجود نقطة "الصيرفي" لما بقي هناك مبرر لإشعال الإطارات".

وأضاف صلاحات أنه ومن خلال تواصلهم مع بلدية نابلس، أكد رئيسها أن الأخيرة مسؤولة عن المكب، وسيتم وضع كاميرات للمراقبة وحراسات، والحل عدم تجميع النفايات في مدخل المنطقة، والبحث عن مكان منعزل.

الفارس: مخلفات طبية ونفايات خطرة في المكب

من جانبه، قال د. عقيل الفارس رئيس اللجنة الأهلية في الباذان أن حل الأزمة في إزالة نقطة ترحيل الصيرفي، وقد استطاعوا في السابق وقف تشغيل مصنع التدّوير، ولكن نقطة الترحيل ومنطقة الردم أصبحت تزداد يومًا بعد يوم، وتحولت إلى جبل بارتفاع 30 مترا عما كان الحال عليه قبل سنتين وثلاثة، ولديهم أي اللجنة الأهلية صور قبل النقطة وبعدها تظهر ذلك.

وأضاف: "تم توثيق إلقاء مخلفات طبية، وحرق سيارات تُجلب من بيت لحم، وصحيح أن حالات السرطان زادت في المنطقة، لكن لا نعلم درجة ارتباطها بالحرق".

وأوضح: "ما يحدث أن المنطقة الشرقية كلها من بداية روجيب وحتى مفرق بيت فوريك، ومفرق سالم، وحتى قبر الشهيد في الباذان أصبحت كأنها "مزبلة عامة"، ويجري فيها إلقاء حيوانات نافقة، والسبب مكب"الصيرفي" الذي حوّل المنطقة إلى مكب كبير، ابتداءً من المساكن وحتى عين شبلي، مرورًا بالنصارية، فالمكب والمياه العادمة تنتشر فيها".

من تأكيدات الفارس، فقد انتشرت مؤخرًا عمليات حرق إطارات مطاطية بغرض جمع الأسلاك منها، وغالباً يحدث الحرق بجوار الردم، ويتم تجميع 200-300 إطاراً تحرق حتى انخماد النيران فيتم حينها جمع الأسلاك، لكن النيران امتدت إلى الحفرة المجاورة، وبقيت طوال أسبوع مشتعلة، وتزامن وتكرر هذا الأمر مع استلام مجلس نابلس البلدي الجديد مهامه.

وأشار إلى حصولهم على وعد لحل المشكلة في غضون شهرين، وقد وعد المحافظ بحضور مدير الشرطة بالمتابعة الفورية وبخاصة لحارقي الإطارات، ووعد بحل مشكلة نقطة الترحيل خلال مدة أقصاها ستة أشهر.

الناشط الشبابي صلاحات: الوضع لا يطاق

وأكد الناشط الشبابي عصام صلاحات أن المشكلة في نقطة تجميع نفايات الصيرفي، كما يعاني المواطنون من مجاري نابلس، التي تنزل على مياه الباذان، وتدمر المنطقة السياحية، ومؤخرًا ظهرت حالات سرطان وأمراض رئة، وازداد الأمر سوءًا وفق صلاحات.

وختم مستنكراً ما آل إليه حال الباذان والتي تعد من المناطق السياحية المميزة في الوطن،  جراء مياه المجاري التي تسير كنهر تخترق الباذان، وتمر من أسفل المنازل، مساهمةً في نشر ذبابة أريحا، والخنازير في المنطقة، عدا عن ويلات فصل الشتاء حين تجرف السيول أكوام النفايات، وتغمرُ الأشجار والبيوت والحقول.