فراس العجلوني

فراس العجلوني
بقلم عبد الله عيسى 
رئيس التحرير
للأردن ملكاً وجيشاً وحكومة وشعباً سجل طويل وحافل مع القضية الفلسطينية سياسياً وعسكرياً، ففي عام 1966 زار المشير عبد الحكيم عامر قائد الجيش المصري، الأردن، وحضر بمعية الملك الحسين بن طلال احتفالاً للجيش الأردني، وقامت طائرة أردنية بمناورات في الجو يصعب أن يفعلها إلا طيار أجنبي، فقال المشير عبد الحكيم عامر لملك الأردن هذا طيار أجنبي، فرد عليه بل طيار أردني.

وعندما أنهى الطيار المناورات التي يقوم بها نزل إلى الأرض، وأدى التحية للمشير عبد الحكيم عامر، فقال له من أنت فرد عليه أنا الطيار فراس العجلوني من طيران الأردن، فذهل المشير عامر من وجود مثل هذا الطيار في سلاح الجو الأردني.

وكان الجيش الأردني في حينها لا يمتلك إلا عدداً قليلاً من الطائرات الحربية من نوع هوكر هنتر، ونشبت حرب 1967 وقام الطيار الشهيد فراس العجلوني ببطولات سجلها التاريخ، حيث قام بطائرته الحربية بالهجوم على مدينة حيفا بالعمق الإسرائيلي، وعاد إلى قاعدته الجوية المفرق، وقام بغارة ثانية على حيفا والطائرات الإسرائيلية تلاحقه، ولم تستطع أن تنال منه، فتوجه إلى قاعدة عراقية عسكرية ليقود طائرة عراقية محملة بالذخائر، فلحقت به الطائرات الإسرائيلية وهو على أرض المطار، فضربت طائرته واستشهد على الفور.

وكانت هذه الحادثة إحدى البطولات النادرة التي سجلها سلاح الجو الأردني، وفي حرب 1967 وعندما هاجم موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي القدس، قامت معركة طاحنة، قام بها الجيش الأردني في باب الواد، وشهد ديان ببسالة الجيش الأردني بالدفاع عن القدس بإمكانياتهم القليلة، ووادي النطرون حيث خسر الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة، كبده إياها الجيش الأردني.

حتى إن نتنياهو في كتابه "مكان تحت الشمس" يروي كيف كانت إسرائيل تخشى من الجيش الأردني أن يقطع الطريق بين طولكرم ومدينة نتانيا، فيقسم إسرائيل لمكانين، لكن الجيش الأردني اختار الدفاع عن القدس، وقد انتشرت نكتة قبل حرب 1967 في أوساط الإسرائيليين، "على آخر إسرائيلي يغارد مطار بن غوريون هارباً من العرب أن يطفئ أنوار المطار".

ولكن للأسف دارت الحرب على نحو مختلف عما كانت تحسب له إسرائيل بسبب الضربة المفاجئة التي قامت بها مسبقاً ضد العرب، ولم تكن هذه البطولات ودفاع الأردن عن الأقصى هي المرة الوحيدة، فقد شهد التاريخ ذلك مرات عديدة نذكر 1997 عندما حاول الموساد اغتيال خالد مشعل في عمان بالسم، وأجبر الأردن نتنياهو على أن يقدم للأردن العلاج المضاد للسم، وأن يقد لهم التركيبة الدوائية، بعدما سافر الأمير الحسن بن طلال شقيق ملك الأردن، وهو يحمل فيديو للإدارة الأمريكية وهو يصور اعترافات الموساد الإسرائيلي على حادثة مشعل، وأجبرت الإدارة الأمريكية نتنياهو على أن يقدم العلاج للأردن لتقديمة لمشعل، وتم إنقاذ حياة مشعل، وإطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين من الأسر، بالإضافة إلى خمسين أسيراً، وقطع الأردن علاقاته مع نتنياهو سنوات طويلة، ومنعه من دخول المملكة الأردنية.

ومؤخراً عادت الأمور كما حدث في السابق، عندما أقدم حارس السفارة الإسرائيلية في عمان على قتل اثنين من الأردنيين في السفارة واعتقله الأردن، وكان يريد تقديمه للمحاكمة والإعلام حسب القانون الأردني إلا أن نتنياهو رضخ للمطالب الأردنية التي كانت تتلخص في رفع البوابات الإلكترونية عن المسجد الأقصى، وفوراً أُبرمت الصفقة أن يطلق الأردن سراح حارس السفارة الإسرائيلية، وأن يعيده لبلاده، مقابل رفع البوابات الإلكترونية عن الأقصى فوراً، وكان هذا انتصار كبير للأقصى حققه الأردن.

ولا نستطيع إلا أن نقول للأردن شكراً.

التعليقات