محددات المرحلة القادمة

محددات المرحلة القادمة
نبض الحياة 

محددات المرحلة القادمة 

عمر حلمي الغول 

حملت كلمة الرئيس ابو مازن في اعقاب الإجتماع القيادي الموسع أمس الجمعة محددات السياسة الفلسطينية الراهنة والمقبلة ردا على الإنتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لمصالح الشعب العربي الفلسطيني ولعملية السلام على حد سواء. ولعل التدقيق في النقاط السبع، التي تضمنتها الكلمة الهامة جدا، وليس الست، كما اشار رئيس منظمة التحرير، لاسيما وانه ارفق نقطة الحماية الدولية بنقطة الإتصالات العربية والدولية، وهي نقطة منفصلة تماما عما سبقها، وتحتل اولوية في الأجندة السياسية الفلسطينية، يتيح للمراقب إستخلاص التالي:  اولا كان الإجتماع القيادي الموسع بحد ذاته، والدعوة له في أعقاب قطع الزيارة الرسمية للصين مباشرة، يعكس المسؤولية الفلسطينية تجاه التطورات، ووقوف القيادة على نبض الشارع الفلسطيني؛ ثانيا ما تضمنته الكلمة من نقاط محددة بعيدة عن الإنشاء، قطع الطريق على كل المتربصين بالموقف الفلسطيني الرسمي، وأوقع قوى الردة المتناقضة مع المشروع الوطني في شر رهاناتها السطحية والغبية؛ ثالثا أعادت الكلمة جسور الثقة بين الشعب والقيادة، لإن القوى الحية في الشعب، شعرت بمصداقية التوجهات السياسية، وجميعها تستجيب للمصلحة الوطنية العليا؛ رابعا لا يقول المرء، ان المحددات فاجأت القيادة الإسرائيلية المتطرفة، ولكنها لم تتوقعها، فجاءت لتضيف لإزمتها أزمة جديدة، لاسيما وان قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والمنابر الإعلامية وخاصة صحيفة "هآرتس" أكدت من خلال قراءتها لمجريات الأحداث في القدس العاصمة المحتلة، ان السيادة على الأرض، هي للشعب العربي الفلسطيني، وليس لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وهذه اربكت حكومة نتنياهو، فجاءت الكلمة لتعمق من أزمتها، فضلا عن الأزمات الداخلية، التي تطال رئيس الحكومة؛ خامسا كما ان الكلمة ومحدداتها القت الكرة في ملعب الحكام العرب والمسلمين وقادة العالم، لعلهم يستيقظوا قبل فوات الأوان. 

اما على صعيد ما حملته الكلمة من مرتكزات، فإنها أكدت مجددا على الآتي: اولا ان القدس، هي عاصمة فلسطين الأبدية. وانه لا سلام دون الإنسحاب الإسرائيلي الكامل منها، وان كل ما في القدس العاصمة، هو للشعب العربي الفلسطيني. وبالتالي سلطت الكلمة الضوء على الأهمية الإستراتيجية للقدس في السياسة الفلسطينية، وكرست حقيقة هامة جدا، وهي، ان القدس تعتبر محور الرحى في السياسة الوطنية. وهو ما يعني، ان المقدسات الإسلامية والمسيحية خط احمر، ولا يمكن القبول بأي تغييرات على علاقة المواطنيين الفلسطينيين من اتباع الديانتين الإسلامية او المسيحية في ممارسة المؤمنين لعباداتهم او الدخول والخروج من الأماكن المقدسة. وهو تأكيد على رفض كل الإجراءات والإنتهاكات الإسرائيلية؛ ثانيا وقف كل اشكال التنسيق مع دولة إسرائيل الإستعمارية ما لم تتراجع عن سياسات العقاب الجماعي وتغييراتها في طبيعة المكان أمام المسجد الأقصى خصوصا والقدس عموما وتحديدا البوابات الأليكترونية؛ ثالثا الدعوة  لعقد دورة سريعة للمجلس المركزي لوضع الخطط والسياسات الوطنية لمواجهة التحديات الإسرائيلية، وضخ الحياة في مؤسسات منظمة التحرير الفلسطيية المركزية؛ رابعا دعوة اللجنة التحضيرية للاعداد لعقد دورة سريعة للمجلس الوطني. وهذه الخطوة باتت أكثر من ملحة، لتجديد الشرعيات والبرامج واليات عمل المنظمة. وهي تعكس المسؤولية تجاه مطالبات الغالبية العظمى من قطاعات الشعب ونخبه السياسية بضرورة عقد المجلس الوطني، لما له من اهمية إستثنائية في هذه المرحلة، التي يعيشها الشعب والقضية والمنظمة على حد سواء؛ خامسا توجيه النداء لحركة حماس بتجاوز الخلافات والعودة لجادة الشرعية الوطنية، على ان تحل لجنتها الإدارية وتتيح المجال امام حكومة الوفاق الوطني لممارسة مهامها على الأرض. لكن حركة حماس ردت على الدعوة الوطنية الصادقة بالرفض والتحريض على شخص الرئيس ابو مازن، وهو ما يعكس نواياها المبيتة لرفض المصالحة، وإدارة الظهر لنداء الرئيس والقيادة، الذي وجهه لها. ومع ذلك كان لهذه النقطة اهمية خاصة في فضح وتعرية حماس، وفي إسقاط القناع عن وجهها البشع، ورهانها على خيارات معاداة المصالح الوطنية الفلسطينية؛ سادسا مسألة الحماية الدولية، تعتبر حاجة ماسة، يفترض ان تتمسك بها القيادة السياسية، وتعود لطرحها، وتسعى عبر التنسيق مع القيادات العربية والإسلامية والأممية لفرضها على دولة الإحتلال والعدوان الإسرائيلية، لانها امست حاجة ضرورية جدا لتكريس السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ووقف جرائم وإنتهاكات إسرائيل  المنفلتة من عقالها؛ سابعا موضوع الإتصالات مع قادة  الدول العربية والإسلامية والمنظمات الإقليمية والأممية ذات الصلة بالصراع لحثهم للقيام بمسؤولياتهم، والإرتقاء لمستوى المسؤولية القومية والأممية في معالجة جذور الصراع لا تداعياته. 

جملة النقاط الأساسية، التي حملتها كلمة الرئيس عباس، تعكس الإدراك العميق لمخاطر المرحلة المعاشة، والتغول الإسرائيلي، الرافض لخيار السلام، والماضي قدما في خيار الإستيطان الإستعماري. لكن قيمة ما حملتة الكلمة، هو في الترجمة العملية، وإستنهاض الحالة الوطنية برمتها، وإستعادة زمام المبادرة، وقطع الطريق على غلاة التآمر على القيادة والقضية والشعب ومصالحه العليا.

[email protected]

[email protected]

التعليقات