عون: نحن في خطر وبيانات الاستنكار والإدانة لم تعد كافية

عون: نحن في خطر وبيانات الاستنكار والإدانة لم تعد كافية
الرئيس اللبناني ميشال عون
رام الله - دنيا الوطن
رأى الرئيس اللبناني، العماد ميشال عون، أن "خطورة المرحلة تحتم علينا أن نقرر اليوم وقف الحروب بين الإخوة، بجميع أشكالها، العسكرية والمادية والإعلامية والدبلوماسية، والجلوس إلى طاولة الحوار، لتحديد المصالح الحيوية المشروعة لكل فريق، واحترامها، وإلا ذهبنا جميعًا عمولة حل لم يعد بعيدًا، سيفرض علينا".

وألقى عون كلمة لبنان في القمة العربية، وقال: "يطيب لي، بداية، أن أتوجه بالتهنئة الى أخي الملك عبدالله الثاني بن الحسين، على ترؤسه القمة العربية في دورتها الثامنة والعشرين، متمنيًا له التوفيق في هذه المسؤولية التي تكتسب أهمية خاصة في هذه الظروف الدقيقة التي تجتازها الدول العربية.

وأضاف عون: "نلتقي اليوم للتداول بما آلت اليه الأحداث في المنطقة العربية وفي دول الجوار، والتفاعلات الدولية التي انبثقت عنها، وما عسانا نفعل وقد بان عجز الجميع في القدرة على حلها أو الخروج منها، حدا للخسائر الفادحة التي تزداد يوما بعد يوم".

وذكر: "لم آتِ إلى هنا ناصحا ولا مرشدا، إنما جئت متسائلا، فربما نجد في وجداننا الإجابات اللازمة. لذا، سأدع وجداني يخاطب وجدانكم، لعلنا نستفيق من كابوس يقض مضاجعنا".

وأوضح: "كان بودي أن أشعر اليوم بالسعادة عندما أتوجه إليكم مخاطبا، وقدأصبحت واحدا منكم.وكم كنت أتمنى أن أقف أمامكم لأحدثكم عن إنجازاتنا، عن مشاريعنا، عن سبل التعاون بين دول وطننا العربي ومجالات تطويرها..ولكن، مع الأسف الشديد،إن أصوات الانفجارات ومشاهد القتل تطغى على أي موضوع آخر. لذلك لم أستطع أن أنزع من مخيلتي الغيمة السوداء التي تخيم على أجوائنا العربية، ولا اللقاءات السابقة التي كانت في كل مرة تزيد خيباتنا خيبة،وطعم المرارة فينا يزداد مرارة.

وتابع: "حروب، مجازر، دمار، قتلى، جرحى،أوجاع وأنين. من ربح الحرب؟ من خسر الحرب؟ الجميع خاسرون، الجميع قتلى، الجميع جرحى، الجميع متألمون، الجميع جياع يتسولون لقمة العيش، من أجل من نتقاتل، ومن أجل ماذا نقتل بعضنا البعض؟ أمن أجل تحرير القدس والأراضي العربية المحتلة؟ أم من أجل الوطن الفلسطيني الموعود وإعادة اللاجئين؟ وهل في هذه الحروب انتصارات وعلى من؟ وفي أي صفحة من صفحات تاريخنا سنسجل الانتصارات؟ وهل بقيت لنا صفحات بيضاء نكتب عليها، بعدما امتلأت بأسماء ضحايانا واصطبغت بدمائهم؟
ماذا نقول لأهل فقدوا اطفالهم؟ وماذا سنقول لأطفال خسروا اهلهم؟ وهل سيكون لدينا شيء نقوله لهم؟ هل نحدثهم عن حاضر يُدمر أم عن مستقبل يحترق؟".

وقال: "إن العاصفة التي ضربت منطقتنا أصابت جميع أوطاننا، منها من تضرر مباشرة، ومنها من حمل عبء النتائج، ومنها من يقف مترقبا بحذر وقلق خوفا من وصول شراراتها اليه. وقد طالت شظاياها جامعة الدول العربية، لا بل ضربتها في الصميم، فشلت قدراتها وجعلتها تقف عاجزة عن إيجاد الحلول. لذلك، يمكن القول، وبكل ثقة، إننا جميعنا معنيون بما يحصل، ولا يمكن أن نبقى بانتظار الحلول تأتينا من الخارج".

وتابع: "كما أن المادة الخامسة قد حرمت اللجوء الى القوة بين الدول العربية، وشجعت على التحكيم في ما بينها، أما المادة الثامنة فهي تفرض على كل دولة من الدول المشتركة أن تحترم نظام الحكم القائم في الدول الاخرى المنتسبة إلى الجامعة، وتعتبرهحقا من حقوقها، وتتعهد بأن لا تقوم بأي عمل يرمي الى تغييره".

وأضاف أن بيانات الاستنكار والإدانة لم تعد كافية، فالجامعة العربية، وهي المؤسسة الجامعة للعرب، وانطلاقا من مبادئ وأهداف وروحية ميثاقها، وحفاظا على الدول الاعضاء فيها، وإنقاذا لإنسانها وسيادتها واستقلالها وثرواتها، عليها أن تستعيد دورها ومهمتها،دورها الملح اليوم هو في اتخاذ زمام مبادرةٍ فعالة تستطيع أن تؤثر في مجرى الأحداث، وتوقف حمامات الدم، وتطفئ النار المستعرة،دورها اليوم في إعادة لم الشمل العربي، وإيجاد الحلول العادلة في الدول الملتهبة، لتحصين الوطن العربي في مواجهة تحديات المرحلة ومخاطرها". 

وقال: "إن لبنان، الذي يسلك درب التعافي، بعد أن بدأت مؤسساته بالعودة الى مسارها الطبيعي، لا يزال مسكونا بالقلق والترقب، ولم يعرف بعد الراحة والاطمئنان، وها هو اليوم يخاطب وجدانكم"، متابعًا: "صحيح أن شرارة النار المشتعلة حوله لم تصله، ولكنه يتلقى النتائج وينوء تحت حملها، نحن نرى البؤس والألم حولنا، ونحاول أن نمد يد المساعدة قدر الإمكان، ولكن، عندما يتخطى المطلوب طاقتنا، نغرق في أعبائه ويصبح خطرا علينا".

وذكر أنه منذ اليوم الأول للأحداث المؤلمة في سوريا فتحنا بيوتنا ومدارسنا لاستقبال الهاربين من جحيم الحرب. ولكن، منذ اليوم الأول أيضا،كنا نحذر من تفلت الأمور وخروجها عن السيطرة.

للأسف هذا ما حصل، فلبنان يستضيف اليوم، سوريين وفلسطينيين، ما يوازي نصف عدد سكانه، والأرقام الى ارتفاع، وتعرفون أن لبنان بطبيعته وضيق أرضه وقلة موارده هو بلد هجرة وليس بلد استيطان.

وأوضح أن تخفيف بؤس النازحين، وخلاصهم من قساوة هجرتهم القسرية، وتجنيب لبنان التداعيات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية للازدياد المضطرد في الأعداد، لن تكون إلا من خلال عودتهم الآمنة الى ديارهم.

وختم عون: "لطالما كان شرقنا، ووطننا العربي، منبت الحكماء، والعقلاء، والنخب، والرؤيويين، إن المرحلة مصيرية، ولا يمكن أن تواجه إلا بأصحاب العقول النيرة، والقلوب الكبيرة، القادرة على تخطي التفاصيل لمصلحة الوطن العربي برمته".

ولفت إلى أن بلاده، بما له من علاقات طيبة مع جميع الدول، يبدي كامل استعداده للمساعدة في إعادة مد الجسور، وإحياء لغة الحوار، لأن لبنان عاشت حروبا متنوعة الأشكال، ولم تنته إلا بالحوار، معتبرًا أن خطورة المرحلة تحتم علينا، أن نقرر اليوم وقف الحروب بين الإخوة، بجميع أشكالها، العسكرية والمادية والإعلامية والدبلوماسية، والجلوس إلى طاولة الحوار، لتحديد المصالح الحيوية المشروعة لكل فريق، واحترامها، وإلا ذهبنا جميعا عمولة حل لم يعد بعيدا، سيفرض علينا، على حد تعبيره.


 


التعليقات