القدس تقرر مصير المعركة

القدس تقرر مصير المعركة
نبض الحياة 

القدس تقرر مصير المعركة

عمر حلمي الغول 

اليوم في جمعة الغضب شهدت مدينة القدس العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني حراكا شعبيا متميزا، حيث خرج كل من إستطاع من ابناء الشعب الوصول إلى امام البوابات الأليكترونية عند بوابة الأسباط وغيرها من البوابات الخاصة بالمسجد الأقصى، ومن لم يستطع شارك في المسيرات والمواجهات في احياء ومحيط المدينة وفي المدن والشتات الفلسطيني . كما ان الدعوة، التي اطلقتها القيادة  الفلسطينية للرد على إنتهاكات حكومة نتنياهو، حققت مردودا إيجابيا على الصعيدين الشعبي والرسمي في مختلف بقاع العالم وخاصة في الدول العربية والإسلامية. 

اليوم سقط في المواجهات المتصاعدة مع قوات جيش الموت الإسرائيلي واجهزة الأمن الأخرى حتى لحظة الكتابة ثلاثة شهداء وحوالي 400 إصابة في اوساط المحتجين الفلسطينيين من النساء والأطفال والشباب والشيوخ، وهو إيذان بتحدي إرادة حكومة الإئتلاف اليميني الحاكم، التي ترفض حتى الآن الإستجابة لنداء المواثيق والأعراف والقوانين الدولية ولنظام "الإستاتيسكو"، الذي كان قائما منذ العام 1967. وهذا التحدي لن يتوقف عند حدود جمعة الغضب الحالية، بل سيمتد إلى بقاع الأرض الفلسطينية، وسيكون لها تداعيات على المشهد العربي والإسلامي والدولي، رغم كل عوامل الوهن والتراجع. 

ولعل دعوة الأخ الرئيس ابو مازن القيادة الفلسطينية لإجتماع طارىء مساء اليوم، يحمل في طياته أحد الردود على الجريمة الإسرائيلية، ومن المحتمل ان يخرج عن الإجتماع مجموعة قرارات غير مسبوقة، وهو ما ينذر بخلط للاوراق، وإعادة نظر فلسطينية باليات التعامل مع حكومة اليمين المتطرف. وايضا على الصعيد الشعبي هناك حراك متقدم في كل قطاعات الشعب، وفي حال لم تتراجع حكومة نتيناهو فمن الممكن ان تفتح الأفق نحو مالآت جديدة ونوعية، لم تشهدها الساحة منذ سنوات. 

كما أن جمعة الغضب في القدس وكل فلسطين التاريخية وفي دول العالم المختلفة، أكدت على ثوابت اساسية منها: أعادت الإعتبار لمدينة القدس ومكنتها السياسية والدينية والثقافية؛ وأكدت بما لا يدع مجالا للشك، انها نقطة الإرتكاز الأساسية في الصراع، ولا يمكن القفز عنها او تجاوز مكانتها، باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ وردت هبة الغضب الجارية بقوة على مشاريع إسرائيل التصفوية للقضية الفلسطينية، ولخيار الضم للمدينة المقدسة؛ وأكدت للقاصي والداني في العالم ان القدس كانت وستبقى محور الرحى في النضال الوطني الفلسطيني، وبوصلة السلام الممكن والمقبول فلسطينيا؛ وقررت القدس ان معركة السلام تبدأ منها ولا تنتهي فيها، بل تشمل كل الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ارض الدولة الفلسطينية المستقلة؛ وكرست الإحتجاجات فشل وبؤس كل الإجراءات الإسرائيلية الإستيطانية الإستعمارية، وعرت فقر حال الرواية الإسرائيلية المزورة والكاذبة والساقطة والمرفوضة كليا. 

غير ان جمعة الغضب المتدحرجة نحو افاق نوعية جديدة في حقل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تستدعي من الأشقاء العرب ودول العالم العمل على الآتي: اولا الدعم السياسي والديبلوماسي في المنابر الأممية غير المحدود لنضال الشعب الفلسطيني ودون تردد؛ ثانيا الضغط على إسرائيل بكل الوسائل بما في ذلك التلويح بقطع العلاقات السياسية والديبلوماسية معها، إن لم تعيد الأمور لما كانت عليه قبل ثمانية ايام خلت؛ ثالثا فتح الباب واسعا امام الحراك والتظاهرات والإعتصامات للجماهير الشعبية العربية والإسلامية للتشهير بإسرائيل وحكامها ومن يتواطىء معها؛ رابعا وعلى ادول الإسلامية جميعها ومنظمة التعاون الإسلامي إتخاذ ما يلزم من الإجراءات للضغط على إسرائيل وخاصة في مجال المقاطعة للبضائع والسلع والشركات الإسرائيلية؛ خامسا وعلى الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وروسيا الإتحادية والصين والهند والأرجنتين واستراليا والبرازيل وكندا وجنوب افريقيا ونيجيريا .. إلخ الضغط على حكومة نتنياهو لوقف جريمتها المتواصلة ضد المسجد الأقصى والجماهير الفلسطينية ومصالحها العليا؛ سادسا على الجميع الإنتباه لما ترمي إليه إسرائيل من دفع المنطقة لحرب دينية، فهذه الحرب ستكون وبالا على شعوب المنطقة والعالم برمته،ولن تكون في صالح أحد نهائيا. 

جمعة الغضب الفلسطينية، كانت جمعة صعود لروح المقاومة الشعبية، ولرفع سقف المواجهة مع الإستعمار الإسرائيلي. وأكدت بما لا يدع مجالا للشك، ان الشعب الفلسطيني مازال يملك مخزونا وطنيا هائلا، ولديه الجاهزية للذهاب إلى ابعد مما ذهب اليه اليوم الجمعة. فهل يدرك قادة العالم والأشقاء العرب وقبلهم قادة إسرائيل المالآت، المتجهة اليها المنطقة في حال لم تتوقف إسرائيل عن جرائمها وانتهاكاتها الخطيرة للمسجد الأقصى وللقدس العاصمة ولمصالح الفلسطينيين الخاصة والعامة؟

            [email protected]

[email protected]

التعليقات