من أسرار العلاقات الفرنسية الفلسطينية

من أسرار العلاقات الفرنسية الفلسطينية
بقلم: عبد الله عيسى
رئيس التحرير

غضب الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول غضباً شديداً بسبب هزيمة العرب في حرب الـ 67، حتى إن محمد حسنين هيكل، يروي في مذكراته أنه توجه إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي ديغول بعد حرب الـ 67 فاستقبله الرئيس الفرنسي استقبالاً فاتراً، لدرجة أن الرئيس الفرنسي أدار ظهره لهيكل خلال الاجتماع، فتكلم هيكل بضع دقائق، فـأنهى ديغول الاجتماع وأصدر قراراً بمنع فرنسا من تزويد إسرائيل بأي نوع من السلاح، وكانت فرنسا قد تعاقدت مع إسرائيل على شراء الأخيرة طائرات (ميراج) الفرنسية، فرفضت فرنسا تسليمها الطائرات.

فقامت إسرائيل بسرقة مخططات الطائرات من مكب النفايات بسويسرا، حيث قام الموساد الإسرائيلي بتجنيد عامل نظافة بالمكب، وحصلوا على كراتين من مخططات تصنيع طائرات (ميراج).

وتم نقل المخططات إلى مصانع الطائرات الحربية الإسرائيلية، وقامت إسرائيل بتصنيع طائرة شبيهة لـ (ميراج) أطلقت عليها اسم (كفير) الإسرائيلية، وهي نسخة طبق الأصل عن الطائرة الفرنسية.

وبعد تصنيع الطائرة، أقامت إسرائيل عرضاً عسكرياً، ودعت إليه صحافة أجنبية وملحقين عسكريين من السفارات الأجنبية، وعندما شاهدوا طائرة (كفير) تحلق في الجو، قالوا كلمة واحدة: "أخت الميراج".

وبقي رؤساء فرنسا على عهدهم للرئيس شارل ديغول، مثل ميتيران وجاك شيراك، حتى جاءت زيارة جاك شيراك لغزة والضفة الغربية في عهد الرئيس الراحل أبو عمار، وألقى الرئيس كلمة في مركز رشاد الشوا في غزة، فقال أبو عمار مخاطباً جاك شيراك: "الدكتور جاك شيراك"، وكررها كثيراً.

 وكان شيراك، قد قال للرئيس أبو عمار في أحد لقاءاته: "إذا واجهت أي صعوبة مع إسرائيل عليك أن تلجأ لي كما يلجأ المريض للدكتور"، وبعد أن خرج شيراك إلى القدس تجمع المقدسيون لتحيته، وحاولوا الدخول لمقر القنصلية الفرنسية في القدس فقام حارس إسرائيلي من الأمن الإسرائيلي بطرد الفلسطينيين، فصرخ جاك شيراك بوجهه: "أنت هنا على أرض فرنسية، وأنا من يقرر من يدخل القنصلية أم لا، وأنا أريد أن يدخل هؤلاء الفلسطينيون".

وبعد سفر شيراك إلى باريس توجه نتنياهو للقائه، فجلس واستمع لنتنياهو في قصر الإليزيه 10 دقائق فقط ثم قام بطرده، وكان نتنياهو قد تحدث له عن أمن إسرائيل وضرورة الحفاظ عليه، فقام شيراك منهياً الاجتماع وقال له: "يبدو أنك لن تتغير أبداً وهذه الاسطوانة المشروخة عن أمن إسرائيل سمعتها كثيراً"، وأنهى الاجتماع.

وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى، توجه باراك عندما كان وزيراً للدفاع إلى فرنسا، وطلب جاك شيراك من مراسم قصر الإليزيه بعدم تقديم حتى كوب ماء لباراك، وقدم له أوراقاًَ وقلم رصاص في إهانة بالغة له بأن كلامه يُمحى.

وعاد باراك لإسرائيل غاضباً، وتحدث للصحافة عن الإهانة التي لقيها من شيراك، وخلال انتفاضة الأقصى قام مصور فرنسي بالتقاط صور قتل الطفل الشهيد محمد الدرة.

وعندما شاهد شيراك هذه الصور، طلب توزيعها مع الفيديو مجاناً لكافة محاطات التلفزيون ووسائل الإعلام في العالم كله، مما جعل الصحفي الإسرائيلي روني شاكيد يقول: "لا أعرف من قتل محمد الدرة، ولكن الذي أعرفه أن محمد الدرة قتل إسرائيل في العالم كله إعلامياً".

كم تمنيت، أن تصبح بعض الدول العربية مثل فرنسا بقيادة جاك شيراك.

التعليقات