حنا: كلنا فلسطينيون ننتمي لوطن واحد وندافع عن قضية واحدة

حنا: كلنا فلسطينيون ننتمي لوطن واحد وندافع عن قضية واحدة
رام الله - دنيا الوطن
قال المطران عطا الله حنا رئيس اساقفة سبسطية للروم الارثوذكس بأننا نرفض ثقافة العنف والكراهية التي تستهدف شعوبنا العربية ولكننا نرفض اولا وقبل وكل شيء الارهاب الذي يمارسه الاحتلال بحق شعبنا ، حيث ان شعبنا الفلسطيني يعاني من سياسات الاحتلال الظالمة وقمعه وظلمه وعنصريته .

ان اجتماع الحكومة الاسرائيلية الاخير بالقرب من المسجد الاقصى انما هو استفزاز خطير لنا جميعا وتطاول غير مسبوق على مكانة  مدينة القدس واهميتها بالنسبة الينا كفلسطينيين ، كما ان المحاولات الهادفة لتغيير المناهج التعليمية في القدس وفرض السيطرة الاسرائيلية عليها انما هي مرفوضة من قبلنا جملة وتفصيلا ، وشعبنا الفلسطيني يرفض هذه السياسة التي هدفها طمس معالم الثقافة الفلسطينية في القدس وشطب كل ما له علاقة بهويتنا الوطنية وقضيتنا الفلسطينية العادلة .

لن نتمكن من الحفاظ على مدينتنا والدفاع عنها بشكل لائق الا من خلال وحدتنا فالوحدة الوطنية انما هي قوة لشعبنا لكي يتمكن من ان يكون قويا ثابتا صامدا في مواجهة هذه السياسات العنصرية الغير مسبوقة والتي تستهدفنا جميعا .

ان السلطات الاحتلالية الغاشمة تستغل الانقسامات الفلسطينية الداخلية والاوضاع العربية الكارثية وهي تسعى بوسائلها المعهودة والغير المعهودة لتمرير مشاريعها في المدينة المقدسة، ان ما لم تتمكن سلطات الاحتلال من تمريره منذ احتلال مدينة القدس تسعى لتمريره خلال هذه السنوات الاخيرة حيث انها تستغل انهماك العرب بأوضاعهم الداخلية وهي تسعى وبوتيرة متسارعة لتمرير ما لم تتمكن من تمريره في الماضي في ظل حالة صمت عربي وانحياز غربي لاسرائيل ، وقد لاحظنا في زيارة ترامب الاخيرة التي كانت اجندتها واحدة وهي الحفاظ على اسرائيل والدفاع عنها .

اننا كفلسطينيين مطالبون اليوم اكثر من اي وقت مضى بأن نتحلى بالوطنية الصادقة وليس بالوطنية الزائفة التي ينادي بها البعض ، نحن في حاجة لكي نتمكن من الحفاظ على مدينتنا والنهوض بقضيتنا ، نحن بحاجة الى اناس صادقين يتحلون بالحكمة والمسؤولية والرصانة والانتماء الحقيقي لوطنهم وشعبهم .

فلسطين بحاجة الى ابنائها وعلينا جميعا ان نعمل معا وسويا من اجل فلسطين التي لن يتمكن احد من تصفية قضيتها مهما تآمروا عليها وخططوا لتهميشها واضعافها وتصفيتها .

لا كرامة لنا بدون فلسطين ولا حرية لنا بدون حرية فلسطين ولا يجوز لانساننا الفلسطيني ان يشعر باليأس والقنوط امام هذه الحالة المتردية التي وصلنا اليها ، اعداءنا يحاربوننا في معنوياتنا ويسعون للنيل من ارادتنا ويريدوننا ان نستسلم لسياساتهم ومخططاتهم وممارساتهم، اعداءنا يريدوننا ان نكون غارقين في مستنقع اليأس والقنوط والاحباط ويريدون لشبابنا الفلسطيني المقدسي ان يكونوا غارقين في الافات الاجتماعية التي المخدرات بعض تجلياتها .

ان ابناء مدينة القدس يتعرضون لحملة غير مسبوقة هادفة لحرف بوصلتهم وتشويه هويتهم وثقافتهم والنيل من عزيمتهم ، اعدائنا يريدون اغراق البلدة القديمة وغيرها من حارات القدس بكثير من الافات الاجتماعية لكي لا يفكر المقدسي بوطنه وقدسه ومقدساته وعائلته ومستقبله.

كل شيء مستباح في مدينة القدس ولذلك وجب علينا جميعا وكل واحد من موقعه ان يتحمل مسؤوليته التاريخية والانسانية والروحية والاخلاقية والوطنية ، ستفشل كافة السياسات الاحتلالية في مدينة القدس ، ولن تنجح مشاريعهم الهادفة لاقتلاع مدينة القدس من الهوية العربية الفلسطينية وتشويه صورتها وتزوير تاريخها والنيل من مكانتها ، ولكن هذا يحتاج الى جهودنا جميعا .

جامعاتنا يجب ان تقوم بدورها ومدارسنا ومؤسساتنا التعليمية بكافة مستوياتها ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي بكافة مسمياتها كما والمؤسسات الدينية ودور العبادة التي يجب ان تكون منابرها مخصصة لنشر روح الوعي والانتماء والصدق والاستقامة ورفض كافة المظاهر الاجتماعية السلبية وتكريس ثقافة الوعي والوحدة الوطنية والانسانية والعيش المشترك بين كافة مكونات شعبنا الفلسطيني .

لا ننكر ان الصورة قاتمة والاوضاع مأساوية ولكن هذا لا يعني على الاطلاق بأننا يجب ان نتخلى عن مسؤولياتنا وان نستسلم للاحباط واليأس والقنوط الذي يريدنا الاعداء ان نكون فيه ، نحن اصحاب قضية عادلة ولا يضيع حق وراءه مطالب ويجب ان نبقى متمسكين بحقوقنا ومدافعين عن حرية شعبنا وان تكون اجندتنا وطنية بامتياز بعيدا عن الاجندات والمصالح الشخصية ، فلسطين بحاجة الينا جميعا ولم يتمكن احد من تصفية هذه القضية لانها قضية شعب وهذا الشعب لا يمكن لاحد ان يشطب وجوده او ان يلغي استمرارية بقاءه في هذه الارض المقدسة .

كونوا متفائلين لان المستقبل لنا ولا يمكن للشر ان يبقى وان يستديم ، اقرأوا التاريخ لكي تكتشفوا بأن اي استعمار وجد في عالمنا كانت له بداية وكانت له نهاية ، ولا يمكن لاي شر في هذا العالم ان تكون له بداية وان لا تكون له نهاية .

لا تستسلموا للاحباط واليأس والقنوط ، وكونوا متفائلين دوما وانظروا الى الامام بعين الامل والرجاء ، ان الصورة القاتمة التي نلحظها اليوم هي ليست الا سحابة صيف ستزول عاجلا ام اجلا .

فلسطين بحاجة الى اناس مستقيمين صادقين اوفياء ، فلسطين بحاجة الى ان نضحي من اجلها جميعا وليس الى ان يضحي بها البعض من اجل مصالحه واجنداته الشخصية .

فلنعمل معا وسويا في مجتمعنا الفلسطيني من اجل توعية الاجيال الصاعدة على قيم المحبة والاخوة والسلام ونبذ الكراهية والتطرف والعنف ، فلنعلم ابناءنا محبة فلسطين والانتماء الصادق لهذه الارض المقدسة .

علينا ان ندعو ابناءنا دوما الى قيم التسامح والوحدة والاخوة والتلاقي بين كافة مكونات مجتمعنا الفلسطيني ، فالفتن والكراهية والطائفية لا يستفيد منها الا اعدائنا المتربصين بقضيتنا والساعون للنيل من عزيمتنا واصرارنا على ان نعيش احرارا في وطننا .

الحضور المسيحي في القدس هو حضور اصيل في مدينة يعتبرها المسيحيون قبلتهم الاولى والوحيدة وحاضنة اهم مقدساتهم ، نحن لسنا غرباء في وطننا ولسنا جماعة اوتي بها من هنا او من هناك ، وهنالك بعضا ممن لم يقرأوا التاريخ عندما يسمعون شيئا عن المسيحية يلتفتون الى الغرب .