بالفيديو: غزة تستهلك 6.5 طن من القهوة يومياً!

بالفيديو: غزة تستهلك 6.5 طن من القهوة يومياً!
صورة تعبيرية
خاص- دنيا الوطن
ما إن تستنشق رائحتها حتى يبدأ سحرها بمداعبة خلايا رأسك بل ومزاجك، فهي المعشوقة السمراء كما يحلو للبعض تسميتها وهي لا تزال أيقونة الصباح ورفيقة الضجيج والسكون. 

إنها القهوة التي لم تعد سلعة كماليةً في الحياة اليومية الغزية بل أصبحت في الآونة الأخيرة مادة أساسية لا غنى لنا عنها تماماً كالدقيق والزيت والسكر، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها المواطن، والتي فرضت عليه معطيات جديدة تتلاءم وطبيعة المرحلة.

فلا غرابة في الحقيقة التي تؤكدها وزارة الاقتصاد في غزة بأن قطاع غزة يستهلك يومياً ستة ونصف طن من القهوة، فما الذي يحدث ولماذا هذا السعي الشره نحو القهوة؟

أحدث الإحصائيات 

يقول أسامة نوفل مدير عام الدراسات والتخطيط في وزارة الاقتصاد في غزة: "بناء على أحدث الإحصائيات المتوفرة لدينا من حيث الاستيراد والطلب على سلعة القهوة، فإن في عام 2016 بلغت كمية القهوة المستوردة 2403 أطنان فإذا ما قسمنا هذا الرقم على 12 شهراً، ينتج لدينا 202 طن، وبذلك نصل إلى الحقيقة التي تقول أن غزة تستهلك يومياً 6,5 طن من القهوة".

"هذا الرقم الكبير استمر في عام 2017 أيضاً، إذ استوردت غزة في الستة شهور الأولى من هذا العام 1157 طن من القهوة أي 6,5 طن من القهوة تستهلك يومياً" على حد قوله.

ويرجع نوفل أسباب حجم الاستهلاك في القهوة إلى أسباب عديدة، منها "أولاً: حالة الفراغ لدى قطاع كبير من الشباب الأمر الذي يضطرهم إلى ارتياد المقاهي وبالتالي ساهم في زيادة حجم الطلب والاستهلاك، ثانياً: زيادة المنافسة في بيع سلعة القهوة الأمر الذي أدى إلى انخفاض الأسعار وتحسين الجودة، ثالثاً: العادات والتقاليد والتي تؤثر في سلوك الإنسان، وبالتالي تزيد الطلب على مشروب القهوة".

ويختم الأسباب بقوله: "لا ننسى أن ازدياد عدد السكان في غزة قد ساهم بشكل كبير في ازدياد الطلب على سلعة القهوة خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يجد المواطن في القهوة فسحة وفرصة لابد منها لتحسين المزاج بعيداً عن منغصات الحياة اليومية".

أسباب المواطن 

تقول المواطنة (ب. ع) حول تناولها للقهوة: "أبدأ صباحي بها وهي الشيء الأول الذي أفعله بمجرد استيقاظي، فلقد أصبح الأمر لدي نوعاً من التعود".

"أشرب يومياً ما يعادل الثمانية فناجين من القهوة، أحرص على عدم نفاذها من بيتي وأشتري الكثير منها وأخلطها بالزنجبيل والهيل لتعطيني الجو الذي أحبه وحالة النشوة التي أسعى إليها".

"ما إن أشرب قهوتي حتى تبدأ أفكاري تترتب وأشعر بروحي خفيفة وأستطيع التركيز" على حد قولها.

أما الشاب الثلاثيني أبو راني فيقول وهو يشتري كوباً من القهوة لدى أحد أكشاك القهوة المنتشرة في شوارع مدينة غزة: "أشرب يومياً 3-4 كاسات من القهوة، وذلك لشعوري بالملل فأفرغ هذا الملل بشرب القهوة والتدخين والسبب هي الظروف وكثرة التفكير نتيجة الأوضاع التي نعيشها فأشعر وكأنني أهرب من هذا الواقع بالقهوة".

ويضيف: "أنا بلا عمل وأقضي أغلب وقتي خارج البيت لذلك أجلس مع أصدقائي لأشرب القهوة فأنا عاطل عن العمل ولدى وقت فراغ كبير، حالياً تجد أغلب الشباب في الشارع يشربون القهوة، وذلك لأن الجميع يعاني من التفكير والقلق والفراغ".

الاستهلاك والطلب 

أما صاحب مطحنة بن الباشا أبو إيهاب الحلو (60 عاماً) فيعلق على الأمر بقوله: "أنا أعمل في مجال القهوة منذ عشرين عاماً، نعم تستهلك غزة ما يقارب 5-6 طن يومياً من القهوة وهذا الإقبال المتزايد على القهوة له عدة أسباب أولها الظروف المعيشية التي تحيطنا والتي جعلت المواطن يبحث عن مسليات لقضاء فراغه وتخفيف تفكيره بل وتحسين مزاجه".

ويضيف: "مبيعات الصيف من القهوة أكبر بكثير من مبيعاتها في الشتاء وذلك بسبب طول النهار في الصيف الأمر الذي يعطي مساحة أكبر من الوقت والعمل خارج البيت وبالتالي يزيد استهلاك القهوة".

فيما يتعلق بحجم المبيعات وهل تأثرت بالأوضاع الأخيرة المتمثلة في خصومات موظفي السلطة بنسبة 30%، يقول الحلو: "تأثرت المبيعات بشكل كبير وملاحظ لدرجة أن الكثير من الأشخاص أصبح يتجه نحو شراء مغلف القهوة المباع بشيقل واحد".

وحول التكاليف العالية لتجهيز القهوة في ظل انقطاع التيار الكهربائي وتأثيرها على هامش الربح يقول أبو إيهاب: "نتيجة خصومات الموظفين أصبحت المبيعات متوسطة بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف القهوة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي فيومياً ننفق 250 شيقل سولار للموتور من أجل تحميص القهوة الأمر الذي يقلل من قيمة الربح لدينا، فنحن لا نستطيع رفع سعر القهوة للمحافظة على قدرة الزبون على الشراء".

يذكر أن أسعار القهوة هي أسعار عالمية تخضع للبورصة وتختلف هذه الأسعار على حسب نوعية القهوة وجودتها فأفضل أنواعها الكولومبي والهندي والبوليفي ثم يأتي البرازيلي في المرتبة الثانية. 

طبياً..مفيدة أم مضرة؟

يؤكد الطب أن القهوة تقع في منطقة متوسطة بين الضرر والفائدة، فتقول دكتورة التغذية في مستشفى الأهلي العربي سعاد عبيد: "نظراً لاحتواء القهوة على مادة الكفائيين فإنه يجب تناولها بجرعات معينة ومحدودة وبالتالي إذا أفرطنا في تناول أكثر من الجرعة المسموح بها فإن الشخص يدخل في مرحلة الآثار السلبية والأضرار الصحية".

وحول الجرعة المسموح بها تضيف عبيد: "يسمح للشخص تناول 400 مل من مادة الكفائيين والتي تعادل 4 فناجين من القهوة فقط يومياً".

"من فوائد القهوة أنها تساعد على التركيز وهي تمنع إلى حد ما الإصابة بمرض الزهايمر وتحسن كفاءة عمل القلب والشرايين، بالإضافة إلى كونها تحتوي على مواد مضادة للأكسدة، وبالتالي تقي من الإصابة ببعض الأمراض كما أنها تمنع ظهور علامات الشيخوخة المبكرة" على حد قولها.

أما فيما يتعلق بأضرار القهوة فتؤكد عبيد: "الإفراط في تناول القهوة يؤدي إلى ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم لأنه القهوة ترفع نسبة الدهون في الدم لذلك ينصح بشرب القهوة المصفاة، بالإضافة إلى أن القهوة تقلل امتصاص الكالسيوم، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى الإصابة بمرض هشاشة العظام وتزيد من أعراض مشاكل الجهاز الهضمي".

وتختم عبيد حديثها بالقول: "القهوة تؤثر أيضاً على المراهقين من الشباب، خاصة إذا كانت مصحوبة بالتدخين، الأمر الذي يعرض المراهقين إلى الإصابة بمرض سرطان الرئة".

إذاً هي القهوة تلك الحنونة التي تقدّم لنا روحها في سبيل تحسين مزاجنا وهنا لم تعد القهوة مشروباً عادياً أو سلعة تقليدية بل أصبحت جزءاً من محاولة نسيان الواقع المأساوي الذي يحاصرنا في كل تفاصيل حياتنا اليومية بالهروب بعيداً نحو الاسترخاء بفعل تأثير السيدة قهوة.  

 


التعليقات