بالصور: رسيلة.. تحارب بطالة مجتمعها بالأحجار الصغيرة!

بالصور: رسيلة.. تحارب بطالة مجتمعها بالأحجار الصغيرة!
جانب من أعمال رسيلة اليدوية
خاص دنيا الوطن- نضال الفطافطة 
في قرية النويعمة التي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة أريحا وتبعد عن مركزها ما يقارب 3 كم، وفي منزل متواضع يقع على رأس تلة صغيرة، ترتب رسيلة دريعات رئيسة جمعية النويعمة التعاونية لتطوير الحرف التقليدية أحجار الفسيفساء الملونة لإحدى اللوحات المعدة للبيع.

بدأت فكرة جمعية النويعمة التعاونية لتطوير الحرف التقليدية عندما شاركت رسيلة مع إحدى المؤسسات التعاونية بالريف الفلسطيني، والتي يعتمد أداؤها بنمطية دون أي ربح أو تحقيق لأي هدف، من هنا انطلقت فكرتها بالتميز بالتوجه إلى إنتاج الأعمال الحرفية الذي تمتاز به مدينة أريحا المصنفة سياحياً والتي يمكن أن يلاقي رواجاً فيها ووقع الاختيار على تصنيع لوحات الفسيفساء بأيدي النساء لمحاربة البطالة بشكل أساسي وأولي.

الجمعية بدأت بخمس وعشرين عضوة دفعن بأنفسهن تكاليف مدرب الفسيفساء المرتفعة وشراء آلة تقطيع الحجر بالإضافة إلى الأحجار المخصصة للفسيفساء بعد سنة من التدريب والعمل انطلقت الجمعية.

بعد التدريب اعتقدت رسيلة مع المتدربات أن كل الحكاية فقط هي إنتاج لوحة الفسيفساء من قص الخشب إلى ترتيب الأحجار بالإطار النهائي أنها هي كل الحكاية، ولكنها في الحقيقة لم تبدأ بعد فبعد المرحلة الأولى والتقييم الأولي تبين أن المتدربات بحاجة إلى المزيد من التطوير بالإخراج النهائي للوحات.

 وبالتعاون مع وزارة السياحة الفلسطينية حصلن على تدريب ناجح للإخراج النهائي للوحات ما مكنهن من إطلاق معرضهم الأول الذي فتح لهم أبواباً متنوعة للمشاركات الدولية لعرض منتجاتهن الصغيرة والمشاركة بورشات العمل في فرنسا ومصر وكوريا واليابان، ورغم نقص الخبرة في المشاركة بالمعارض الدولية إلا أن الإصرار والتحدي كان أكبر من كل هذه العوائق.

قصة نجاح مصورة!

تروي رسيلة لـ "دنيا الوطن" قصة نجاحهم المصورة، والتي تم عرضها في الأمم المتحدة، حيث بدأت القصة عندما عقدت منظمة السياحة العالمية مؤتمرها في العام 2015 في فلسطين وتم عرض منتوجاتهم بشكل اعتيادي وفي نهاية العرض أرادت أن تغادر المعرض، ولكن وفد من منظمة السياحة الدولية طلب أن يزور زوايتهم، وخصيصاً رؤية منتجاتهم وبعد عدة أيام تم التواصل معها وأخبروها أن جمعيتهم فازت بالجائزة الأولى في هذا المؤتمر، وعلى إثره توثقت قصتهم كقصة نجاح وهذا ما أعطاهم دافعية أكبر للاستمرار .

  أِثر الجمعية على نساء النويعمة

 الاثر التنموي للجمعية يبرز جلياً في دعم المرأة واستقلالها وتمكينها الاقتصادي وتطوير شخصيتها وبالرغم من نسبة العدد الكبير من الفتيات المتعلمات إلا أنها لا تزال تفتقد إلى إمكانية صنع القرار بسبب القيود الاجتماعية المتعددة، تؤكد رسيلة دريعات أن الجمعية تساعد عضواتها على تنمية وتطوير شخصيتهن وتعزيز التمكين الاقتصادي، حيث إن العضوة تحصل على ثمن ما تقوم به من لوحات فسيفساء بشكل مباشر، بالإضافة إلى إكسابها مهارات التواصل مع المجتمع المحلي، وخاصة في مجتمع يعتبر الرجل هو المصدر الأول لتوفير الدخل.

تجارب  نسوية

ابتسام دريعات إحدى عضوات الجمعية والتي ساهمت الجمعية بتغيير حياتها، تحدثنا كيف خرجت بيوم الجمعة وهو اليوم المحظور عليها أن تخرج به من المنزل وفقاً لما تربت عليه والتي نقلتها لبيت الزوجية، حيث كانت تسير بالشارع وهي لا تصدق أنها خرجت من البيت وكانت تريد الوصول قبل أن يخرج المصلون من صلاتهم، وعن شعورها لأول مرة عندما زارات كلاً من وزارة السياحة الفلسطينية ومحافظة أريحا والأغوار، وكانت بالنسبة لها مجرد الزيارة حلم، وكيف غير العمل طريقة تفكيرها بأهمية التوفير وتوجيه الأبناء نحو الانضمام للجمعية والعمل الحرفي.

وتضيف ابتسام عن شعورها المختلف عندما حصلت لأول مرة على نتيجة تعبها في تجهيز لوحة فسيفساء، وكان مقدارها مئة شيكل احتارات أين تحفظ فيها وماذا ستفعل بها، والأهم أنها وبقية النساء أصبحن مساندات لأي امرأة تحتاج إلى مساعدة فهي لا تنتظر أن يساندها أحد سواء بإنجاز مشاويرها للعمل والصحة، وهي لا تنسى دعم زوجها لها، وكيف تغيرت نظرته لها عندما أصبحت تساهم وتساعد في مصروف المنزل والحصول على مساعدة عن طريق الجمعية لترميم منزلها، حيث أصبح لها دور في أخذ القرار بالمنزل والتفكير بطريقة إيجابية.

تؤكد ابتسام أنهم بالجمعية أصبحوا شركاء لمؤسسات كانت تسمع عنها بالتلفاز فقط، ولم تتوقع أن تقابلهم أو تتواصل معهم ولكن التشبيك في الجمعية مكنتهم من التواصل بفعالية مع كافة المؤسسات في المجتمع.

في تجربة أخرى تحدثنا هدى دريعات عن دور الجمعية في محاربة البطالة وتميزها في مجال صناعة الفسيفساء بعدم تكرار
ما تقوم به جمعيات أخرى في المحافظة، وخاصة أن العمل بالجمعية جاء بعد تخرجها وعدم إيجاد فرصة عمل مناسبة،

وتضيف أن الجمعية تساهم في ترسيخ تراث سياحي يفتح مجالاً للإبداع بحيث يقضي على وقت الفراغ ويشغل المرأة بحرفة  تمكنها من إيجاد دخل لها ويبعدها عن العديد من العادات السلبية التي يخلقها الفراغ.

صعوبات  متواصلة

ورغم الأثر الإيجابي  للجمعية من ناحية تنموية وتمكين للمرأة  اقتصادياً إلا أنه ما زالت هناك عدة صعوبات أبرازها وجود منافذ جديدة لتسويق المنتجات الحرفية من لوحات الفسيفساء من أجل تجديد الدخل لهؤلاء النساء.

 وكذلك  الحصول على مقر ثابت للجمعية، وخاصة أن المقر الحالي للجمعية هو منزل رسيلة الصغير، والذي لا يستوعب أن يكون هناك تنفيذ لمشاريع ودورات  كبيرة، وخاصة أن مجلس النويعمة على خلاف معها بسبب اختلاف بوجهات النظر حول خدمة قرية النويعمة، وذلك لم يمكنها من الحصول على أي قطع أرض حكومية تابعة  للمجلس، والتي بحصولها عليها تساهم بشكل أكبر في تمكين المرأة في هذه المنطقة، وذلك رغم وعودات متكررة من المسؤولين الفلسطينيين في مدينة أريحا  لم تنفذ.

مطلب رسيلة لتمكينها ومساعدة النساء في منطقتها هو توفير مقر مناسب للجمعية، وخاصة أن هناك عدداً من المقرات تتبع للمجلس المحلي للنويعمة مغلقة طلبت أن يتم الاستفادة منها ولكن القائمين على المجلس فضلوا إغلاقها على أن تستفيد الجمعية منها.

وفي ظل هذه الأوضاع ما زالت تفكر رسيلة وعضوات رئيسة جمعية النويعمة التعاونية لتطوير الحرف التقليدية في كيفية تطوير الجمعية ووضع خطط مستقبلية لتطوير ذاتها وجمعيتها، مؤكدة  أن المرأة إذا كان لديها حلم أو شغف عليها أن  تستمر بالعمل عليه وتحقيقه وأن تبقى ثابتة رغم الصعوبات.

في النهاية لا يهم أن يكون دعم المرأة فقط على المنابر في المناسبات، وإنما من خلال تمكينها على أرض الواقع  من خلال تذليل كل الصعوبات، ومساعدة أي امرأة تريد أن تعمل في مجتمعها ودعمها لا محاربتها، وخاصة إن كان لها تأثير، فتمكين النساء لا يجب أن يكون شعاراً يرفع في المناسبات العامة دون تفعيله بشكل حقيقي.


















التعليقات