قراءات حول مشروع قانون مناهضة العنف ضد المرأة

قراءات حول مشروع قانون مناهضة العنف ضد المرأة
رام الله - دنيا الوطن
مساهمة منه في فتح أبواب الحوار و النقاش حول المسائل الوطنية الحساسة، نظم مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية ندوة حول مشروع قانون مناهضة العف ضد المرأة، من أجل تعزيز حقوق المرأة و حمايتها من العنف بكل أشكاله. شارك في الندوة كل من السيد عماد الخميري عضو بمجلس نواب الشعبرئيس لجنة الحقوق والحريات، السيدة سامية دولة قاضية مكلّفة بمأمورية بديوان وزارة المرأة، السيدة سناء حداد عضو هيئة مشايخ تونس، السيد سليمان الشواشي أستاذ سابق في جامعة الزيتونة وعضو المجلس الإسلامي الأعلى و السيدة منية مزيد نائب رئيس جمعية تونسيات.

استهل السيد رضوان المصمودي الندوة مرحبا بالحضور مثمنا على جهود منظمات المجتمع المدني في تعزيز حقوق المرأة وحمايتها من العنف بكل أشكاله.

أكد السيد عماد الخميري أن تركيز لجنة الحقوق والحريات مُنصبّ على تبويب مشاريع القوانين التي أحيلت إليها وقد أعطيت الأولوية لمشروع قانون مناهضة العنف ضدّ المرأة، و ذلك يعود إلى تأكيد الدستور في المادة 46 على مسألة التزامات الدولة في القضاء على كل أشكال العنف ضدّ المرأة. وقد أشار إلى أن مشروع القانون آنف الذكر تقني وذو طبيعة مضمونية، ويتقاطع مع عديد المجلات القانونية كالمجلة الجزائية، مجلة الطفل، مجلة الأحوال الشخصية ومجلة الشغل، بحيث يحتاج إلى مقاربات قانونية، نفسية، اجتماعية، تاريخية وسلوكية. أكّد السيد عماد على أن اللجنة استمعت إلى وزارة المرأة ووزارة العدل التي بذلت جهدا واشتغلت على المجلة الجزائية. 

حيث وجب التنسيق بين كلتا الجهتين على المستوى القانوني للوصول إلى مقاربات اجتماعية وسلوكية. 

كما تم تنظيم ندوة شارك فيها الدارسون في القانون وعلم الاجتماع ، بالإضافة إلى جمعية النساء الديمقراطيين وجمعية التونسيات والعديد من منظمات المجتمع المدني. وكان الهدف منها  إعطاء اللجنة وجهات النظر المتعددة حتى تستطيع البت في القانون فصلا فصلا وإثرائه وطلب الرؤى النقدية لكل من يهمه الأمر لفائدة اللجنة. 

علما و أن النص يواجه مشاكل عدة ظهرت فيما بعد الثورة كمحتوى العلاقات الأسرية والعلاقات الجنسية التي تمس شرائح في المجتمع التونسي. وفي آخر مداخلته، أكّد أنّه خلال الأسبوع القادم، سيتم التصويت على القانون لتكون تونس حرة وديمقراطية وبلا عنف.

أشارت السيدة سناء حداد إلى أن هيئة مشايخ تونس كوّنت لجنة قانونية متخصصة للخروج برؤية واضحة حول مشروع القانون الذي اعتبرته استحقاقا دستوريا، لا يجب أن يتضمن انحرافات خفيّة. علمل وأنّ مشروع القانون هو قانون أساسي ولكن تضمن تعديلات للمجلة الجزائية ونصوص مستقلة عن المجلة الجزائية. فعلى سبيل المثال، الفصل 227 مكرر يتعلق بمواقعة أنثى بدون عنف حيث تم تخفيض سن الأنثى من 20 عام إلى 18 عام. 

فما هو مبرر هذا التخفيض؟ وهل يبيح مشروع القانون اغتصاب المرأة؟ كما أشارت إلى عدة مسائل كغلق باب الصلح الذي اعتبرته لا يمثل حماية للمرأة، كما أن جريمة الخيانة الزوجية لا يمكن التسامح فيها. 

و فيما يتعلق بحالات تشديد العقاب، فقد تساءلت السيدة سناء عن كيفيّة التمييز بين تأديب الطفل والعنف المسلط ضد الطفل؟ واعتبرته تدخلا واضحا من الجهة التشريعية في العلاقة بين الولي والطفل. 

كما عرضت الفصل 3 الذي يعرف التمييز ضد المرأة هو كل تفرقة بين المرأة والرجال، فهل هذا التخصيص سيؤدي إلى إلغاء أحكام مجلة الأحوال الشخصية كأحكام الميراث، العدة، النفقة؟ و في نهاية كلمتها، أكدت السيدة سناء حداد أن مشروع القانون يقرّ إجراءات غريبة عن خصوصية المجتمع التونسي يجب التعمق فيها قبل المصادقة على القانون.

نوّه السيد سليمان الشواشي إلى أن الاسقاط القانوني لا يمكن أن يتبنى بنية إيجابية باعتبار أن المجتمع التونسي يرفض تغيير نمطه، وبالتالي يجب أن يكون التطور القانوني تطورا "بيولوجيا" تدريجيا. وتناول السيد سليمان مصطلح النوع الاجتماعي الذي استعمل بصفة رسمية من خلال أمر صادر عن رئيس الحكومة سنة 2016، الذي نصَ على إدماج ومقاربة النوع الاجتماعي في التخطيط والبرامج والميزانية. 

فما علاقة هذا المصطلح بالمساواة؟ و أشار إلى أنّه من الضروري بيان المشرع للمصطلحات في مشروع القانون.

ثم قام السيد سليمان بعرض أكاديمي للخلفية الفلسفية والاجتماعية لهذا المصطلح الذي ظهر خلال الخمسينات من القرن الماضي في حقل الدراسات الاجتماعية على يد الانجليزية آن أوكليه، ويعني الجنس من حيث الذكورة والأنوثة من خلال نظرة المجتمع. 

وتخلّت الباحثة عن مصطلح الجنس واعتمدت الأساس الاجتماعي في التقييم بين الذكر والأنثى، أي أن المجتمع هو الذي صنع هذه الفروق وبالتالي يمكن تغييرها وإزالتها والتي تبلغ من التماثل الحقيقي بين الرجل والمرأة. وهذا يعد بعدا خطيرا من أبعاد مشروع القانون الذي يمكن أن يهدد التركيبة الإجتماعية للمجتمع التونسي.