خرابيش غزة(25 )

خرابيش غزة(25 )
خرابيش غزة(25 )

نبيل البطراوي

غزة ليست ككل بقاع الأرض ولا بقاع الإسلام لأنه هنا غزة ..غزة هاشم ،غزة العزة والانتصارات غزة التحدي والكبرياء .

هنا غزة ..غزة التي انفصلت عن حالها منذ سنوات كما انفصلت عن محيطها الفلسطيني والعربي والإسلامي وهي تصارع ذاتها وأهلها من أجل ان تثبت أن الخطيئة التي مورست فيها كانت من أجل غد مشرق ودون أن يعي ربان السفينة الذي يخرج أهلها من الخازوق الأصغر إلى الخازوق الأكبر وحالة الانهيار تتجلى في سلوكيات أهلها ،وتراه مرسوم على جبينهم كخارطة طريق الى البؤس بشكل لم يعد يخفى  على عدو او صديق .

ولن يجدي نفعا في عالم السياسة حينما يستخدمها الضعفاء أو المسيرون بكل تأكيد غزة جريحة منذ سنوات تحاول بين الحين والآخر إظهار الابتسامة لعل هذه الابتسامة تصبح حالة مستديمة لكن دون جدوى ، كانت في كثير من الأحيان تحاول أن تخرج من نكباتها آلامها وحزنها وهي تلملم الجراح ولا تنظر الماضي وعيونها تبحث عن الأمل بين ثنايا الألم .

لكن غزة التي أخذت اسمها من مجموع الغزوات التي تعرضت لها لن تقبل أن تكون بائعة هوى لكل من أعتقد أنه قادر على دفع النقطة وإن صمتت حينا من الوقت على مداعبة فلان أو ملامسة علان أو مضاجعة فلان لكنها أن تمكن أحد منها الا في حالة دفع المهر كامل وتكون كل أدوات العرس الحقيقي دون دسائس أو تلاعب دون سهرات مع أحد خارج الرؤية الوطنية فمهما أطلقنا من أسماء على أشياء لا تصلح لها تلك الأسماء وإن تم تداولها بشكل خارج المألوف لن تأخذ تلك الأسماء موضعها ، فغزة اليوم مأزومة مهزومة مكسورة الجناح مشبعة بكثرة الجراح تنزف وتصرخ وتشعر بأن كل أراذل الأرض تكالبوا على مضاجعتها ومزقوا كل كبريائها وحطموا كل المحرمات دون خشية من أن تبقى تلك الصورة شاخصة أمام عيون أطفالها ليكبروا وتكبر الصورة ويزداد التصميم كما تزداد اللعنة على كل من أوصلها إلى هذا ، فتاريخ الشعوب يكتب إما من جراحها او انتصاراتها فالشعب الذي يعيش الألم والأنين ويعيش الغربة وهو في الدار يتسلل في الزمان دون أن يدري به أحد حين تمر الأيام على أمل ان يكون الغد أكثر إشراقا .

وهنا يخرج السعدان صاحبنا في رحلة مسموح له التجول خارج القفص كي يشعر لو للحظة أنه إنسان فيلاقيه سيء السيط صاحب نظرية الفلتان، ولكن كبيرهم لم يعد يطيقهم فهم بالنسبة له ليسوا أصحاب شأن بل أصبحوا خارج دائرة الزمان ،فقليل ما تتلاقى المتناقضات لتكون حالة وطنية خالصة إلا اذا كان أحد أطرافها أو كلاهما ميكيافلي التفكير ،وهنا يكون الهدف هو المهم دون النظر إلى عصامية الأدوات، بكل تأكيد لان تغريد تلك الأطراف سيكون غير متجانس ،فلا يعقل التجانس بين من يدعي العفة والطهر ومن يدعي التحرر والعهر، من يدعي بأن طريقه الوحيد لن يكون الا من خلال التوافق مع العدو ومن يدعي أن لغة الحوار مع العدو من خلال الرصاص أو من خلال قانون ما اخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة،في النهاية وكما يقول المثل ان غدا لناظره قريب .

وسط زحمة الأحداث يصحو الأمل يرى شعاع يأتي من بعيد ،يقترب منه وهو فاقد الأمل بأن تنتهي حالة التيه عل قصة سيدنا إسماعيل تعود وتخرج من تحت قدميه الماء والتي مازالت شاهد على الحكاية إلى يومنا ،بكل تأكيد لا يوجد تشابه في المضغ التي بين الضلوع ولا في راعي الحدثين على الرغم من تشابه المراكب بين الراعيين فالأول أراد أن يجعل كل منا خليفة يحمل رسالة واضحة والتزام بمجموعة نظم وقوانين توصل الجميع في حال الإلتزام بها إلى الحياة الفردوسية والراعي الثاني يريد لهم ان يكونوا معول هدم لكل القيم ولكن بلباس إيماني وطني وإظهار الكثير من الحكمة والكثير من النهب ونشر الجهل والقهر وتحطيم كل القيم والرموز التي لها شان

التعليقات