صمت أهل القبور

صمت أهل القبور
 إبراهيم أبو النجا "أبو وائل"

تنام أمتنا على آثار كارثة وتصحو على وقع فجيعة ، وأصبح زادنا اليومي تلقي الأخبار عبر وسائل الإعلام المتعددة وكلها تبشر بنائبة جديدة .. لئن كنا في بداية القرن المنصرم في حالة من الجهل والضعف وغياب القيادات الواعية وفي وضع من الانكسار بحكم تبعيتنا واحتلالنا واستعمارنا مما سهل على ممثلَيْ بريطانيا وفرنسا سايكس و بيكو بالقيام بما قاما به من عملية فتق للخارطة العربية ، وصنعا دويلات ومهدا لزراعة استعمار استيطاني في فلسطين ومنذ ذلك الحين ونحن نقول اتفاقية سايكس بيكو واصبحت مقدسة ويحظر الاقتراب منها او التفكير في تغييرها لأنها جزء أصيل من تراثنا .

إذا كنا كذلك قبل قرن من الزمان فهل نحن اليوم وبعد قرن أفضل حالاً؟ في الحالة الأولى على الأقل بقي الناس في الأوطان التي رسمت لهم عدا الكارثة التي لحقت بشعبنا ، ولكن في الحالة الثانية وهي الحالة الآن .. أصبحنا نقول ما أحسن الحال السابق فقد أصبحت الامة ممزقة فلم تعد هناك ضمانة بأن لا نرى القطر الواحد تحول إلى عدة أقطار ، ونرى التشظي ودول الطوائف وقد عادت من جديد .

ونعود للقول لئن حدث ما سبق لغياب الوعي والقيادات والقوى والمؤسسات التي تضطلع بمهمة التوعية والتحذير من تداعيات ما حدث ، فماذا نقول اليوم؟ أليست لدينا أحزاب وطنية وقومية ؟ ألا نملك قوى وطنية ومؤسسات وجمعيات واتحادات ونقابات ؟ أين جبهة الصمود والتصدي ؟ أين القومية العربية؟ أين البعث العربي الاشتراكي صاحب نظرية أمة عربية واحدة .. ذات رسالة خالدة ؟ أين النظرية الاشتراكية ؟ اين البرلمان العربي ؟ اين جامعة الدول العربية ؟ عفواً ومعذرة فجامعة الدول العربية قامت بما يستوجبها عليها ضميرها حيث عقدت اجتماعاً منذ يومين تناقش فيه تغلغل إسرائيل في أدغال القارة الافريقية .

وإذا بقينا نعدد أين .. فسنبقى حتى الغد ونحن نذكر من يجب أن يكونوا .. إن الإجابة تأتي بما يلي :

-      هذه الأجسام كانت ولم يعد لها أثر .. حتى أنك لا تجد لها مخطوطاً في أي مكتبة .. وأما الأفراد: فالأموات رحمهم الله ارتاحوا وربما يقول البعض أراحوا لانهم لو كانوا احياءً لتسببوا في ما يزعج قيادات امتنا .. وأما الأحياء فهم جزء من النكبة القائمة فقد قدموا القطرية على القومية .. والعشيرة على الدولة .. والطائفة على كل شيء وأصبح التشيع بمعناه العريض الصفة الغالبة على حالتنا ، وندلل على ذلك بما يحدث على ساحتنا العربية .. إنه شبيه بقنبلة هيروشيما التي فاجأت العالم بحجم تدميرها بدون سابق إنذار .. بدأنا نسمع تفاصيل مرعبة ولا تنبئ إلا بكل الخطورة التي لا يمكن أن تقاس كارثة سايكس بيكو معها بشيء يذكر .

-      بدأ استقدام الغرباء بأساطيلهم لحمايتنا من بعضنا ولئن كان قرار الاستقدام قرارنا فلن يكون لنا قرار بإنهاء وجودهم لأنهم أصبحوا شركاء على هذه الارض وقدموا دماء أبنائهم .. وقد يصبحون هم أصحاب الحق في الإبقاء علينا أو بطردنا من أرض كنعان وعدنان وقحطان .

فإلى أين يا أبناء الأمة ؟ ألستم بحاجة الى ثورة؟ ولكن الثورة إبداع أمة .. وسكان القبور لا يبدعون .

التعليقات