وجبة سمك..رؤية العائلة..تأجيل حكم الإعدام للتوبة..مطالب تفسر نفسية العملاء الثلاثة

وجبة سمك..رؤية العائلة..تأجيل حكم الإعدام للتوبة..مطالب تفسر نفسية العملاء الثلاثة
توضيحية
خاص دنيا الوطن– أحمد العشي
حالة نفسية صعبة تنتاب الشخص الذي ينظره الموت، هذا بالنسبة للشخص العادي، فما بالك عزيزي القارئ إذا كان هذا الشخص عميلاً، اقترف جرماً كبيراً بقتل أبناء شعبه وأهله.

بفعلته هذه أضر نفسه ومجتمعه وعائلته، فمن العائلات سرعان ما تطالب بتنفيذ حكم الإعدام عليه، حتى يغسلوا العار الذي جلبه لهم، ومنهم من يتعاطف معه.

أما فيما يتعلق بنفسيات العملاء أنفسهم فقد اختلفت من واحد لآخر، فمنهم من طالب بتناول وجبة السمك حتى يتم تنفيذ حكم الإعدام عليه، والثاني طالب بتأجيل حكم الإعدام عليه لما بعد شهر رمضان حتى يتسنى له التوبة، والثالث طالب بأن يرى أهله.

"دنيا الوطن" تعرفت على الحالة النفسية لدى هؤلاء العملاء الثلاثة المدانين بقضية اغتيال الشهيد مازن فقها وخرجت بالتقرير التالي:

أكد أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة الأقصى الدكتور درداح الشاعر، القصاص يعتبر (جزاءً ووفاقاً) لما اقترفه العميل من آثام، لافتاً إلى أنه من المعلوم أن هناك حاجات للإنسان أهمها تتصدر المشهد عند تنفيذ حكم الإعدام.

وقال في لقاء مع "دنيا الوطن": "لو كان هناك نوع من التوبة لكان أول ما ينطق به العملاء هو أن يلقنوا الشهادة، حتى يقابلوا الله تعالى وهم على ملة الإسلام، لكن ذلك يعكس الدوافع التي تحركهم فإما أن تكون الدوافع مادية أو اقتصاد وإما أن تكون مرتبطة بالأهل والأحباب، وهذا يعكس حالة الفوضى العقلية التي يقع فيها العميل، خاصة أنه لم يعد أمامه شيء يحلم به أو يرغب به أو يتمناه".

وأضاف: "تفاوتت الدوافع لديهم، فكل حسب الحاجة التي يرغب فيها، وهذا يعكس لحد بعيد حالة التيه العقلي التي وقع فيها الثلاثة لأنهم بدأوا يشعرون بالندم حيث لا ينفع معهم الندم في هذه اللحظة".

وتابع: "الذي طلب وجبات السمك كان عنده نوع من الاستهتار بحدود الله وبالنفس البشرية، وبالتالي هو لم يكترث إطلاقاً لا بنوع من أنواع التوبة أو رؤية الأحباب والأقارب، بالإضافة إلى عدم الاعتراف بحجم الجرم الذي اقترفه، وكأنه يصر على المعصية وارتكاب المزيد من الجرائم لو ترك".

وفيما يتعلق بالذي طلب تأجيل تنفيذ الحكم لبعد شهر رمضان المبارك بهدف التوبة، فسر الشاعر أن التوبة الآن لا تجدي نفعاً، منوهاً إلى أن التوبة لابد أن تكون قبل الوقوع في المعصية أو القتل، وليس بعد ذلك.

وقال: "بعد أن يلقي النظام على المجرمين أو العملاء، عندها لا تقبل توبتهم".

أما الشخص الثالث الذي طالب برؤية عائلته، أوضح الشاعر، أن المشاعر حينها تكون مختلطة، لافتاً إلى أن هناك شعوراً بالغضب والضيق والتوتر النفسي على ما اقترفه من جرائم، ووضعه في مكان محرج في المجتمع، وهناك شعور بالشفقة عليه لأنه سلك طريق الشيطان، كما أن هناك شعوراً بالتعاطف لأنه يعتبر ابنهم، بالإضافة إلى أن هناك رغبة في التخلص منه حتى يتم القضاء على حجم العار الذي جلبه إنسان باع نفسه للشيطان.

وفي السياق قال: "هناك حقيقة مهمة لابد من التأكيد عليها وهي: أن القرابة ليست بقرابة الدم وإنما بقرابة العقيدة، فإذا انسلخ الإنسان عن عقيدته فهو غريب حتى لو كان أخاً أو أختاً".

وفيما يتعلق بالوضع النفسي خلال اقتيادهم لمكان تنفيذ الحكم، رأى الشاعر أن الخوف ليس من قضية الإعدام بحد ذاتها باعتبارها أمراً فيه مفارقة للحياة، وإنما الخوف يتمثل في سوء المنقلب يوم القيامة، وتلك السمعة التي لحقت بآبائهم وأبنائهم وأقاربهم.

وقال: "الاستشهاديون يموتون ولكن هناك شعور الفخر والرضى النفسي لأن هناك ما يعتز به بعد موته وما تفخر به أسرته، وما يلاقيه من جنات وأنهار وحور عين في الآخرة".

وأضاف: "ولكن المشاعر التي تصيب من خان أهله وبلده وشعبه وباع نفسه للشيطان لديه خشية من أكثر من زاوية، أولاً من سوء المنقلب هل ينقلب إلى جنة أم إلى نار، تكون مآلها سيئة، وما تركه من نفسية سلبية على عائلته، بالإضافة إلى شعوره النفسي المدمر لأنه خان أهل بلده، وبالتالي تكون المشاعر هنا سلبية، على عكس الاستشهادي".

فيما يتعلق بنظرة المجتمع لأهل العميل بعد تنفيذ حكم الإعدام عليه، أوضح أن هناك فصلاً بين سلوك العميل نفسه وبين أهله، لافتاً إلى أن عائلته هي أسرة فلسطينية شريفة كريمة، مستشهداً بالآية القرآنية: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وبالتالي لا يجب أن تؤخذ الأسرة بذنبه، خاصة أن العملاء يعملون على نطاق ضيق من السرية والكتمان.

من جانبها، أوضحت المتخصصة في علوم الاجتماع رائدة وشاح، أن العملاء الثلاثة يتعاملون مع الأمر بأنه واقعي لأن الحكم صدر عليهم وأن الموت أكيد، منوهة إلى أن الحالة النفسية التي انتابتهم هي أمر طبيعي وليس فيها أي نوع من أنواع المبالغة.

وبالحديث عن مطالب العملاء، قالت: "الذي طالب بوجبة السمك فإنه يعلم أن الطعام هو الذي يوفر له الراحة، أما الذي طالب بأن يؤجل حكم الإعدام لبعد شهر رمضان فقد يكون ذلك رد فعل أنه سيتوب، أما الشخص الذي طالب بمقابلة عائلته فهم بالنسبة له الأشخاص المناسبين الذي يستطيع أن يفرغ لهم ما بداخله ويعبر لهم عن ندمه".

 

التعليقات