"برنامج تخطي"يقي الأبناء الأيتام من الآثار السلبية لصدمة فقد الأب

"برنامج تخطي"يقي الأبناء الأيتام من الآثار السلبية لصدمة فقد الأب
رام الله - دنيا الوطن
تولي مؤسسة الشارقة للتمكين الاجتماعي اهتماماً كبيراً بصحة ووقاية الأبناء الأيتام من التأثيرات النفسية والاجتماعية لفقدان الأب، لذا طرحت المؤسسة برنامج «تخطي» الذي يستخدم الأساليب التربوية والعلاجية في التعامل مع الأيتام لتخطي آثار صدمة الوفاة، والعمل على إزالتها من طريقهم، وفق خطة تهدف إلى رفع الثقة بالنفس، وتساعد على بناء الشخصية المرنة القابلة لاحتواء المواقف الجديدة وإدارة الأزمات، للخروج بأقل الخسائر الممكنة على نفسية اليتيم.

ويضم البرنامج نموذجين لفئتين مختلفتين من الأبناء الأيتام، تشمل الفئة الأولى من سن (6الى 11) سنة، والفئة الثانية من عمر (12 الى 18) سنة، حيث يبدأ العمل في البرنامج انطلاقاً من التواصل مع الأم ثم مع الطفل للتعرف على المشكلة ومن ثم تحديد الأساليب الإجرائية وفقا لطبيعة الأبناء ومراحلهم العمرية.

تخطي تساعد اليتيم للتوافق مع حياته الجديدة
وصرحت الأستاذة مريم مال الله رئيس قسم الخدمة النفسية:" تشكل صدمة الوفاة مشكلة كبيرة تعترض طريق الأيتام وتترك آثارها على مستقبلهم، ولذلك تتعامل المؤسسة مع المواقف المختلفة بجدية، وتقوم باستخدام أساليب علاج متخصصة بهدف مساعدة اليتيم على التنفيس الانفعالي بشكل تدريجي لتخطي صدمة الوفاة، وبناء أساس نفسي قوي يساعدهم في مواجهة الحياة بعد وفاة الأب.

وتابعت أنه من منطلق حرص المؤسسة على صحة الابن اليتيم النفسية والاهتمام بها تم استحداث العديد من البرامج على مدار العام لتمكن الأبناء من الناحية النفسية، ويأتي برنامج تخطي الذي تم اعتماده بعناية ليصبح منهج عمل متكامل لتخطي مرحلة صدمة الفقد والتوافق مع الحياة الجديدة والاقبال عليها بثقة أكبر للوصول إلى صحة نفسية سليمة لأبنائنا الأيتام، كما وتدًعم المؤسسة البرامج بالمتابعات المستمرة لأبنائها الأيتام لدراسة تطور الحالة النفسية لكل ابن ".

أساليب متنوعة للتعامل الأمثل مع الفقد
تعد برامج ورش تخطي التي تقدمها المؤسسة لمنتسبيها ، بيئة خصبة تساعد الابن اليتيم على تفريغ مشاعره بطريقة إيجابية وصحيحة ، من خلال استخدام العديد من الاستراتيجيات الداعمة لتشعرهم بالدعم والمساندة وتدريبهم على تطوير الذات والتوافق مع متطلبات الحياة الجديدة بعد غياب الأب ،بهدف التقرب من الأبناء وإشعارهم بالطمأنينة وكسب ودهم، من خلال التعرف إلى الجوانب الخفية لديهم وملاحظة سلوكياتهم، كما تسعى إلى تنمية الجوانب الإيجابية لديهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، وتفريغ طاقاتهم في البرامج المفيدة، وتوجيههم نحو الصواب بأنسب الطرق،مما تتيح التواصل مع شخصية الأبناء بطريقة مبتكرة.

كما تستخدم خلالها العديد من الأساليب الإجرائية كالأسلوب القصصي باختيارها القصص الهادفة التي تساعدهم على تخطي حزنهم واستبداله بفنيات التكيف الأمثل مع الواقع.

وتشمل الورش أيضا أسلوب تعديل المفاهيم من خلال جلسات التطمين التدريجي والإرشاد الفردي والجمعي، بالإضافة إلى تمارين تطوير الذات، وأسلوب النمذجة السلوكية، وتمارين الاسترخاء كاليوغا، في محاولة للوصول إلى المشاعر الداخلية في أعماق الابن اليتيم والوصول به إلى حالة الصفاء الذهني وبالتالي التخلص من الضغوط العصبية والنفسية مما ينعكس على تحسن أسلوب معيشته اليومية، إضافة إلى زيادة نشاطه البدني وغيرها من الأساليب المتنوعة التي تخدم الأبناء.

برنامج عزوتنا 
يعد برنامج " عزوتنا "  أحد الأساليب المستخدمة ببرامج تخطي حيث يضرب  أروع معاني التواصل الإنساني باليتيم، والاقتراب منه، وخاصة مع أولئك الأيتام الذين لديهم إحساس عميق بوجود فراغ لمكان الأب في حياته، فتقوم المؤسسة بالتعاون مع جنود تطوعيين ممن يتمتعون بالحس الأبوي ولديهم فائض من العاطفة الأبوية بما يمكنهم من القيام بدور الأب  ، حيث يهدف إلى ملأ الفراغ أو الخواء النفسي الداخلي للابن واكسابه العديد من القيم الذكورية التي يحتاجها الابن فاقد الاب والتي كان يكتسبها من الأب سابقا ، فيثير لديهم الإحساس بوجود سند لديهم قريب منهم في الحياة يقاسمهم مشاكلهم وفرحتهم.

ويقوم المتطوع بالعديد من المهام نحوهم كاصطحابهم لصلاة الجمعة إلى المسجد وسماع الخطبة والتحاور معهم حول بعض المشكلات السلوكية حيث تقوم المؤسسة باختيار المتطوع الثقة في المجتمع ليساهم في البرنامج.

هبة برا بأبيك.. مشروع من الأيتام لآبائهم المتوفين

كان إطلاق مشروع الصدقة الجارية «هبة .. براً بأبيك» المتمثل في بناء مسجد وسقيا ماء عن آباء الأيتام الذي انطلق من البرنامج النفسي "تخطي" واحد من أهم المشاريع التي لاتزال قائمة، حيث تم استحداثه لوقاية الابن اليتيم من الآثار الناجمة عن فقدان الأب، وتعزيز قيمة بر الوالد بعد وفاته في نفوس الأيتام والمجتمع بشكل عام، فولدت فكرت هذا المشروع لتأصيل مبدأ التعايش مع الفقد، وبناء علاقة إيجابية من خلال مشاريع الصدقة الجارية، وغرس فكرة التواصل مع الأب من خلال أعمال البر له عقب وفاته.

حيث تسهم الصدقة الجارية في ارتفاع نسبة شعور اليتيم بالارتياح النفسي تجاه ذاته، والتي تعد بمثابة نوع من التواصل والبر مع والده المتوفي وتعبير عن مدى حبه وحنينه وشوقه له، مما تمنحه الفرصة لتحقيق الامان العاطفي والإشباع النفسي للوصول بعقل الابن اليتيم إلى تقبل فكرة موت والتعايش الإيجابي معها.
مرسال لتعزيز تواصل اليتيم مع محيطه
يسمح البرنامج للأيتام بالتعبير عن مشاعرهم من خلال تشجيعهم على توجيه رسالة لشخص ما تحقيقاً لمزيد من الترابط بين الابن والمقربين منه، بالإضافة لتنمية الحس الوجداني لدى المحيطين بطبيعة احتياجات اليتيم النفسية.

 رحلة نحو النجاح

" رحلة نحو النجاح " برنامج يسعى إلى تطوير مهارات الأبناء الشخصية تم عرضها على عدة جلسات مختلفة، احتوت على جانب نظري وآخر تطبيقي، يتعلّم الأيتام منها مهارات عدة كالقيادة والتعاون ضمن فريق والتغلب على الضغوطات وغيرها من المهارات التي تزيد من تكيف اليتيم وتبني قدرات وتقوي ثقته بنفسه.

ولعل من أبرز الاهداف التي وضعتها المؤسسة لتنظيم هذا البرنامج، هو تحسين وتقوية ثقة الأبناء بالنفس وإكسابهم مرونة التكيف، بالإضافة إلى تعليمهم استراتيجيات جديدة لإجراء تغييرات، وتحقيق النتائج التي يريدونها، وتزويدهم بالأدوات المناسبة للانتقال بطريقة ذكية ايجابية وبنجاح إلى مرحلة البلوغ.

العلاج بالرسم
تنفذ المؤسسة ورشاً للعلاج بالرسم باعتباره وسيلة للعلاج، يمارس الأبناء خلالها الرسم الحر والموجه لتفريغ طاقاتهم ومواهبهم، حيث تركز ورش العلاج بالرسم على اكتشاف المواهب وصقلها، وتنمية قدرات الأبناء والتعرف إلى هواياتهم.

حيث تعد ورش الرسم وسيلة جيدة لكل يتيم كي يخرج ما بداخله من توترات وقلق عبر إفراغها على الورق في صورة معبرة عما يجول في نفسه من مشاعر وأفكار، ويؤدي به للاسترخاء ليصبح أكثر هدوءاً واستقراراً ، حيث يوضح الحالة العاطفية التي تعتريه كالحزن أو المرح أو الاكتئاب أو الانعزال أو غيرها، لذا يعد الرسم أسلوباً ناجحاً في التخلص من المخاوف ونوعاً من أنواع الإبداع ،وبالتالي يساعد الفريق المختص في تحديد وتنفيذ العلاج اللازم، لما له من تأثير فاعل في علاج مختلف المشكلات، والكشف عن أنماط الشخصية لوضع الخطط العلاجية المتناسبة معها.

التخلص من المشاعر السلبية باللعب
أما فيما يتعلق بأسلوب العلاج باللعب فإن المؤسسة تركز على اللعب لتفريغ الشحنات السلبية عند الأبناء باعتباره نوعاً من العلاجات النفسية الناجحة، باستخدام أدوات اللعب التي تساعد في التعرف على الحالة النفسية لليتيم ومدى تفاعله مع محيطه، فهو وسيلة تعبيرية تساعد الطفل في إبداء انفعالاته، وإخراج معظم المشاعر التي تعتريه، كما يساعد اللعب العلاجي في تقليل الإحباطات التي تنتاب الطفل، نتيجة عدم تحقق الإشباعات اليومية التي يحتاجها في المواقف المختلفة.