دفاعا عن بيبر

دفاعا عن بيبر
نبض الحياة 

 دفاعا عن بيبر

عمر حلمي الغول 

روبرت بيبر، منسق الإغاثة والتطوير للامم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أثارغضب حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلية، ودفعها لتطالب سكرتاريا المنظمة الدولية بسحبه من فلسطين المحتلة والعمل على إستبداله بشخص آخر يكون على مقاس إحتلالها وجرائمها وإنتهاكاتها، وإلآ ستضطر لعدم تجديد إقامته ومن ثم طرده إن لم يغادر لوحده. 

الدولة "الديمقطراطية الوحيدة" في الشرق الأوسط الكبير لم تعد تحتمل مجرد تصريح لمسؤول أممي، لم يضف فيه شيئا جديدا سوى انه شَّخص الواقع، وعكسه في تصريح مسؤول ودون مبالغة. إسرائيل الإستعمارية وريثة الفاشية والنازية الأوروبية حملت على الأسترالي بيبر لمجرد أنه لامس الحقيقة، ووضع إصبعه على الكارثة، التي تحيق بالفلسطينيين على مدار خمسة عقود خلت من الإحتلال الوحشي، عندما اصدر تصريحا  في الذكرى الخمسين للإحتلال الإسرائيلي للضفة بما فيها القدس وقطاع غزة، جاء فيه:" أن الإحتلال أمر بشع، الحياة تحت حكم عسكري متواصل منذ سنوات طويلة تولد اليأس، تقتل المبادرة، وتترك أجيالا كاملة بلا أفق حل سياسي او إقتصادي". 

وأضاف :" إن الإحتلال الإسرائيلي، هو السبب الأساسي للأزمة الإنسانية، وأنه (الإحتلال) مدعوم بالقوة العسكرية." وتابع يقول :" ان الأجهزة الأمنية والسياسية الإسرائيلية عزلت المجتمعات الفلسطينية عن بعضها البعض، ومزقت النسيج الإجتماعي، حددت مساحة العمل الإقتصادي، وإنتهكت أبسط وأهم الحقوق الأساسية للفلسطينيين، وفي أحيان كثيرة خرق الإحتلال القانون الإنساني والدولي." وفي وقت سابق كان نائب الأمين العام للامم المتحدة للإغاثة والتطوير أماط اللثام عن إنتهاكات الإحتلال الإسرائيلي، عندما أكد "إن الإنتهاكات المتواصلة  للسلطات الإسرائيلية، أعاقت العمل الإنساني ومنعت إيصال المساعدات إلى الضفة الغربية." 

 قامت قيامة الحكومة الإسرائيلية ولم تقعد، فأرسلت رسالة للأمم المتحدة طالبت فيها باستبدال منسق الإغاثة والتطوير روبرت بيبر. ولوحت بسيف التهديد والوعيد، بانها هي (إسرائيل) ستتخذ الإجراءات الكفيلة بطرده إن لم تفعل المنظمة الأممية. وفقا لما ذكره موقع (عرب 48) في 15/6/2017. ومازالت القضية مطروحة على بساط البحث في اروقة الأمم المتحدة. ورغم إدراك الأمين العام للامم المتحدة، ان السيد روبرت بيبر، لم يحتل موقعه بالواسطة، إنما نتاج جهد وعمل متواصل طيلة ثلاثين عاما في مجال الخدمات والإغاثة الإنسانية، لكن يخشى المرء ان يتساوق غوتيريش مع التوجهات العدوانية الإسرائيلية. وفي حال تم الإستجابة لمنطق حكومة نتنياهو، فإنه يسيء لمواثيق وقوانين وقرارات الأمم المتحدة. وايضا يعكس رضوخا لمنطق الدولة الإستعمارية المتغطرسة. مع ان تصريح نائب الأمين العام للامم المتحدة لم يخرج عن نص التصريح، الذي ادلى به غوتيريش نفسه بذات المناسبة. وهذا امر مرفوض وغير مقبول، وبالتالي على الأمين العام للامم المتحدة العمل على الآتي: اولا رفض الطلب الإسرائيلي من حيث المبدأ؛ ثانيا التأكيد على ما تضمنه بيان السيد بيبر؛ ثالثا الإستعداد لإصدار قرار أممي جديد يدين مواصلة إسرائيل لإحتلالها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ومطالبتها بالإنسحاب فورا من فلسطين المحتلة؛ رابعا مطالبة دول العالم في اصقاع الأرض وخاصة الولايات المتحدة الأميركية بإتخاذ سياسات واضحة وحازمة  ضد الإحتلال الإسرائيلي، والزام إسرائيل بدفع إستحقاقات السلام وخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967؛ خامسا تحرك جامعة الدول العربية بالتعاون مع القيادة الفلسطينية لدعم السيد روبرت بيبر، وعدم القبول بالمنطق العنصري الإسرائيلي، وتأمين الحماية له إن أمكن. أضف لذلك هناك قوانين المنظمة الأممية موجودة، يفترض ان يتم العمل على إستخدامها بشكل أمثل لقطع الطريق على سياسة نتنياهو وحكومتة. لإن الرضوخ لخيار إسرائيل، معناه إفلاس وسقوط مريع للمنظمة الأممية الأولى.

ومن الضروري فضح وتعرية دولة التطهير العرقي الإسرائيلية، وتسليط الضوء على عنصريتها وهمجيتها، ونفي وإسقاط الصبغة الديمقراطية عنها، لإنها لا تمت للديمقراطية بصلة، لاسيما وأن حكومات نتنياهو الأربعة منذ 2009، وهي تقتلع كل ملمح ديمقراطي في المجتمع الإسرائيلي نفسه، وتعمق خيارالإنحدار والإنحطاط العنصري الفاشي في اوساط اليهود الصهاينة، وعلى ابناء الشعب الفلسطيني في فلسطين التاريخية وفي طليعتهم حملة الجنسية الإسرائيلية وعلى المؤسسات والهئيات الدولية، كما هو الحال مع روبرت بيبر. معركة السيد بيبر، هي معركة الحرية وإزالة الإحتلال الإسرائيلي، لذا ليرفع الجميع صوته ضد قرار حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف.

[email protected]

[email protected]   

التعليقات