اشباع مدركات الأمن السياسية في قطاع غزة

اشباع مدركات الأمن السياسية في قطاع غزة
 اسلام موسى (عطالله)

المبالغة في التهديد الأمني الناتج عن الجرائم الجنائية في غزة عززه الإحباط السياسي والسقوط الاقتصادي المستمر. 

وأصبح الشعور بانعدام الأمن اسطورياً، يكاد يعادل شعوراً مقارباً للخوف أثناء الحروب السابقة على قطاع غزة، ما يسوغ كل  الشكوك ويبرر نشر كل الوسائل الأمنية.

بينما لا تشكل الجريمة الجنائية في الحقيقة تهديداً استراتيجياً، الا أن ردة الفعل العامية الممزوجة بالتشاؤم السياسي تشبه كثيرا ما يقوله المحللون النفسيون "نبوءة تتحقق ذاتياً"، ويبرر خوفا من عنف متضخم أكبر، وهو ما يبرر العنف في المقابل.

وبالتالي اذا لم يعالج هذا الخوف من خلال تعميم الاستقرار المرتبط ارتباطا وثيقاً بإرساء الأمن واشباع مدركاته لدى أهالي قطاع غزة، الذى يواجه اشكالية كبيرة في ترتيب أوليات هذه المدركات التى يفترض بأنها سياسية بالدرجة الأولى.

فان الجريمة الجنائية ستصبح تجسيداَ مسبقاً لما سيكون عليه مستقبل قطاع غزة، إذ أن الاحباط  السياسي  يجبر قطاع غزة على الانتظار في قاعة وهمية ملحقة برغبات حزبية، حيث أصبحت هذه الرغبات هي المقياس لترتيب تلك الأولويات المؤدية بدورها الى الاستقرار. 

فظاهر التهويل من الجرائم الجنائية التى نسجها الاعلام الاجتماعي بدت طبيعية في سياقها المتسق مع انهيار معظم القطاعات (سياسية، اقتصادية، ... الخ)  في قطاع غزة.

والعلاج لا يكمن في تطبيق أخلاقيات مهنة الصحافة، اذ لا يقتصر نقل الأخبار على بعض المواقع الصحفية، بل هناك مواقع مشبوهه، وصفحات تواصل اجتماعي لا تمتهن الصحافة، بالإضافة الى بعض الصفحات الشخصية، لأُناس مقدمين نداء الخوف وأمانيهم بطلب الأمن. وسط كل هذا هناك جمهوراً غزاوياً  أصبح جاهز للتعاطي مع أي خبر دون التفكير والتمحيص بسبب أزماته.

فالمطلوب هنا تبديد المخاوف، وتغليب الأولويات لمدركات الأمن السياسية والاقتصادية من المسؤولين الرسميين. ولا نريد مصدراً مسؤول مجهول الهوية، كما يقول الاستاذ محمود سلطان في مقالته في صحيفة المصريون اليوم (دولة المصادر المجهولة):  "متى يعتقد المسئولون، أننا نعيش في عصر، لم يعد ينفع فيه ولا معه، الإخفاء والتخفي الآن التكنولوجيا الحديثة، أنهت قدرة أية سلطة على الكذب والتحايل والمناورة. فهذه التقنيات الجديدة ألزمت دولًا "محترمة"، أن تكون أكثر شفافية، وأن لا تُخفي شيئًا عن شعبها.. وإلا ستجده في اليوم التالي، منشورًا "صوت وصورة"، على جميع مواقع التواصل الاجتماعي.

 في هذا السياق العام، ما زالت بعض أحزابنا لا تعترف بالحداثة والتطور، حيث اعتدنا أن لا نسمع من مسئول باسمه وشحمه ولحمه، شيئًا عن أي شيء.. وتُترك مهمة ذلك، لإعلام تافه وجاهل وهزؤ وكاريكاتوري أو للصحف نقلًا عما يُوصف بـ"مصدر مسئول"!!

ولا ندري من هو هذا المصدر المسئول ولا هويته ولا سلطته  ولا ندري لمَ يُخفي اسمه؟ ويظل مجهول الاسم والهوية.. رغم أن الحدث الذي من المفترض انه مصابًا جللًا وينتظره الضمير الوطني العام، لذلك لم تعد أية فرصة للتهرب من استحقاقات الحاضر.  ( المقال استند على  أفكار من الكاتب ألان غريش)