في "30 مارس".. الأرض تحتضنهم وذكراهم مخلدة

في "30 مارس".. الأرض تحتضنهم وذكراهم مخلدة
ارشيفية
خاص دنيا الوطن - إسلام الخالدي
في 30 آذار من كل عام، يحيى الفلسطينيون احتفاءً بيوم الأرض، وتكريماً لروح الشهداء التي قدمت فداءً في مسير الحرية لهذا الوطن، حيث سطر ثلة من أقمارها نموذجاً يحتذي به، ليكونوا رمز شرف وعز ووفاء، باستنكارهم كل ما يفرضه الاحتلال من صراع دامي على الأرض والحرية والأمن والسلام.

يوم الأرض، هو يوم يحييه الفلسطينيون في 30 آذار من كل عام، تعود أحداثه عام الـ 1976م، بعد أن قامت السلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود ذات أغلبية سكانية، وقد عم اضراب عام من المسيرات من الجليل إلى النقب، واندلعت مواجهات أسفرت عن ارتقاء ستة من فلسطينيين وأُصيب واعتقل المئات.

 ويعتبر يوم الأرض حدثاً محورياً في الصراع على الأرض، وفي علاقة المواطنين العرب بالجسم السياسي الإسرائيلي حيث أن هذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الإسرائيلية بصفة جماعية وطنية فلسطينية.

الشهيد رأفت الزهيري

ارتقى الشهيد رأفت في أحداث يوم الأرض في الطيبة عام 1976م، قرابة الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثين من مارس/ اذار، حيث كان برفقة مجموعة كبيرة من الشبان يواجهون أفراد حرس الحدود في منطقة بنك هيوعليم سابقاً، تحديداً منزل أبو نزار الناشف.

وتواجد رأفت زهيري في الطيبة لدى أصدقاء له من المدينة، فشاءت الأقدار باندلاع المواجهات أثناء المواجهات تواجده في الطيبة فانخرط إلى جانب شباب الطيبة وكان أشجهم، لأنه شاب متمرس في مواجهات الجنود لأن الأوضاع في قريته نور شمس تشهد مواجهات أشرس من هذه وباستمرار.

وفي ذكرى يوم الأرض الذي يصادف استشهاده تنطلق أنشودة تكريماً لهؤلاء الشهداء، بصوت ابنة أخ الشهيد هند الزهيري، احتفاء بهم.

الشهيدة خديجة شواهنة

خديجة شواهنة هي احدى الشهداء الستة الذين ارتقوا في احداث يوم الارض في عام 1976وقد خرجت مساءً تبحث عن اخيها الطفل الذي ذهب ولم يعد، حيث التقى بها أحد الجنود عن بعد أمتار وصوب عليها رصاصة أصابت ظهرها، لتستشهد على تراب الأرض الطاهرة، وقد استشهدت في ريعان شبابها عن عمر 23 عاما.

في يوم الحادثة، فرض الجيش حظر التجوال، حيث انطلقت مسيرة من حي الحزين رفضاً لهذا القرار، فقام أخيها الصغير بالركض للمشاركة في المسيرة، فذهبت خديجة أن تلحق به وتعيده للبيت، وبينما كانت تهم بالعودة تفاجأت بالجنود الذين أمروها العودة وعندما استدارت أطلقوا النار عليها واردوها شهيدة وكان عمرها حينئذ 23 عاماً.

الشهيد خضر الخلايلة

 في ليل 29 آذار أقر الجيش قرار حظر التجول، علما أن القرار لم يشمل دوام التعليم بالمدارس، وفي صباح الثلاثين من آذار حوّل الجيش سخنين والحي إلى ساحة حرب حقيقية، وعندما كان الشهيد خضر ( 24 عاما) يقف على شرفة منزله والرصاص يهطل كحبات المطر، سمع صراخ صوت سيدة، هرع لينقذها، فأصيب حينها برأسه.

حيث وضعوه في سيارة خصوصية، وتوجهوا باتجاه مستشفى نهاريا، ليوقفهم حاجز للجيش في منطقة سيغف قرابة الـ 45دقيقة، حينها كان ينزف، ليلفظ أنفاسه الأخيرة قبالة قرية ميعار المهجرة.

الشهيد محسن طه

في ذلك اليوم من عام 1976م، استشهد محسن طه من قرية كفر كنا بعد أن فرض الجيش الإسرائيلي تشديداً أمنياً على الداخل الفلسطيني، وبشكل خاص على تحركات الشبان الفلسطينيين، نزل محسن كبقية الشبان إلى ساحة بلدته الوادعة في كفر كنا، لكنه عاد مع طلقة في رأسه شهيداً.

حاولت عائلة محسن إنقاذه، ولكنه استشهد في الطريق إلى المستشفى، وسلم روحه الوادعة دفاعاً عن موقفه وعن أرضه، بالإضافة إلى خمس شبان اخرين من عرابة وسخنين ونور شمس.

الشهيد رجا أبو ريا

في اليوم الثاني من 30 أذار قبل 40 عامًا، حين قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مصادرة أكثر من 21 ألف دونم من أراضي "المل" بسخنين وعرابة ودير حنا، أهل سخنين رفضوا القرار وشهدت المدينة إضرابًا شاملًا، وحاولت السلطات إفشال هذا الإضراب، وكانت تدور مواجهات عنيفة يوميًا، حيث خرج رجا أبو ريا من منزله رافضاً لقرار حظر التجول.

وفي ليلة المواجهات بين الجنود والأهالي دخل الجنود إلى قرية سخنين، وأطلقوا النار صوب المنازل بشكل عشوائي ودون أي سبق إنذار، ومنعوا خروج الأهالي.

حيث أنه لم يكن يملك أرضًا من تلك التي شملها قرار المصادرة، لكنه كان لا يحب الظلم، ولم يكن هذا يعني أن يستكين أو يصمت على ما يحدث، فخرج يدافع عن جيرانه وأهل بلده ويدافع عن أرضها، وعلى تلة عالية من البلدة، كان يلقي أبو ريا- بعمر الـ28 سنة- الحجارة على جنود الاحتلال، الذين دخلوا على المدينة بالدبابات والأليات، لمواجهة الغضب الشعبي، فأطلق جنود الاحتلال الرصاص عليه وأصابوه برأسه.

وكجرائمهم المستمرة، لم يكتف جنود الاحتلال بإطلاق الرصاص، فتركوه ينزف، وحينما حاول بعض أهالي البلدة إسعافه، منعوهم وأوقفوا سيارة الإسعاف في الطريق، إلا أن المسعفين تصدوا للجنود واستمروا رغمًا عنهم، في ذلك الحين كانت روح أبو ريا ارتقت، وأعلن عن استشهاده فور وصوله للمستشفى، وأعلن أيضاً في تلك الاحداث عن استشهاد خمسة فلسطينين من الداخل بالإضافة للشهيد أبو ريا.