الأردن يتطلع إلى تحويل أزمة اللاجئين إلى نعمة اقتصادية

الأردن يتطلع إلى تحويل أزمة اللاجئين إلى نعمة اقتصادية
رام الله - دنيا الوطن
في فبراير من العام الماضي، اتفق الأردن والمجتمع الدولي على اتباع نهج جديد جذرياً إزاء أزمة اللاجئين السوريين. فبدلاً من اعتبار اللاجئين عبئاً لا يمكن تخفيفه إلا من خلال المساعدات الإنسانية، وصفهم الاتفاق الجديد بأنهم "فرصة إنمائية" يمكن أن تفيد الاقتصاد الأردني بأكمله، إذا توفرت لهم مستويات كافية من الاستثمار والإصلاحات الهيكلية.

وقوبل العقد مع الأردن بالترحاب باعتباره مخططاً محتملاً للبلدان المضيفة الأخرى التي تبحث عن سبل للحد من اعتمادها على مصادر المساعدات المتناقصة والتحول نحو استجابة إنمائية تساعد اللاجئين على الاعتماد على أنفسهم.

ووفقاً للبنك الدولي، الذي يساعد على تمويل تنفيذ الاتفاق، فإنه "فوز مضمون للأردن"، ولكن بعد مرور أكثر من عام، لا يزال الأردن يكافح من أجل ترجمة نهجه جديد إلى مزيد من الفرص الاقتصادية للسوريين أو الأردنيين.

يتمتع هذا البلد الصغير، الذي يفتقر إلى الموارد ويبلغ عدد سكانه 9.5 مليون نسمة - من بينهم ثلاثة ملايين أجنبي، وفقاً لتعداد عام 2016 - بتاريخ طويلل من استيعاب النازحين في المنطقة. وبدءاً من عام 1948، رحب الأردن بموجات من الفلسطينيين، ثم جاء العراقيون في تسعينيات القرن الماضي والعقدد الأول من القرن الحالي. وقد أضاف كل تدفق المزيد من الوظائف والسيولة النقدية والتنوع إلى الاقتصاد.

لكن وصول ما يقرب من مليون لاجئ سوري خلال السنوات الخمس الماضية (657,000 منهم مسجلون حالياً لدى مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين) جعل استيعابهم أكثر صعوبة. والمسألة ديموغرافية جزئياً، إذ جاء العديد من اللاجئين السوريين في الأردن من المناطق الريفية الفقيرة في جنوب سوريا، على النقيض من العراقيين الأثرياء الذين توافدوا إلى هنا منذ عقود. في الوقت نفسه، فإن الحرب في سوريا وإغلاق الحدود مع كل من سوريا والعراق قد أثرا سلباً على التجارة، وأصابا اقتصاد التصدير الأردني بالشلل، مما زاد من صعوبة استيعاب الأعداد الكبيرة من الوافدين الجدد المعوزين.

ولم تساعد حقيقة أن السوريين مُنعوا إلى حد كبير من العمل بشكل قانوني في التغلب على التباطؤ الاقتصادي في الأردن. يهدف هذا الإجراء إلى حماية الوظائف الأردنية في سوق راكد يعاني من معدل بطالة يبلغ 15.8 بالمائة (أي ضعف معدل البطالة بالنسبة للشباب)، ولكنه أبقى مئات الآلاف من السوريين معتمدين على المعونة والعمل غير الرسمي بأجور متدنية. وقد أدى ذلك إلى خفض الأجور وخروج العديد من الأردنيين من سوق العمل، الأمر الذي أسفر عن انخفاض الإيرادات الحكومية من الضرائب ومدفوعات التأمين الاجتماعي التي يسددها أصحاب الأعمال.

وقد مهد العقد مع الأردن، الذي تم التوصل إليه خلال مؤتمر رئيسي للمانحين في لندن في فبراير 2016، الطريق لحصول الأردن على 1.7 مليار دولار في صورة منح وقروض منخفضة الفائدة وتعهدات من جانب المجتمع الدولي، مقابل فتح سوق العمل الأردني أمام اللاجئين السوريين. وبالاضافة إلى التمويل، تلقى الأردن وعوداً بإعفاء تجارته مع الاتحاد الأوروبي من الرسوم، مقابل إصدار ما لا يقل عن 200,000 تصريح عمل للسوريين. وإلى أن يتم بلوغ هذا الهدف، يمكن للشركات التي تقع في 18 منطقة اقتصادية خاصة في جميع أنحاء الأردن الوصول بشكل تفضيلي إلى سوق الاتحاد الأوروبي من خلال منح السوريين 15 بالمائة من الوظائف في العامين الأولين و25 بالمائة بعد ذلك.

وبعد عام، حصل الأردن على تمويل بقيمة 923.6 مليون دولار، منها 147 مليون دولار في صورة قروض من البنك الدولي، وتحويل نقدي من الولايات المتحدة في ديسمبر 2016 بلغت قيمته نحو نصف مليار دولار. ولكن النتائج المرجوة لم تتحقق بعد. وقد أصبحت تصاريح العمل متاحة على نطاق واسع للسوريين اعتباراً من أبريل 2016، ولكن بحلول فبراير 2017، تم إصدار 38,516 تصريحاً فقط، وفقاً لوزارة العمل الأردنية.

التعليقات