فتاة غزية تفوز بمسابقة "لحظات"العالمية وتسطّر أروع معاني الإبداع والتميّز

فتاة غزية تفوز بمسابقة "لحظات"العالمية وتسطّر أروع معاني الإبداع والتميّز
صورة تعبيرية
خاص دنيا الوطن- أحلام عفانة 
من قلب الألم يولد الأمل، فها هي مدينة غزة التي تعصف بها الآلام من شتى مناحي الحياة المختلفة، رفضت الاستسلام وظلت صامدة تكافح جميع العقبات التي تواجهها، ما جعل منها رمزاً للقوة وباعثاً للأمل في نفوس أبنائها، حتّى خرّجت مواهب شابة حاولت إدخال الفرحة في قلوب الغزيين بنجاحهم ووصولهم إلى العالمية. 

ولا يصل الإنسان إلى قمة النجاح دون مواجهة الصعاب والمرور بمحطات التعب، فكثيرة هي الآلام التي يعيشها الغزيون، بسبب الحصار والحروب وتفاقم ‏الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ما أدى إلى التأثير على بعض مواهب الإبداع ودفنها بسبب الإهمال أو قلة الإمكانيات أو عدم وجود العزيمة والإرادة الكافية لتحدي الصعاب.

في حين استطاع البعض الآخر من الطاقات الشابة، الذين تطلّعوا إلى القمة وآمنوا بموهبتهم، التحلي بالأمل لتذليل الصعاب التي تواجههم من أجل تحقيق التميز المرجو، الذي بدوره يجعل من غزة منارة للعلم والإبداع.

كأمثال الفتاة الغزية فاطمة الزهراء شبير البالغة من العمر (19 عاماً)، التي فازت بمسابقة "لحظات" للتصوير الفوتوغرافي عن فئة "التصوير الوثائقي"، والتي نظمتها قناة "ناشيونال جيوغرافيك" للسنة السابعة، بدعم شركة المراعي لمنتجات الألبان في دول مجلس التعاون الخليجي للمرة الرابعة على التوالي.

وأوضحت "شبير" لمراسلة "دنيا الوطن"، أن هذه المسابقة يتم الإعلان عنها كل عام تحت عنوان معين، وحملت هذا العام عنوان "لحظات فرح"، وتشكلت من ثلاث فئات: فئة الصورة الواحدة، وفئة التصوير الوثائقي، وفئة الشباب، لافتة إلى أن عدد المشاركين وصل إلى أكثر من 19 ألف مصور.

مفاجآت جديدة

عقب النجاح الكبير الذي حققته النسخات السابقة لمسابقة قناة (ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي)، قدمت في نسختها لهذا العام مفاجآت جديدة لعشاق التصوير الفوتوغرافي، والتي تُقدّم لأول مرة، حيث شملت افتتاح فئة "الناشئين" الجديدة كلياً للمشاركين بعمر 17 سنة وأقل.

إلى جانب استحداث فئة "الصورة الوثائقية" لرُواة القصص الذين يعرضون لحظات "الاحتفال" في صورتين إلى "6" صور، و"600" كلمة كحد أقصى، و"جائزة اختيار الجمهور"، حيث سيختار الأشخاص عبر الشرق الأوسط إحدى المشاركات من قائمة المؤهلين في موقع المسابقة ويصوتون لها.

وتشتمل الجائزتان المقدمتان إلى الفائزين في هذه السنة عن الصورة المفردة و"الصورة الوثائقية" على رحلة تصوير استكشافية لناشيونال جيوغرافيك إلى كوبا لمدة "11" يوماً مدفوعة التكاليف بالكامل، بالإضافة إلى سلّة من جوائز التصوير الفوتوغرافي بقيمة "7500" دولار أميركي من شريك قناة ناشيونال جيوغرافيك في التصوير الفوتوغرافي "نيكون"، والسفر إلى حفل توزيع الجوائز.

أما جائزة الناشئين الكبرى و"جائزة اختيار الجمهور" تتألفان من شهادة، إضافة إلى سلة من جوائز التصوير الفوتوغرافي بقيمة "2000" دولار أميركي من نيكون أيضاً، وسلة جوائز بقيمة "500" دولار أميركي من ناشونال جيوغرافيك، على التوالي.

"لحظات فرح"

تعتبر هواية التصوير الفوتوغرافي من الهوايات التي انتشرت بين الشباب العربي بشكل كبير، وأصبح لها هواتها ومتابعيها، حيث تقام لها مسابقات بين الحين والآخر في الوطن العربي، التي يكتسب من خلالها المصور الفوتوغرافي خبرات تصقل مهاراته وتجعله يرتقي في سلم الاحتراف.

فكانت فكرة المسابقة لهذه السنة، عبارة عن التقاط صورة وحيدة من كافة نواحي الحياة، تعتمد على موضوع فكرة معين ولحظة مناسبة سواء من المناسبات الشخصية أو الاحتفالات العامة والشعبية، تجذب انتباه المتابعين وتدعوهم للتفاؤل والسعادة.

فالهدف من الفكرة دعم المواهب العربية الشابة في مجال التصوير، وحثهم على الإبداع، وذلك من خلال استحضار قوة المخيلة لجعل قصص شخصية وإبداعية تنبض بالحياة.

يشار إلى أن التصوير الفوتوغرافي هو عملية إنتاج صور بوساطة تأثيرات ضوئية؛ فالأشعة المنعكسة من المنظر تكوِّن خيالاً داخل مادة حسّاسة للضوء، ثم تُعالَج هذه المادة بعد ذلك، فينتج عنها صورة تمثل المنظر.

نجاح محقّق

سلسلة مكونة من "6" صور لعروس قبل يوم زفافها، والتي تعرف بـ "ليلة الحناء"، هي فكرة "شبير"، والتي من خلالها أظهرت لحظات الفرح والاحتفال، كما ألقت الضوء على معاني وأصالة الأعراس الفلسطينية وتقاليدها.

يشار إلى أن "ليلة الحناء" من العادات الفلسطينية القديمة، حيث يجتمع في هذه الليلة صديقات وأقرباء العروس احتفالاً بها وتوديعها كونها الليلة الأخيرة لها في بيت أهلها، ويرددن خلالها أغنيات شعبية؛ ويلتزمن بارتداء الثوب الفلسطيني المطرز.

فجميعها لحظات مميزة تعطي لحياتنا معنى وقيمة، وتساعدنا على خلق ذكريات نسترجعها في السنين القادمة.

مواهب ملموسة

وقالت شبير لمراسلة "دنيا الوطن": "اكتشفت موهبتي من قرابة أربع سنوات، وبدأ ذلك بمشاهدتي للأفلام الوثائقية بشكل كبير، حيث كانت تدهشني الصور وطريقة تصويرها والتدقيق بالتفاصيل، إلى أن تحولت المشاهدة إلى شغف ورغبة شديدة في التطبيق".

وأوضحت أن كل صورة أساسها فكرة ورسالة، يحاول المصور إيصالها للمشاهد، من خلال تجسيدها في موضوع معين.

ومن الجدير ذكره، أن هذه المسابقة نجحت في استكشاف مواهب عربية يترقبون الفرصة للتعبير عن ذاتهم وقدراتهم النابضة بالحياة، ومواهب استثنائية تتمتع بالقدرة على التألق في هذا المجال الفني.

فرحة كبيرة

وبيّنت شبير أنها لم تشارك سوى بالقليل من المسابقات منها محلية وأخرى دولية، مضيفةً: "شاركت بمسابقة نظمها موقع إسلام ويب في قطر وكنت من الفائزين، بالإضافة إلى مسابقة ناشيونال جيوغرافيك التي كانت بمثابة حلم وتحقق".

وأعربت عن أن الشعور بالفوز والنجاح لا يُعبّر عنه بالكلمات، قائلةً: "كنت أنتظر هذه اللحظة منذ سنوات، وعندما أخبرني مسؤول المسابقة بالفوز لم أصدق إلى أن كرّره لي عدة مرات".

في حين أشارت إلى تخوفها من فرصة الفوز، وذلك بسبب كثرة عدد المشاركين، وقوة التنافس فيما بينهم.

آمال معلّقة

وأبدت شبير شغفها وحبها الكبير لهذا الفن، والتي تطمح من خلاله الوصول إلى العالمية بتطوير ذاتها في مجال التصوير عبر الاجتهاد والممارسة والتغذية البصرية.

ونوّهت إلى أنها حاولت تجاوز الصعوبات في قلة الإمكانيات المتاحة بدعم من والدتها، التي وفرت لها معدات التصوير اللازمة لتنطلق في سبيل تحقيق حلمها.

وتمنّت شبير تحسّن الأوضاع في قطاع غزة وتسهيل السفر للخارج، من أجل إيصال رسالتها إلى العالم أجمع، وتوثيق ثقافات المدن والسير نحو العالمية.

يشار إلى أن هواة التصوير الفوتوغرافي يعانون من نقص الحاضنات التي توجّههم وترشدهم خاصة في قطاع غزة، من أجل اكتساب مهارات وخبرات تمكّنهم من أداء رسالة هذا الفن بشكل مميز، وإيصال أصواتهم إلى كافة شرائح المجتمع.

تذليل الصعاب

وأكدت شبير على أن الظروف الصعبة لا يمكن أن تكون عائقاً أمام طموح وأحلام الشباب، كل ما يحتاجه فقط قوة الإرادة في تحدي الواقع لتحقيق النجاح.

فالألم مصدر الإلهام، وهو الدافع الحقيقي للإبداع، نظراً لشعور الشخص الموهوب بنوع من النقص، فيحاول قهر الألم بالتفكير العميق وتوظيف قدراته الخاصة بطريقة فنية تستوعب مقدار الحزن وتجسد المعاناة، ليُسطّر أروع الإبداعات التي تحارب الاضطهاد وتتشبث بالحياة.

التعليقات