يرتدي ملابس أخته..قصص إنسانية لمعلمين مع طلابهم أصابتهم بنكسات نفسية

يرتدي ملابس أخته..قصص إنسانية لمعلمين مع طلابهم أصابتهم بنكسات نفسية
تعبيرية
رام الله - دنيا الوطن
"المدرسة لا يمكن أن تكون ساحة للعلم فقط"، هكذا أكد معلمون في معرض حديثهم عن بعض الجوانب الإنسانية التي عايشوها مع طلابهم خلف أسوار المدارس.

وروى عدد من المعلمين بعض القصص الإنسانية التي حدثت بينهم وبين طلابهم، والتي غيرت وجهة حياتهم وأصابتهم بنكسات نفسية، وفقًا لـ "الحياة".

أحد هذه القصص الإنسانية، يحكيها المعلم فاضل جاسم الذي بدأ حديثه بقوله: "أزعجني الاستئذان المتكرر لأحد طلاب الصف الثالث الابتدائي، إذ يخرج من الصف ليعود بعد دقائق، مما جعلني أشك في أمره، وذات يوم رفضت خروجه فألح عليّ بشكل غريب وبدأ يتوسل إليّ أن أسمح له بالخروج لدقيقتين فقط، فسمحت له وخرجت اتبعه من دون أن يشعر لأستطلع أمر خروجه المتكرر".

وتابع المعلم: "لاذ الطالب خلف الفصول، وهنا بدأ الشك يكبر في نفس المعلم، يقول: "أسرعت خلفه وإذا بطالب آخر ينتظره خلف الصفوف وبعيد عن الأعين، وحين وقفت أمامهم وجدته يخلع حذاءه الرياضي ليعطيه ذلك الطالب ويأخذ منه حذاءه المهتري، وحين سألتهم عن السبب التزما الصمت ولم يجيبا".

وأكد جاسم أنه ألح على الطالبين بأن يطلعانه على سر ما رأى، فقال له طالبه: "إن هذا أخي ولا نملك إلا حذاء رياضياً واحداً، ونحن نتبادل ارتداءه بين الوقت والآخر إذا كان لدى أحدنا حصة رياضة".

وعبّر المعلم عن الحزن والألم الذي أصابه في تلك اللحظة، متابعًا: "على الفور شكرت الطالب وأعدته للصف، وتوجهت لمدير المدرسة وقصصت عليه الحكاية واتفقنا على خطة بأن ننشأ صندوقاً لدعم الطلاب المحتاجين".

وأوضح: "في اليوم التالي اشتريت حذاءً رياضياً وملابس رياضية أيضاً ودخلت الفصل وقلت للطلاب بأنني سأمنح هذه الجائزة للطالب الهادئ في نهاية الحصة".

وقال المعلم: "وضعت اسم طالب الحذاء الرياضي في جميع الأوراق التي سيتم سحبها، وما إن جرى السحب واستلم الطالب هديته حتى اقترب من المعلم وابتسم وقال لي (شكراً لك يا أستاذ).

من جانبه، كشف المعلم محمد عبدالله عن قصة إنسانية أخرى، عايشها مع أحد طلابه قائلًا: "كنت منزعجاً من تكرار معانقة طالب في الصف الثاني لي بسبب ومن دون سبب، وكنت أتحدث مع أحد المعلمين عن هذا الانزعاج فما كان منه إلا أن أطرق برأسه متأثراً وسرد لي حكاية هذا الطفل، الذي لم أكن أعلم بحكايته لأنني حديث عهد بالمدرسة، لأصاب بصدمة قوية جعلتني أغير تعاملي معه على الفور".

واستطرد المعلم: "زميلي بيّن لي أن الطالب فقد أبوه قبل أشهر إثر حادثة مرورية، لتلحق به أمه بعد شهر فقط، ويبقى الطفل يتيم الأب والأم، وكان عناقه المتكرر لي بسبب اشتياقه لوالديه، لكنني لم أكن أعرف فأصبحت مهتماً وبشكل كبير به أتابع دروسه مع المعلمين وأحرص على أن أعوضه شيء مما خسره".

من جانبه، روى المعلم سعد محمد، حكاية غريبة لأحد الطلاب شهدها بنفسه، وصفها بأنها كانت الأشد ألمًا وغرابة بالنسبة له، قائلًا: "كنت مناوباً في الفسحة وأتجول بين الطلاب حتى سمعت صراخاً ورأيت شجاراً بين طالبين وعلى الفور وصلت للطالبين وأخذتهما لغرفة وكيل المدرسة، وبعد حل مشكلة الشجار ومصالحتهما قررت أن أتحدث منفرداً مع الطالب الذي بدأ الشجار وكان عصبياً بشكل مفرط".

وتابع المعلم: "أردت أن أعرف سبب عصبية الطالب، لذلك حينما جلست معه منفردا، استفهمت منه عن سبب الشجار وبعد إلحاح علمت أن الطالب الآخر رفع ثوبه قليلاً".

وأردف المعلم: "سألته لماذا كل هذا الانفعال فالموقف لا يستدعي كل هذا الغضب فأطرق برأسه وسكت وحين ألحيت عليه بأن يجيبني رفع ثوبه فكانت الصدمة التي جعلتني لأيام في حالة نفسية سيئة".

واستطرد المعلم: "أتذكر تلك اللحظة حين رفع الطالب ثوبه ليريني ملابسه الداخلية، التي كانت تخص أخته، وحين سألته عن سبب ارتدائه لها، قال نحن فقراء وأبي مسجون وليس لديَّ ملابس داخلية إلا قليلة وكانت متسخة، وخفت أن يرى الطلاب ملابس أختي فيضحكون عليَّ".

وأكد المعلم أنه على الفور تشكلت لجنة لمساعدة أسرة الطالب، وأنهم اجتمعوا مع اللجنة الأهلية في قريته، وحلت مشكلتهم على الفور، وهذا الطالب التحق بالجامعة الآن.

التعليقات