حنا يستقبل عددا من ابناء الرعية الارثوذكسية في الجليل

رام الله - دنيا الوطن
 وصل الى المدينة المقدسة صباح اليوم وفد من ابناء الرعية الارثوذكسية في الجليل من منطقة الناصرة ومحيطها وابرشية عكا وقراها وذلك للمشاركة في احتفال خميس الصعود على جبل الزيتون وقد استقبلهم سيادة المطران متحدثا عن اهمية هذا اليوم وهذه المناسبة الروحية التي يُحتفى بها بشكل خاص في مزار المصعد على جبل الزيتون في القدس الشريف.

قال سيادته امام ابناء الرعية الاتين الينا من الجليل بأن زيارتكم للقدس للمشاركة في هذا العيد انما تأتي تأكيدا على تشبثنا وتعلقنا الروحي بمدينتنا المقدسة التي تحتضن تراثا روحيا وانسانيا وحضاريا تتميز به عن اية مدينة اخرى في العالم .

لقد اتيتم الى مدينة القدس التي ترحب بزيارتكم وقد وصلتم الى المدينة المقدسة في مرحلة يخوض فيها اسرانا اضرابا مفتوحا عن الطعام لكي يوصلوا رسالتهم الى حيثما يجب ان تصل هذه الرسالة .

ونحن في هذه المناسبة الروحية نؤكد انتماءنا لفلسطين ارضا وشعبا وقضية وتاريخا وتراثا كما ونؤكد تبنينا لكافة المطالب العادلة التي ينادي بها هؤلاء الاسرى ونتمنى ان تتحقق هذه المطالب بأسرع ما يمكن وخاصة ان بعضا من هؤلاء المناضلين يمرون بظروف صحية صعبة بسبب هذا الاضراب المفتوح عن الطعام .

ان هؤلاء المناضلين انما من خلال اضرابهم انما يسعون لايصال رسالة شعبنا الى كافة ارجاء العالم .

يؤسفنا ان هنالك بعضا من القيادات السياسية في الغرب التي تصم اذانها وتغمض اعينها امام معاناة شعبنا وما تتعرض له مدينة القدس بشكل خاص ، واليوم يقوم الاسرى باطلاق ندائهم ورسالتهم التي نتمنى ان تصل وان تستفيق الضمائر من كبوتها وان يلتفت العالم الى معاناتنا والى ما تمر به مدينة القدس بشكل خاص في ظل ما يرتكب بحقها وبحق مقدساتها ومؤسساتها وانسانها من انتهاكات خطيرة غير مسبوقة .

البارحة شهدت مدينة القدس مهرجانات احتفالية استفزازية من قبل المستوطنين المتطرفين الذين احتفلوا بذكرى احتلالهم لمدينة القدس ، هذه الذكرى التي نعتبرها نحن بأنها ذكرى اليمة ولكننا في نفس الوقت نؤكد تمسكنا بالقدس ورفضنا لكافة الاجراءات الاحتلالية في المدينة المقدسة ، فالمهرجانات الاحتفالية التي يقيمها هؤلاء المتطرفون لن تغير من واقع مدينة القدس ومن هويتها الحقيقية ، فالقدس مدينة مقدسة نعتبرها عاصمتنا الروحية والوطنية والاجراءات الاسرائيلية في المدينة المقدسة لن تزيدنا الا تشبثا وتمسكا وتعلقا ودفاعا عن هذه المدينة التي يستهدفها الاحتلال بوسائله المعهودة والغير المعهودة .

رسالتنا في هذا العيد كما وفي كل عيد ومناسبة بأن المسيحيين الفلسطينيين في هذه الديار لن يتخلوا عن اصالتهم الايمانية وقيمهم الروحية ، لن نتخلى عن انسانيتنا وجذورنا العميقة في تربة هذه الارض المقدسة ، لن يغيب وجه المسيح عن هذه الارض التي منها بزغ النور الالهي لكي يبدد ظلمات هذا العالم وسيبقى الحضور المسيحي حضورا اصيلا فاعلا في هذه البقعة المقدسة من العالم ، نحن قلة في عددنا ولكننا لسنا اقلية ونحن مطالبون اليوم بأن نكون اكثر من اي وقت مضى ملحا وخميرة ومصدر بركة وخير لهذه الديار .

سيبقى انحيازنا هو لعدالة قضية شعبنا ، ولن يتمكن احد من اقتلاعنا من جذورنا الايمانية والروحية والوطنية ، لن نتخلى عن حقنا وواجبنا في الدفاع عن وطننا وعن شعبنا وعن قدسنا ومقدساتنا .

الكثيرون يتآمرون على فلسطين ويسعون لتصفية قضيتها ، أما ابناء شعبنا فلن يرضخوا لاية ضغوطات او مؤامرات او محاولات هادفة لتصفية هذه القضية التي نعتبرها وبحق اعدل قضية عرفها التاريخ الانساني .

ستبقى كنائسنا ومسيحيوا بلادنا مدافعين حقيقيين عن قيم العدالة ونصرة المظلومين والمتألمين، سيبقى انحيازنا لشعبنا الفلسطيني مهما حاول البعض تشتيتنا والنيل من عزيمتنا وتشويه تاريخنا وتزييف هويتنا ، لن تنحرف بوصلتنا التي ستبقى دوما باتجاه القدس التي نعتبرها قبلتنا الاولى والوحيدة .

هنالك من يريدوننا ان نتقوقع وان نعيش حالة ضياع وازمة هوية ، هنالك من يريدوننا ان نتصرف كأقلية مستهدفة ومضطهدة ، هنالك من يريدوننا ان نتخلى عن انتماءنا العربي وهويتنا الفلسطينية ويريدوننا ايضا ان نتخلى عن واجباتنا الوطنية ودفاعنا عن قضية شعبنا وهذا لن يحدث على الاطلاق ، واذا ما كان هنالك بعضا من الذين غرر بهم وانحرفت بوصلتهم فإن الغالبية الساحقة من المسيحيين الفلسطينيين تتحلى بالوعي والاستقامة والصدق والانتماء الحقيقي لهذه الارض المقدسة .

ان الاصوات النشاز التي نسمعها هنا او هناك لا تمثلنا ولن تؤثر علينا ولن تجعل ابناءنا يتخلون عن انتماءهم الحقيقي وهويتهم الروحية والوطنية الحقيقية . 

كم نحن بحاجة الى الصدق في زمن النفاق والكذب ، كم نحن بحاجة الى الاستقامة في زمن نلمس فيه بان هنالك من ابتعدوا عن الاستقامة والقيم التي يجب ان نتحلى بها جميعا .

قدوتنا هي مخلصنا وفادينا الذي علمنا دوما كيف يجب ان نحب وان نتفانى في الخدمة والعطاء ، قدوتنا هي السيدة العذراء والقديسين الذين هم مدرسة في الصدق والاستقامة والقيم والاخلاق النبيلة فمنهم نتعلم ان نحب بعضنا بعضا وان نحب وطننا وارضنا وان نتفانى في خدمة انساننا وشعبنا وان نكون دوما منحازين لكل انسان مظلوم ومعذب بغض النظر عن انتماءه الديني او العقائدي او المذهبي .

نصلي من اجلكم ومن اجل عائلاتكم ومن اجل ابناءنا في هذه الارض المقدسة الذين يعيشون حالة قلق وهم يلاحظون الاوضاع السياسية المضطربة المحيطة بنا ، ولكم اقول ما قاله السيد في وقت من الاوقات : " لا تخافوا " فإن الرب لن يتركنا وسيفتقدنا دوما بحنانه ورحمته .

نصلي من اجل ان تتحقق العدالة في هذه الارض التي تفتقد الى العدالة ، هذه الارض التي يظلم فيها شعبنا الفلسطيني وتنتهك حقوقه وكرامته ، هذه الارض التي تستباح فيها مدينة القدس ويراد تشويه تاريخها وتزوير هويتها والنيل من مكانتها ، نطلب من الله عدلا وسلاما لهذه الارض .