المجهول في الحياة الفلسطينية

المجهول في الحياة الفلسطينية
بقلم/ إبراهيم أبو النجا "أبو وائل"

أحدث الفلسطينيون وقضيتهم عبر قرن من الزمن وقائع كثيرة في العالم تميزوا بها  وأصبحت تشغل بال العالم كله .. فهي قضية إنسانية وقضية سياسية ، وقضية شعب سطا الطغاة على حقوقه وقضية لاجئين بمؤامرة عالمية ، وقضية مظلمة تاريخية وقضية غير مسبوقة تمثلت في طرد شعب من أرضه وإحلال مجموعات لا تجمعهم إلا فكرة الوطن المصطنع بتخطيط وتدبير لطرد أهل هذه الأرض الشرعيين ، والتاريخ والوقائع رصدت ذلك حتى أصبحت قضية العالم اليوم الذي ينشغل بها عبر قرارات عديدة ما زالت تعج بها المؤسسات العالمية .

ولكن كيف عالج الفلسطينيون ذلك ؟ وكيف استطاعوا تسويق قضيتهم لتتصدر المشهد ولم يكن ذلك سهلاً أمام مؤامرة التنكر الكلي .. لقد دأب الفلسطينيون عبر مراحل نضالهم أن يثبتوا حقوقهم بما أقدموا عليه من عمل متعدد وما قدموه من ثمن من أجل ذلك حتى أصبحت آخر قضية يواجهها العالم اليوم .. وآخر شعب محتلة أرضه ، لقد اجترح الفلسطينيون الثورة الفلسطينية المعاصرة وانتزعوا ممثلاً شرعياً لهم ، وقاموا بانتفاضتهم التي دخلت قاموس العالم ، واستحقوا ميلاد سلطة على طريق الدولة التي رفع علمها إلى جانب أعلام شعوب العالم بمجهود  الرئيس / محمود عباس " ابو مازن " .

إن العلاقة التي دأبت عليها الحالة الفلسطينية كانت وستبقى شاهداً على حيوية شعبنا وقواه الحية  التي مثلتها فصائلنا ومؤسساتنا الفلسطينية على اختلاف أسمائها متسلحة بحرية الرأي والفكر وهذا ما تميزنا به في مجالسنا الوطنية وأول مؤسسة  تشريعية انبثقت في يناير 1996م ولأول مرة شهد العالم كله على ميلادها بالانتخاب الحر المباشر .. إنها الديمقراطية الحقيقية والتي في ظلها أصبح الكل الفلسطيني يشعر بالحرية ويتمتع بحق التعبير والانتقاد والاعتراض والتظلم والمراقبة والمحاسبة  لقد كان المجلس التشريعي السابق منبراً  ومكاناً يؤمه المحتجون وأصحاب الرأي والرأي الآخر ... وكان ذلك محط  اعتزازنا وفخرنا حتى إنه في أحيان عديدة شكل في نظر البعض خروجاً عن المألوف وتجاوزاً للحدود ولكن بقيت المسيرة الفكرية وحرية التعبير في تقدم وتزايد وازدهار ، ولا أظن أن أحداً يستطيع أن ينكر ذلك .

لقد طورنا العمل في ظل المجلس التشريعي السابق بأن شكلنا لجنة المتابعة العليا من فصائل العمل الوطني والإسلامي ومؤسسات المجتمع الوطني ومن شخصيات وطنية وازنة دأبت على مواجهة الأخطاء في المؤسسات كافة سياسية وامنية ، وكان ذلك كله في عهد الرئيس الراحل : ياسر عرفات " رحمه الله " وفي عهد الرئيس محمود عباس " ابو مازن " .وكنا سواء في المجلس التشريعي السابق أو في لجنة المتابعة العليا نرفض أن تحرف أساليب عملنا من انتقادات                             ومتابعة ومراقبة تعد عملا تخريبياً ومساساً بجهة قائمة وانتقاماً من شخصيات بعينها حتى أصبح الجميع ينظر إلينا أننا حريصون لا نهدف إلا لتقويم اعوجاج أو إثارة انتباه لتصويب حالة أو برنامج  أو قرار أو حتى تشكيل حكومة أو تصحيح سلوك وزير أو قائد أمني .

سجل لنا ذلك أريحية وشهادة عل الصعيد الداخلي والخارجي وتوج ذلك بإصدار وثائق مهمة على رأسها وثيقة الوفاق الوطني التي أصبحت مرجعية للفلسطينيين كافة يضمنونها حواراتهم وتختم بها قراراتهم وأنجز هذا المشروع الكبير بعد حوار ضم الجميع ولشهور عدة وكانت تلتئم اجتماعاته بمقر الرئاسة الفلسطينية دون تدخل من السيد الرئيس محمود عباس بل بمباركته للتوقيع على الوثيقة من قبل الأمناء العامين للفصائل والشخصيات المشاركة كافة وكان ذلك يوم 26/06/2006م .

ولكن هل هذه الحالة الجميلة التي عشناها وهل هذا الاسلوب الذي اعتدنا عليه  وأصبحنا في مقدمة الدول والشعوب التي تتمتع بهذه الصفات ؟ هل بقيت اليوم كما كانت ؟ 

يؤسفنا أن نقول لا ... فقد تحول الحديث الغيور محط تشكيك وأصبح الانتقاد البناء يشكل جريمة يعاقب عليها صاحبه بدل أن يحمل على محمل الحرص والغيرة على السمعة ... لعلنا نسوق بعضاً منها في سنواتنا السابقة وحتى اليوم .. لقد سجلنا حالات كنا نتمنى ألا تدخل في سجلاتنا وفي ذاكرتنا وهي إهانات فاقت حدود التصور منها ما حدث ليلة 01/01/2008م                        معي شخصياً وبعدها زج بالقيادات الفتحاوية كافة في الزنازين ، وما حدث من تفجيرات لأبواب بيوت قيادات حركة فتح وسجلت ضد مجهول ... وما حدث للأخ المناضل / محمود الزق منذ يومين يعيدنا إلى المربع .. مربع الإهانة .. مربع التآمر .. مربع الانتقام .. فالأخ / محمود الزق " أبو الوليد " هو عضو بارز وقائد من قيادات لجنة المتابعة العليا وكان صوته مدوياً في مواجهة أي محاولة تمس أي قائد من قيادات حركة حماس وهو أمين سر هيئة العمل الوطني وهي مؤسسة أو هي إطار وطني شامل يتابع  الحالة الفلسطينية ويوجه نداءات عديدة للجهات كافة .. وما المؤتمر الصحفي الأخير إلا شاهد على ذلك والذي جاء بعده مداهمة مكتب الدكتور / زكريا الآغا " عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية –رئيس دائرة شؤون اللاجئين – رئيس هيئة العمل الوطني " ثم تم خطف الأخ / محمود الزق "أبو الوليد" وأسئ إليه وكان عملاً مداناً.. وكنا نتمنى أن تقرأ تصريحاته وتحمل على محمل الحرص .. كيف لا وهو أول شبل سجن لدى الاحتلال ولمدة أربعة عشر عاماً أو يزيد ، وبلغ اليوم سن السبعين .. فهل نظل نسمع أن مقترف هذا العمل المدان هو مجهول ؟!!!  وهل يبقى هذا الجيل .. جيل النكبة ..جيل الثورة .. جيل الانتفاضات .. جيل الحروب .. هل يجب عليه أن يبقى مكمم الأفواه ؟ وماذا سيقال عنه وبماذا يوصف من قبل الأجيال الحالية واللاحقة ؟! وفي ماذا يتحدث ؟ وماذا يتناول ؟ هل يتحدث في الطبيخ ؟!!

لم يعد ذلك ينطلي على أحد ... ولذلك لابد من البحث عن هؤلاء المجهولين والاعلان عنهم .. وللأسف إن ما نخشاه أن يصبحوا كثراً ...!!!

يـــــــــا أهــــــل فلسطــــــــــين :

- تراحمـــــــــوا ... وتآلفــــــــــــوا فإن فلسطين بها ما يستحـــــــــق الحيــــــــــــاة ...

والحرية لأسرانا البواسل