الميزان يوجه مذكرة حول قرار إحالة عدة قضايا للقضاء العسكري

الميزان يوجه مذكرة حول قرار إحالة عدة قضايا للقضاء العسكري
رام الله - دنيا الوطن
توجه مركز الميزان لحقوق الإنسان الثلاثاء الموافق 9/5/2017، بمذكرة قانونية لكل من رئيس هيئة القضاء العسكري، رئيس لجنة الرقابة وحقوق الانسان في المجلس التشريعي، ومراقب عام وزارة الداخلية، ومدير قوى الأمن الداخلي في وزارة الداخلية بمذكرة قانونية. 

وتتناول المذكرة قرار مجلس الوزراء الصادر في 22/12/2016م في غزة والقاضي بإحالة قضايا الجلب والتهريب والترويج للمخدرات إلى هيئة القضاء العسكري - استناداً إلى قرار المجلس التشريعي الصادر بتاريخ 10/8/2016م، والقاضي باعتبار جرائم المخدرات تمس بالأمن القومي الفلسطيني - ومدى توافق القرار سالف الذكر مع المعايير الدولية للعدالة من ناحية ومع القواعد والأسس الدستورية والقانونية الفلسطينية من ناحية أخرى. 

تجدر الإشارة إلى أن مركز الميزان يعكف على رصد وتحليل ما يتعلق بمنظومة العدالة الفلسطينية، ويولي اهتماماً خاصاً بالقضايا التي تمس بحقوق المواطنين وحرياتهم وتمتعهم بالضمانات القانونية التي كفلها كلاً من القانون الدولي والقانون المحلي الفلسطيني، والتي يشكل ضمان تحقيقها مسؤولية أصيلة تقع على عاتق كافة المسؤولين. 

وقد أشارت المذكرة إلى الخطورة الكبيرة التي يشكلها القرار الصادر عن مجلس الوزراء في غزة، الذي يشكل مساساً بواحدة من أهم الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة، ألا وهو حق الشخص في اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، الذي يعتبر الضمان الأول وحجر الأساس لضمان تمتع الشخص بكافة حقوقه المتعلقة بضمانات المحاكمة العادلة. 

فلا يجوز بحال من الأحوال حرمان الشخص من هذا الحق الأصيل، فثمة استقرار لمبادئ وقواعد قانونية على الصعيدين الدولي والمحلي تقضي بحصر ولاية القضاء العسكري في محاكمة العسكرين وفي الشأن العسكري فقط. 

فقد أبرزت المذكرة مدى مخالفة قرار مجلس الوزراء آنف الذكر لواحدة من أهم الأصول الدستورية الفلسطينية والتي تبرزها المادة رقم (30) في الفقرة (أ) من القانون الأساسي الفلسطيني بشكل صريح وذلك بنصها: " .. لكل فلسطيني حق الإلتجاء إلى قاضيه الطبيعي .. "، فالمادة السابقة تبين صراحة أن المدنيين الفلسطينيين لهم الحق في أن يتم عرضهم على قضائهم الطبيعي والمتمثل بالقضاء العادي لا القضاء العسكري، والذي يعتبر قضاءً خاصاً مقـيّد بمحاكمة فئة معينة من المتهمين وهم "العسكريين".  

كما وأوضحت المذكرة أن إخضاع المدنيين لولاية القضاء العسكري هو تعدٍ صريح على منظومة العدالة، ذلك أن محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري فيه افتقار للحياد والاستقلال اللذان يشكلان الأساس الذي يجب توافره في أية محاكمة كانت. 

كما يشكل تجاوزاً للضمانات والمعايير الدولية وخاصة ما جاء في المادة رقم (9) والمادة رقم (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهو انتهاك واضح لصريح نص المادة رقم (101)، الفقرة (2) من القانون الاساسي الفلسطيني والتي تنص صراحةً على أن اختصاص المحاكم العسكرية محصورٌ فقط في محاكمة العساكر الفلسطينيين وفيما يتعلق بالشؤون العسكرية. 

بالإضافة إلى ما سبق فقد أبرزت المذكرة عدم جواز تطبيق التشريعات الجزائية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي صدرت عام 1979م في الوقت الحالي للعديد من الأسباب يمكن القول أن أهمها يتمثل في كونها غير صادرة عن السلطة التشريعية المختصة " المجلس التشريعي"، حتى إنها لم تُعرض عليه لإقرارها. 

وعليه فإن هذه القوانين ليست من منظومة التشريعيات التي سنها المجلس التشريعي وفقا لأليات سن القوانين، والتي حددها كل من القانون الأساسي الفلسطيني وكذلك النظام الداخلي للمجلس التشريعي. 

فقد اشترط القانون الأساسي الفلسطيني وجوب نشر القوانين وذلك بمقتضى نص المادة رقم (116)، وهو ما أكده النظام الداخلي للمجلس التشريعي الفلسطيني، في المادة رقم (70) من النظام. 

كما بينت المذكرة أهم أوجه التعارض الجسيم لقانون أصول المحاكمات الثوري لعام 1979م بوصفه القانون الإجرائي المطبق أمام المحاكم العسكرية مع قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001م، الذي يعتبر القانون الأصيل الذي تخضع له محاكمات المدنيين وينطبق عليهم بصفة أصيلة.  

وأخيراً خلصت المذكرة إلى عدم مشروعية القرار الصادر عن مجلس الوزراء والقاضي بإحالة قضايا المخدرات إلى هيئة القضاء العسكري، على اعتبار أنها قضايا تدخل في اختصاص القضاء العسكري، وذلك لمخالفته المعايير الدولية للعدالة وللأسس الدستورية والقانونية الفلسطينية. 

وعليه يجب على القضاء العسكري الامتناع المطلق عن محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية الفلسطينية، وحصر اختصاص المحاكم العسكرية في الجرائم ذات الطابع العسكري التي يرتكبها العسكريون فقط، هذا بالإضافة إلى أن أي عقوبة صادرة عن هيئة القضاء العسكري بحق المدنيين غير مشروعة لكونها صادرة عن جهة غير مختصة بمقتضى القانون من ناحية، ومن ناحية أخرى لعدم مشروعية نفاذ التشريعات التي تم الاستناد عليها.